توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
الجمعة 28 شباط / فبراير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

الهاربون إلى بحر الظلمات من الدول قاتلة الأوطان...

  مصر اليوم -

الهاربون إلى بحر الظلمات من الدول قاتلة الأوطان

طلال سلمان

مقتول في وطنه، مرفوض من أهله، ملعون تُقفل في وجهه أسوار الجوار، إرهابي خطر لا تقبله الدول البعيدة خوفاً منه على أمنها ومعاش أهلها.
العربي، سورياً بالذات، عراقياً بالاستطراد، يمنياً بالالتحاق، ليبياً يجر خلفه صورة النظام الذي ألغى الدولة وأهلها، صار كالطاعون، كالبرص، كالسرطان وسائر الأمراض التي لا شفاء منها، ترفض «الدول الغربية» دخوله حتى لا يختل فيها «التوازن السكاني» ويضرب التشوّه صفاء العرق وطهارة الهوية..
صار «الوطن» المحترق بأهله أرضاً طاردة. إن شئت النجاة بأهلك، أو ببعضهم فعليك أن تركب الأهوال براً وبراً وبراً ثم بحراً بلا ضفاف يغلّفه الموت في قلب الأمواج المتلاطمة ولا طوق نجاة، وتستنجد بالمقادير وأولها الله وآخرها الله وبينهما دورية طاردة قد تأخذ جنودها الشفقة أو قد تهز مشاعرهم الإنسانية صور الأطفال المعلقين بين موتين تجاوزوا أولهما في الوطن وها هم في شباك الثاني يرتجون خلاصاً تحاصره العنصرية.
صار «الوطن» زورقاً صغيراً تتلاعب به الرياح فترفعه الأمواج عالياً ثم تتركه يهوي إلى بطنها البلا قعر، فإذا ما هدأ البحر أطلّت ألسنة النار عبر خفر السواحل، الذين يتولون حراسة الشاطئ من التلوث برعايا أديان أخرى لا يهم أنهم كانوا بين أوائل المؤمنين بها وهم الذين حملوها إلى «الهمج» عبر رحلات لا تقل قسوة عن هذه التي تتم بين موتين معلنين.
صارت الحياة معبراً مسوّراً بالأسلاك الشائكة والحرس الحديدي بين غربتين: ترفض الدولة الأولى هؤلاء المحاصرين بسمرة بشرتهم وأسمائهم الدالة على أصولهم التي تعود إلى بداية الخلق، وترفضهم الدولة الثانية بسبب عدائها مع الأولى، وبغض النظر عن كونهم لا يحملون على جوازات سفرهم العتيقة سمات دخول إلى جنة المنفى.
& & &
مقتول بوطنيته المغدورة، مقتول بغربته الإجبارية، مقتول بخطر الغرق والخوف على الأطفال الذين أحبوا الوطن وأنكرتهم دولته، مقتول بالضياع في ظلمة المصير، مقتول بأفكار إنسانيته وحقه في الحياة. هذه حال «المواطن» الذي من دونه لا وطن ولا دولة.
...والوطن مقتول، مقتول، مقتول على الجبهات جميعاً. متى صار الوطن جبهات مقتتلة سقط مضرجاً بمواطنيه شمالاً وشرقاً، غرباً وجنوباً، أرضاً وفضاءً.. فالوطن بأهله فإن أُخرجوا منه بالقتل أو بالخوف سقط مضرجاً بدمائهم.
لم يكن الفقر في الوطن غربة، أما الافتقار إلى الوطن فغربة قاتلة.
الوطن بأهله، فإن غادروه سقطت قداسته وانتفى وجوده. أوطان الآخرين منفى، وإشفاق الغرباء ذل، والتشرد على حدود الدول الأخرى مقتلة للدولة ـ الأم التي لا تكون إلا بأهلها ولأهلها. أوطان الآخرين للآخرين. ماذا أقسى من أن تشهد غرق أطفالك وأنت عاجز عن إنقاذهم؟ في بحرك الصديق ما كان ليغرق الأطفال. كل من حوله منقذ، بل إن الموج فيه أرحم بالأطفال من البحور البعيدة التي لم تعرفك فتحضن أطفالك وترجعهم إلى الشاطئ سالمين وترشك ببعض رذاذه لتكون أكثر يقظة وتنبهاً لروح المغامرة في صدورهم اعتماداً على طيبة قلب بحر الوطن.
& & &
تختلط هويات الذين هجّرتهم نيران القتل من أوطانهم المحروقة: الحلبي أو الرقاوي من سوريا مع الموصلي أو الكوفي من العراق، مع الصنعاني أو العدني من اليمن، مع البرقاوي أو الطرابلسي من ليبيا، مع الفلسطيني من أصول يافاوية أو حيفاوية المهجر للمرة الرابعة أو الخامسة (ماذا يهم ما دام خارج وطنه؟)... كلهم في بحر الظلمات واحد يأخذه الموج إلى المجهول هرباً من معلوم عنوانه الموت بالرصاص أو بالقذيفة أو بالكمد وهو أفظع تدميراً من القنبلة الذرية..
قتلت «الدولة» الوطن فخرج أهله هائمين على وجوههم. الوطن ليس مقتلة مفتوحة. الوطن مصدر الحياة لأهله فإن احتلته الحروب وجعلته مساحة للقتل خرج منه أهله حتى لا يخرجوا عليه.
& & &
في لبنان نظام استولد دولته قيصرياً. وهي ترفض أهله كمواطنين ولا تقبلهم إلا كرعايا لطوائفهم بمرجعياتها المؤتلفة في السياسة التي هي مصالح من فوق الخلافات والاختلافات الدينية والطائفية.
...ولقد حدث أن هجَّر النظام أهل البلاد بعد حروب أهلية ـ عربية ـ دولية شرسة في دمويتها، طاردة أهله إلى المنافي، بعيدة وقريبة، معطلة دولته عن أن تكون مرجعية وطنية لكل من يحمل هويتها، بعدما تقاسمتها زعامات الطوائف.
لم يعرف التاريخ حرباً أهلية يقتصر المدفوعون إليها على شعبها وحده، بأطيافه المتنوعة. هناك دائماً «دول» توظف الحرب الأهلية لمصالحها، وتستثمر نتائجها في شطب «الوطن» وإعادة بناء «الدولة» بحجارة الطوائف لاغية الأوطان.
ستكون للعرب «دول» كثيرة، أكثر مما يريدون وأكثر مما تحتمل أوطانهم.. وسيجتهد ملوك الطوائف لشطب الأوطان وهوياتها المميزة سعياً إلى «أممية جديدة» على الطريقة الأميركية! وهكذا ننتصر ـ بغير حروب ـ على الدولة العنصرية إسرائيل.
...اللهم إلا إذا غرقنا ـ بأوطاننا ـ في بحر الظلمات الذي بلا حدود!

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهاربون إلى بحر الظلمات من الدول قاتلة الأوطان الهاربون إلى بحر الظلمات من الدول قاتلة الأوطان



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon