توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بين «استقلال القرار» ووحدة الوطن والدولة!

  مصر اليوم -

بين «استقلال القرار» ووحدة الوطن والدولة

طلال سلمان

تتهاوى الدول في منطقتنا نتيجة المغامرات الخارجية أو الخلافات الداخلية، فلا يأخذنا الخوف على دولتنا بل يندفع بعض الممتلئين غروراً برسوخ الكيان وثبات النظام إلى المطالبة «بالاستقلال السياسي» للمسيحيين في فيدرالية لهم وحدهم «تجاور» الفيدراليات الطائفية الأخرى مع استقلال بقرارها السياسي عنها.

ويشتط بعض قيادات المسيحيين في لبنان إلى حد التعامل مع الدين كهوية سياسية في منطقة تتفجر بهذا الحَوَل الذي استولد حركات أصولية إسلامية تيسر لها دعم جهات عربية وأجنبية فأمدّتها بالسلاح والمال لتقاتل «أنظمة» مخاصمة بقصد تطويعها وتدجينها، فإن استحال ذلك فالعمل على إسقاطها ولو بالمذابح الجماعية وتدمير المدن والقرى ونهب الثروات الوطنية للدول المعنية، لا سيما النفط والغاز (العراق، سوريا، ليبيا واليمن ـ كدول وليس كأنظمة حكم..).

ولأن الوجود المسيحي في المنطقة عريق وأصيل وثابت فهو من ركائز هويتها ومصدر غنى لوجدانها وبالتالي لثقافتها، وبالتالي فإنه غير قابل للانفصال عنها، فهو منها وفيها ليس طارئاً ولا مستورداً، والأهم أنه لا يقبل التلفيق ومحاولة التنصل من الهوية العربية الجامعة لأهله، كمثل الادعاء أن لبنان «ذو وجه عربي» كما نص البيان الوزاري لحكومة الاستقلال الأولى (1943).

لقد أُسقِطت «الدولة» في لبنان بالحرب الأهلية، لكن «النظام» استعصى على السقوط، فأعيد بناء الهيكل بحجارة النظام ووفق قواعده التي تتعامل مع اللبنانيين بطوائفهم وليس بأديانهم فحسب.

بل إن الحرب الأهلية قد أسبغت العصمة على «الطوائف» فباتت ركائز أساسية للنظام، وأعيد تقسيم كعكة الدولة على ثماني عشرة طائفة وإن ظلت القاعدة تعتمد الطوائف الست الكبرى كركائز للدولة، لكل منها مواقعها النافذة التي لا تُمس، بينما تعطى الطوائف الصغرى جوائز ترضية.

ثم إن إعادة صياغة مواقع القرار في السلطة قد حوّلت الدولة إلى مجموعة كانتونات طائفية، بل مذهبية، تقوم حول كل كانتون أسوار مكهربة، فإن حاول أحد اختراقها أو تجاوزها صعقته بذريعة حماية الاستقرار والتوازن وسائر شروط الوحدة الوطنية.
وبرغم مرور ستة وعشرين عاماً على اعتماد اتفاق الطائف الذي أعاد صياغة الدستور وأدخل تعديلات جوهرية على مواقع القرار في السلطة (الحكومة)، فإن القوى التي جاهرت باعتراضها على ذلك الاتفاق الذي يفترض أنه شكل إعادة تأسيس لهيكلية السلطة بوصفها مصدر القرار الوطني الجامع، قد عادت اليوم تهدد بالشارع وهي تنادي للخروج عليه ولو عبر صيغة ملتبسة عنوانها فيدرالي وجوهرها أن «يستقل» المسيحيون بقرارهم، عبر تمكينهم من اختيار «ممثليهم» في المناطق التي يشكلون أكثرية فيها.. وصولاً إلى «انتخاب رئيس» من بين مرشحين اثنين، ثم يعرض «على الشركاء في الوطن»، أي المسلمين لاختيار أحدهما... وهكذا يكون «الرئيس العتيد» ممثلاً بالأساس لأكثرية المسيحيين، ومن هذا الموقع يكون مصدر القرار وليس مجرد توقيع على قرارات يتخذها غيره وتفرض عليه المصادقة عليها خلال مهلة محددة، وإلا أصبحت نافذة من دون ذلك التوقيع!

إن المنطقة جميعاً مهددة بمخاطر وجودية قد تذهب ببعض دولها وقد تعدل في صيغة «الدولة المركزية» في بعضها الآخر، وقد تقام فيدراليات طائفية داخل دول اتحادية هنا وهناك. فمستقبل العراق بحسب التقديرات ثلاثة كانتونات طائفية وعرقية في دولة كونفيدرالية (شيعية وسنية وكردية.. إلا إذا أصر مسعود برازاني على الاستقلال بكانتونه للمساومة على حصة أكبر من الدخل الوطني العام).. أما سوريا التي تتوزع أنحاءها الآن مجموعة من القوى الأصولية المسلحة («داعش» في الشرق، و»النصرة» مع رعاية تركية في بعض الشمال، وخليط هجين من التنظيمات المدعومة سعودياً وقطرياً مع رعاية إسرائيلية في الجنوب)، فما تزال دولتها المركزية تستعصي على السقوط.. لكن هذا لم يمنع من الحديث عن دولة كونفيدرالية من ست «ولايات» على قاعدة طائفية أو عرقية، (أخذاً بالاعتبار الأكراد.. مع اشتراط أن تبقى دمشق العاصمة ومركز القرار..).

والسؤال الذي يفترض أن يطرح نفسه على المسيحيين في لبنان: هل الذهاب إلى الحد الأقصى من الانفصال عن سائر «مكونات» الشعب اللبناني يحقق المطالب التي يستنجدون بالشارع لفرضها، أم أن مثل هذه الاندفاعة المرتجلة التي تستبطن معركة رئاسة الجمهورية سوف ترتد سلباً على «الصيغة»، أي وحدة هذا «الشعب العظيم» المعرضة دائماً للامتحان، في غمار ما يدبر للمنطقة جميعاً في غياب أهلها؟

... مع الأخذ بالاعتبار أن إسرائيل سيكون لها الآن حق الفيتو، حول «دول المشرق العربي» العتيدة، طالما أنها ستكون بمجملها، دولاً تقوم على قاعدة دينية (لا يهم هنا التقاسم المذهبي) مثلها؟!

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين «استقلال القرار» ووحدة الوطن والدولة بين «استقلال القرار» ووحدة الوطن والدولة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon