توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان: بين البطالة السياسية والحروب الأهلية العربية

  مصر اليوم -

لبنان بين البطالة السياسية والحروب الأهلية العربية

طلال سلمان

كشفت البطالة السياسية التي يعيشها لبنان من دون رأس لدولته، أو ربما من دون دولة تقريباً، حالة العجز الفاضح التي تسود في معظم الدول العربية التي كانت تهتم لأمره لأنه بتميزه شهادة لها في حرصها على التنوع والتعدد داخل الهوية القومية الواحدة.. وعلى رضا «المجتمع الدولي» الذي أقام «الكيان»..

ذلك أن انكشاف لبنان يعني، مباشرة، أن العرب، بدولهم العديدة، سواء تلك المؤثرة بموقفها السياسي أو تلك المؤثرة بثروتها، قد فقدوا عناصر القوة معنوياً وانشغلوا بهمومهم الثقيلة التي وصلت حد الانخراط في حروب في الداخل (كما في سوريا والعراق وليبيا وتونس..) أو في الجوار القريب ومن دون مبررات مقنعة (كما حال السعودية في اليمن)، أو في البعيد (كما السعودية وقطر في سوريا)... فضلاً عن أن مصر التي كانت تلعب دور المرجعية المسلم لها بالدور القيادي في الماضي مشغولة الآن بمشكلاتها الداخلية التي عنوانها اقتصادي، وإن كان غياب الحياة السياسية فيها يزيد الوضع صعوبة ويعطل دورها العربي إلى حد كبير..

لقد اندثر العمل السياسي في الأرض العربية، مشرقاً ومغرباً، ليملأ الفراغ «الإرهاب» بتنظيماته وتشكيلاته المسلحة التي تعاظمت قدراتها لأن «الأنظمة» التي احتكرت العمل السياسي قد فرضت على شعوبها حصر اهتمامها بلقمة العيش والابتعاد عن الشأن العام و «وجع الرأس».

أليس لافتاً هذا الفراغ المفزع في الشارع العربي حيث لا أحزاب ولا قوى سياسية ولا نقابات عمالية ومهنية، بعدما قمعت جميعاً وأفرغت من قوتها التمثيلية، ولم يتبقَّ إلا النظام وحيداً. في حين برزت وتقدمت نحو السيطرة على «الشارع» التنظيمات العسكرية والميليشيات المسلحة، الطائفية منها والمذهبية ثم العنصرية؟!

تحولت الميادين في المدن العربية العريقة إلى جبهات قتال، وصارت الشوارع الموصلة بين الأحياء أو بين المدن، في البلد الواحد، إلى خنادق موت، وانفتحت في جدران البيوت التي كانت آمنة أو «مطهرة» من السياسة، فوهات للقنص والقتل المجاني لأعداء متوهمين، بينهم أسر تبحث عن مأوى يقيها مخاطر الموت بالصدفة وأطفال مشردون يطلبون طعاماً في ركام النفايات!

انكشفت حقائق كانت مطموسة أو مموهة أو مسكوتاً عنها بالخوف أو التواطؤ، فإذا النظام قد استبطن الوطن فألغاه، وإذا «الحاكم» قد تحول من رمز إلى خرافة، ومن «قائد لمسيرة التقدم نحو الاشتراكية والوحدة والحرية»، أو إلى العزة والكرامة والسيادة، إلى بطل للحرب الأهلية في مواجهة جموع الغاضبين من أبناء شعبه الذين كانوا «رعايا» فتمردوا ولكنهم لم يصيروا «مواطنين» لأن «الوطن» مغيب، أو موضع إعادة نظر، خصوصاً وأن «الهوية» لم تعد رابطة تجمع في أفيائها المختلفين في أصولهم أو في منابت انتماءاتهم التاريخية!

صار لبنان ثلاثة أو أربعة أو خمسة لبنانات، بذرائع طائفية تستبطن نوعاً من الانفصال على شكل كانتون ينتخب نوابه، باستقلال عن سائر الكانتونات.

.. وصارت سوريا الواحدة الموحدة كدولة منذ تسعين عاماً، والتي كانت «قلعة قومية» وملاذاً للمحرومين من أوطانهم أو المحرومين في أوطانهم، عشر سوريات أو ربما خمسة عشر «وطناً» لخمس عشرة أقلية صيّرت ذاتها أو صيّرتها «الدول» مشاريع دول منفصلة عن «دولتها ـ الأم»، بل ومعادية لها..

أما العراق فقد تمزق جهات بطوائف وعناصر مقتتلة، لا هي قادرة على الانفصال تماماً، ولا هي مؤهلة بعد حروب الطوائف والمذاهب لأن تبقى دولة واحدة وموحدة... خصوصاً وأن تجربة الأكراد في الشمال اتخذت طابعاً من التحدي و «الاستكبار» على المركز بفضل المساندة الدولية التي لم تغب عنها إسرائيل.. وهو استكبار يشابه في مضمونه قاعدة لبنانية تقول بأن حقي حقي وحقك حقي وحقك..

.. وأما إمارات الخليج التي لم تكن، في أي يوم، متحمسة للتوحد، لأن ذلك سيخضعها للمملكة المذهبة، فقد اضطرت إلى الانخراط ـ مرغمة ـ في حرب من طرف واحد ضد الدولة الأفقر في شبه الجزيرة العربية، أي اليمن... وهكذا انتبهت متأخرة إلى أنها تساهم في تدمير التاريخ في تلك الأرض التي شهدت فجر الحضارة الإنسانية، والتي بذل أبناؤها الفقراء عرق الجهد في البناء والإعمار مساهمين في تحويل هذه المشيخات إلى دول، فإذا مكافأتهم ـ بعد الطرد واستبدالهم بعمال آسيويين ـ تدمير بلادهم العريقة والسابقة إلى الحضارة ورمزها الدولة، وإذلالهم بالتجويع.

حلت التشكيلات المسلحة محل الأحزاب والنقابات وهيئات المجتمع المدني، صارت هي السلطة ومصدر القرار، بل هي «الشعب» وممثلة إرادته بصواريخها ومدافعها.. واحتكرت مجال العمل السياسي خصوصاً وقد وجدت «دولاً» شقيقة (أو عدوة لا فرق) تدعمها... واندثرت الصيغ القديمة للعمل الوطني (الأحزاب ذات العقائد) ولم يعد لها من وظيفة بعدما طغى صوت الرصاص فعطل العقول وأسقط البرامج ومحاولات المصالحة بين الأخوة الذين تحولوا إلى أعداء..
فمن أين يأتي الغد الأفضل؟!

ذلك هو السؤال العربي الكبير الذي لا يجد من يجيب عليه! ذلك أن المؤهلين للإجابة قد هاجروا أو هلكوا أو التهمهم اليأس..
مع ذلك سنبقى متمسكين بالأمل.. ولولا حب الوطن لخرب بلد السوء، كما قال الخليفة عمر بن الخطاب، ذات يوم مضى..

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان بين البطالة السياسية والحروب الأهلية العربية لبنان بين البطالة السياسية والحروب الأهلية العربية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon