لندن _ مصر اليوم
حذر علماء من أن جيشا من أنواع من الكائنات الحية يستعد لغزو الممرات المائية في بريطانيا من تركيا وأوكرانيا.
فخلال الأسابيع الماضية فقط، اكتشف وجود القواقع المعروفة باسم “محار الكواغا” في أحد الأنهار قريبا من العاصمة البريطانية لندن.
بينما يستوطن ما لا يقل عن 10 أنواع أخرى في هولندا، وهناك “خطورة كبيرة” في تحرك تلك الأنواع نحو القنوات المائية في بريطانيا.
ويتخوف العلماء أيضا من أن تنتشر تلك الأنواع الجديدة من الكائنات المائية، بما فيها الروبيان القاتل، بشكل سريع وتقضي على الأنواع الأصلية الأخرى في الممرات المائية في بريطانيا.
ونشرت تلك الدراسة، التي أجراها فريق بحث من جامعة كيمبريدج، في مجلة “علم البيئة التطبيقي”.
وعكف فريق البحث في هذه الدراسة على دراسة 23 نوعا من تلك الأنواع التي غزت الممرات المائية في بريطانيا قادمة من البحر الأسود وبحري آزوف وقزوين.
ويعتقد أن تلك الكائنات قد انتشرت في أوروبا خلال الأعوام الأخيرة نتيجة لبناء إحدى القنوات وهو ما سهل تحركها خارج بيئاتها الأصلية.
ويستوطن على الأقل الآن 14 من تلك الأنواع في نهر الراين والموانئ الهولندية، بينما عبرت مؤخرا أربعة أنواع أخرى، بما فيها الروبيان الأحمر المفترس، بحر المانش واستوطنت في بريطانيا، ومن المتوقع أن تتبعها مجموعات أخرى.
وبالتالي فبريطانيا، طبقا لأصحاب الدراسة، تواجه “غزوا على نطاق واسع” من تلك الأنواع.
وقال ديفيد آلدريدج، أحد المشاركين في هذه الدراسة: “أعتقد أن هذا الأمر قد بلغ مرحلة حرجة، حيث كنا نتابع تلك الأنواع وهي متجهة نحونا من المنطقة المتاخمة للبحرين الأسود وقزوين خلال الأعوام العشرين الماضية أو ما إلى ذلك، وتندمج تلك الأنواع حاليا داخل النظام البيئي لنهر الراين.”
وأضاف قائلا: “نعتقد أن هذه الأيام بالتحديد شهدت وصول محار الكواغا، لذا فإننا مقبلون على مرحلة نشهد فيها اندماجا بين الأنواع بعد هذا الغزو.”
وأكد آلدريدج اكتشاف محار الكواغا في نهر “رايسبيري” في وقت سابق هذا الشهر.
ويتسبب هذا النوع من المحار في الإجهاز على الأنواع الأصلية المستوطنة لنظام بيئي ما، إلى جانب تسببه في إلحاق أضرار بالغة من خلال سد القنوات المائية وإلحاق أضرار بهياكل السفن وبوابات إغلاق الممرات المائية.
وكما هو الحال مع المحار، فإن الكائنات الحية الأصلية الأخرى أيضا تقع تحت دائرة التهديد من قبل الكائنات الغازيَة، بما في ذلك الأسماء المخيفة لتلك الأنواع، من قبيل “القاتل” و”الشيطان” و”الروبيان الأحمر المفترس”.
ومما يدعم أعمال الغزو التي تقوم بها العديد من تلك الأنواع هو ما يحدث من تفاعلات متبادلة فيما بين بعضها البعض.
وأضاف آلدريدج: “في الحقيقة أن الروبيان القاتل يستفيد فعليا من محار الزيبرا. حيث يحصل على مأوى مناسب له بالعيش داخله والاقتيات على فضلاته أيضا. كما أن هناك ارتباطا وثيق الصلة بين ذلك الروبيان، حتى من خلال انحناء جسمه الذي يحاكي بخطوطه خطوط محار الزيبرا، لذا فيمكنهم أن يختبئوا بشكل جيد بين رفقائهم من الغزاة.”
وتؤدي تلك المنافع المتبادلة إلى استكمال السلسلة الغذائية، حيث تتبع أنواع أكبر حجما مثل سمك القوبيون الطريق الذي يسير فيه هذا النوع من الروبيان. لذا فإن تلك الأنواع الغازيَة تمثل تهديدا خطيرا على أنواع الكائنات الحية الأصلية في بريطانيا، مثل سمك البلهيد الذي يواجه خطرا حقيقيا بالفعل.
الرياضات المائية
ويقول الباحثون أيضا إن تلك الأنواع تنتقل أيضا في المياه المخزنة داخل هياكل السفن، كما تنتقل أيضا في نباتات الزينة.
كما أن الفعاليات الدولية للرياضات المائية والصيد لها دور في عملية انتقال الأنواع تلك، حيث يمكن لهذه الكائنات أن تبقى على قيد الحياة لأسابيع خارج الماء في أماكن رطبة.
وتواجه الممرات المائية في بريطانيا كلها خطر غزو تلك الأنواع، حيث يرى آلدريدج أنه قد يأتي يوم “نجد فيه أن 90 في المئة من الكتلة الحيوية في المياه تمثل من مستوطنات غير أصلية، وهو ما حدث بالفعل في أجزاء من غرب أوروبا.”
ويمكن لهذا الأمر أن يكون له تأثير اقتصادي خطير أيضا.
وقالت سارة تشير، من وكالة البيئة البريطانية، إن “الأنواع التي تغزو بيئات مائية مختلفة مثل محار الكواغا تكلف الاقتصاد البريطاني ما يصل إلى 1.8 مليار جنيه استرليني كل عام”.
وتظهر نماذج الباحثين أنه من المحتمل أن تكون هناك أربعة أنواع أخرى استوطنت في بريطانيا، على الرغم من أنه لم يجر تأكيد ذلك بشكل رسمي بعد.
إلا أن ما يبعث العلماء على القلق هو السرعة المتزايد لتلك الكائنات. فمع بداية القرن العشرين، كان انتقال نوع واحد من هولندا إلى بريطانيا يستغرق فترة تصل إلى 30 عاما. أما خلال العقد الأخير، انخفضت تلك الفترة لتصل إلى خمس سنوات فقط.
وعلقت بيليندا غالارادو، التي تعمل حاليا في محطة دونيانا البيئية في اسبانيا وشاركت في هذه الدراسة قائلة إنه و”نتيجة للعولمة وتزايد معدلات السفر والشحن البحري، فإن معدلات غزو تلك الأنواع للمرات المائية في بريطانيا لا تزال في تسارع، وهو ما كان يمثل تهديدا خطيرا للمحافظة على النظام البيئي المائي في بريطانيا.”
وأضافت قائلة: “يجب أن يكون هناك تبادل للمعلومات بين الدول مع بعضها البعض للكشف المبكر عن ذلك النوع من الغزو، ومن ثم يجري تقييم المخاطر بطريقة أسرع.”