المدعي العام الاميركي اريك هولدر

يبدو ان الولايات المتحدة رغم اخفاقاتها الدبلوماسية ما زالت تفرض قانونها الاقتصادي عبر العالم حتى انها تسعى لتوسيع حقل تحركها مع المجازفة في اثارة بعض الغضب.

والمؤشر الابرز على ذلك حالة مصرف بي ان بيه-باريبا. فبعد مفاوضات مطولة  فرض على المصرف الفرنسي دفع غرامة بقيمة 8,9 مليار دولار لصفقات اجريت خارج الولايات المتحدة لكنها ارتكبت مخالفة بالتعامل مع بلدان يفرض عليها حظر اميركي مثل ايران والسودان وكوبا.

واستخدام الدولار وحده سمح للسلطات الاميركية بان يكون لها حق ابداء الرأي وفرض غرامة قياسية على المصرف مما اثار غضب السلطات الفرنسية.

واخر الاصوات التي علت كان لرئيس الوزراء الاسبق ميشال روكار الذي ندد ب"تجاوز للسلطة" في مقالة نشرتها صحيفة لوموند حيث انتقد الولايات المتحدة لقيامها بنوع من "الاحتلال" الاقتصادي يرتكز على مبدأ امتداد تطبيق معاييرها خارج الحدود الوطنية.

وقال فرهاد علوي وهو محام في واشنطن متخصص في المسألة بلهجة اكثر اعتدالا لوكالة فرانس برس "ان العقوبات الاقتصادية تحولت من رد على اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 الى اداة اكثر شمولية للسياسة الخارجية".

وثمة ملف اخر يثير بعض الاستياء. فمنذ بداية تموز/يوليو وبدء العمل بقانون الضرائب للحسابات الاجنبية (فاتكا) يحق للولايات المتحدة مطالبة عشرات الاف المصارف بمعلومات مفصلة على حسابات رعاياها في الخارج.

 وهذه الحملة لمكافحة التهرب الضريبي ايدتها دول عديدة لكنها تعرضت ايضا للانتقادات لنزعتها الاحادية الجانب.

واقر باسكال سانت امانس المكلف مكافحة الجنات الضريبية في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لكنه مدافع متحمس عن القانون لوكالة فرانس برس "ان النزعة الاحادية الجانب ليست امرا استثنائيا".

وفرض القوانين الاميركية ابرز ايضا مدى جبروتها في ملف الدين الارجنتيني.

فقد فرض  القضاء الاميركي الذي بت خلافا مرتبطا بافلاس البلاد في 2001، لتوه على بوينس ايرس تعليق الدفع لدائنيها طالما لم تبدأ بتسديد ديون صندوقين استثماريين للمضاربات.

وهذا المنع الذي لا يفترض ان يشمل حكما سوى سندات الدين الارجنتيني الصادرة في نيويورك، قد يمتد في الواقع ليشمل السندات الصادرة تحت القانون البريطاني وباليورو ولا تمت بصلة مع الولايات المتحدة.

لكن بعض صناديق الاستثمار التي تخشى هذا السيناريو طلبت "توضيحا" من القاضي الاميركي المكلف الملف. وجاء في مذكرتهم التي اطلعت عليها فرانس برس "ان على هذه المحكمة ان توضح ان اوامرها لا تشمل دفع السندات المحررة باليورو".

وراى جورج اوغو نائب رئيس بورصة نيويورك السابق ان الاميركيين يرسلون من خلال هذه الملفات الثلاثة رسالة "واضحة جدا" تقول "+حذار من اللعب معنا+".

واعتبر هذا الخبير ان القوة الاقتصادية الاولى في العالم ما زالت تتمتع "بنفوذ هائل" بفضل الدولار الذي يعد عملة الاحتياط الرئيسية في العالم.

اما السلطات الفرنسية التي اغضبتها قضية بي ان بيه باريبا فدعت اوروبا الى حشد الطاقات للدفع "قدما" في استخدام اليورو.

وفي هذا السياق اعتبر رئيس مجموعة توتال النفطية الفرنسية كريستوف دو مارجوري مؤخرا ان "لا شيء يمنع" دفع فواتير النفط باليورو في حين يهيمن الدولار حاليا على سوق المواد الاولية.

وتوسيع نطاق قوانين الولايات المتحدة الذي ما زالت تعترضه صعوبات في بلوغ الصين، قد يشهد انتكاسات اخرى. فاذا تبين ان القوانين الاميركية "ملزمة" جدا فان المستثمرين قد ينزعون الى تحويل" انشطتهم الى اسواق اخرى على ما اكد باري بوسوورث الخبير الاقتصادي لدى مؤسسة بروكينغز.

لكن في الولايات المتحدة لا تبدو وزارة الخزانة ولا اوساط الاعمال قلقة من تحول مفاجىء للتوجه على حساب الورقة الخضراء.

وراى اوغو انه لا يوجد توازن في القوى. فقال "لا يوجد اجماع اوروبا امام الولايات المتحدة ويجب ان لا يغرب عن البال ان اليورو كان مهددا بالزوال قبل بضعة اشهر فقط".