واشنطن ـ وكالات
في ضباب الذاكرة الفيلم: In the Fog إخراج: سيرغي لوزنتسا الحرب العالمية الثانية | روسيا 2013 تقييم: (1*) (من خمسة) أحد إخفاقات السينما الروسية الحديثة، غياب المنحى النقدي لروسيا اليوم كما كان الحال حين انبرى عدد من السينمائيين الروس خلال الحقبة الشيوعية. آنذاك، شهدنا أفلاما كثيرة يمكن ضمـها إلى صف المعارضة حتى وإن كانت تلك التسمية أكبر من الواقع المشهود آنذاك. مخرجون أمثال أندريه تاركوفسكي ولاريسا شوبتكو وسيرغي باراجانوف. اليوم، هناك حريـة في تناول المواضيع، لكننا نادرا ما نجد أعمالا ترغب في نقد سياسي أو اجتماعي كما كان الحال - ولا يزال - في السينمات الغربية.«داخل الضباب»، ينتقل إلى الحرب العالمية الثانية، ومع أن الفيلم يوجـه نقدا لمفاهيم اجتماعية وعسكرية محددة، إلا أنها لا تترك أثرا كبيرا في يومنا هذا، كونها تلتصق بتلك الفترة. موضوعه هو اتهام الجيش الروسي لأحد عمال النفط، واسمه سوشنيا، بالتعامل مع العدو النازي في بروسيا. تهمة لا سند لها، بل مجرد شبهة ناتجة عن قيام النازيين (قبل بدء أحداث الفيلم) بإخلاء سبيله حين تم القبض عليه، على عكس زملاء ورفاق له تم إعدام بعضهم. هذا ما يدفع الإدارة العسكرية لإيفاد ضابط ومساعده للقبض على سوشنيا (يقوم به فلاس إيفانوف الذي لعب دورا رئيسا في الفيلم الروماني «4 أشهر، 3 أسابيع ويومان»). وإذ يـساق سوشنيا من قبل العسكريين بوروف (فلاديسلاف أباشين) وفويتك (سيرغي كوليسوف) في الغابات المكتظـة، يتعرضون لإطلاق النار ويـصاب بوروف، مما يحمل سوشينا على العناية به. لا يمكن إلا تذكــر فيلم لاريسا شوبتكو «الصعود» الذي قامت بتحقيقه سنة 1977 (آخر أفلامها قبل رحيلها بسنوات قليلة ونال ذهبية مهرجان «برلين» آنذاك) الذي يدور حول جنديين روسيين ألقى الجنود الألمان، في الحرب ذاتها، القبض عليهما. أحدهما، حبـا في الحياة يقبل التعاون فيعيش. الثاني يرفضه فيتم تنفيذ حكم الإعدام عليه. شوبتكو حينذاك سألت: هل يحق لأحد اعتبار الناجي خائنا لمجرد أنه أراد الحياة. سؤال غير طبيعي في إطار النظام السوفياتي. في فيلمنا الجديد (الذي يشهد عروضه الأوروبية لأول مرة حاليا) ثلاثة مشاهد استرجاع (فلاش باك) ترمي لتقديم كل واحد من هذه الشخصيات على حدة. لكن ذلك يعرقل سرد الحكاية الأم عوض إفادتها. حسنات هنا محض بصرية، بينما السرد البطيء غير ناتج عن ثراء في التأمـل النفسي أو عن دراما تحتاج إلى وقت لكي تتشبـع وتثري. في النهاية، هو جدال فكري كان يحتاج لمعالجة أفضل من تلك التي وفـرها المخرج في ثاني أعماله. * عن التعامل مع العدو * الموضوع حسـاس، لدرجة أن السينما العربية لم تتطرق إليه في تاريخها إلا من زاوية الحكم على المتعامل بالخيانة. حكم يجد سريعا موافقة شعبية، لكنه غير كاف لطرح مواقف عميقة إنسانية فردية أو مجرد سياسية. في الغرب، هناك نحو مائة فيلم مختلف حول الموضوع، من بينها فيلم جان - بيير ملفيل «جيش من الظلال» (1969)، وفيلم روبرتو روسيلليني «روما مدينة مفتوحة» (1945)، وفيلم جوليان أرمسترونغ البريطاني «شارلوت غراي» (2001). لكن «الصعود» للاريسا شوبتكو و«ماما أنا حي» للألماني كونراد وولف (كلاهما سنة 1977) يبقيان أفضل ما تطرق إلى الموضوع.