توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حروب الإخوة تدمّر الأمة بأقطارها جميعاً

  مصر اليوم -

حروب الإخوة تدمّر الأمة بأقطارها جميعاً

بقلم طلال سلمان

لم يسبق أن عاش «العرب» هذا المسلسل من الحروب الأهلية أو الحروب في ما بين دولهم كالذي يعيشونه الآن، مدمراً أحلامهم بالوحدة أو طموحاتهم إلى حياة لائقة في بلدانهم. تستوي في ذلك الدول الغنية بمصادر الثروة التي وفرتها الطبيعة (نفط وغاز) أو تلك المؤهَّلة لأن تبني شعوبُها أوطانَها بجهدها وعرق الجبين.

سقطت «الأخوة» و «وحدة المصير» تحت سنابك الدبابات أو صريعة قذائف المدفعية أو الصواريخ بعيدة المدى عظيمة التدمير.

اندثرت جامعة الدول العربية بلا وداع، بعدما أسهمت بعجزها عن أن تكون «جامعة» أو «رابطة»، فضلاً عن أن تكون مشروع اتحاد أو وحدة بين الدول التي انضوت في عضويتها توكيداً للهوية الجامعة والأمل في تقارب يوصل إلى تكامل أو اتحاد فيدرالي أو كونفيدرالي أو «مجلس تعاون» بين الأغنياء والفقراء بدافع من روابط الأخوة والمصالح المشتركة وطلباً لمنعة دولها وتحصينها في وجه المشروع الإسرائيلي الذي يتبدى وكأنه قد بنى «الدولة الوحيدة» في هذه المنطقة... وهي تكاد الآن تعطل أي توافق عربي ولو بالحد الأدنى.

هي الحرب على الذات حيثما التفت مشرقاً ومغرباً.. أحياناً تتخذ شكل الحرب الأهلية وفي أحيان أخرى الحرب بين «قطرين» أو أكثر، وفي حالة اليمن اندفاع مجموعة دول عربية، بعضها بلا تاريخ، وبعضها الآخر طالما قاتل العروبة بالإسلام، إلى شن الحرب، وبأعظم الأسلحة فتكاً على أفقر دولة عربية وأشدها بؤساً.

هي الحرب على الذات التي تحوّل إسرائيل من عدو لجميعهم إلى حليف لبعضهم ضد البعض الآخر... وهذا ما تؤكده التطورات الحربية التي تشهدها دول عربية عدة.

إذا صار الأخ الشقيق هو العدو المبين فمن المنطقي أن تتحول إسرائيل إلى حليف، وأن تصير الولايات المتحدة الأميركية المرجعية العليا، وأن يبادر الاتحاد الروسي إلى نصرة من حالفه من الأنظمة العربية لحفظ حصته في الكعكة.. ففي السياسة عموماً، والسياسة الدولية بالذات، لا مجال للعواطف بل المصالح هي المرجع والأساس في تحديد السياسات.
من الصعب الآن رسم خريطة للوطن العربي إلا بدماء أبنائه...

ومن الأصعب أن تتخيل مستقبلاً مقبولاً لأية دولة من دول هذا الوطن العربي، الذي كان حلماً فحوّله حكّام دوله إلى جحيم.
حيثما التفت تطالعك أنهار من دماء الأهالي الفقراء، وآلاف الخيام المقامة عشوائياً داخل بعض الدول أو في الدول المجاورة، تحتضن مئات الآلاف وربما الملايين من الهاربين من جحيم الحرب في أوطانهم إلى أي مكان ولو في أعماق البحر الأبيض المتوسط، أو على بر أستراليا وصولاً إلى المحيط المتجمد الشمالي.

وعلى سبيل المثال، فإن حيرة المواطن اللبناني حول مستقبل دولته أخذت تدفعه إلى ترحيل أبنائه إلى أي مكان في أميركا أو أوروبا أو أفريقيا، لكي يطمئن إلى سلامتهم فضلاً عن الاطمئنان إلى مستقبلهم، ولو بعيداً عنه وعن الوطن وأرزته الخضراء.

أما سوريا فإن ملايين من أهلها خرجت ولن تعود، أقله في المدى القريب، إلى وطنها الذي كان نموذجاً للاستقرار، ولو في قلب كفاية أقرب إلى الفقر.. باستثناء تلك القلة من المستفيدين من السلطة التي تعرف من أين تؤكل الكتف ومعه العنق، وكل ما له قيمة في بلاده..
وأما العراق، أرض السواد، الذي كان ذات يوم يسمى «بروسيا العرب» فإعادة بناء دولته تكاد تضيع هباء في مشروع حرب أهلية، اللهم إلا إذا انتبهت قياداته فعملت على توحيد شعبه لمواجهة الخطر المصيري على البلاد والعباد ممثلاً بـ «داعش».. بينما الأقرب من الأشقاء يشمتون بشعبه انتقاماً لحكم بائد فيه استقوى عليهم فحاول اجتياحهم.

الجديد في المخاطر اندفاع الدول الغنية المتجمعة في مجلس التعاون الخليجي إلى فرض سيطرتها، بالقوة، على جوارها شرقاً وغرباً (نموذج الحرب على اليمن والخلافات المتفجرة التي تكاد تكون حرباً على العراق وحرباً فعلية على سوريا مع شيء من التمدد إلى لبنان).

إن «بلاد الخير» قد تحوّلت إلى بلاد الحرب على أشقائها: مرة تقاتلهم باسم الإسلام، فإذا لم تنجح حاربتهم باسم العروبة، فإذا لم تنجح قاتلتهم باسم مكافحة الإرهاب، كما يحدث مع لبنان الآن.

إن الطموحات الملكية إلى التوسع وفرض الهيمنة على الأشقاء تكاد تتسبّب في تدمير الوطن العربي جميعاً.. والمستفيد الأول والأخير هو العدو الإسرائيلي الذي يتخذ الآن موقع حليفها (موضوعياً)، ولم يعد يداري بإعلان فرحته بهذا الحليف الجديد، الغني جداً، والقوي بأسلحته الحديثة، وهو يوفر عليه أن يشن الحروب لفرض هيمنته على هذه المنطقة التي أضاعت طريقها إلى مستقبلها وتكاد تخسر حروبها ضد أهلها لتنتهي مستعمرة تحت هيمنة العدو الإسرائيلي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حروب الإخوة تدمّر الأمة بأقطارها جميعاً حروب الإخوة تدمّر الأمة بأقطارها جميعاً



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon