توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سقوط الدولة في المشرق.. بين الإسلاميين وأهل النفط

  مصر اليوم -

سقوط الدولة في المشرق بين الإسلاميين وأهل النفط

طلال سلمان

أنظمة الطغيان العربي استنفدت الدولة وقضت على مقوماتها وفتكت بوحدة مجتمعها... ويبدو أن الفراغ في رأس السلطة راهناً، أو ضعف السلطة في الأقطار التي أسقطت الثورات أنظمة الاستبداد فيها، قد أغوى شيوخ قطر فمدوا أيديهم للعب فيها. يتسارع سقوط «الدولة» في معظم أرجاء الوطن العربي، بعدما استهلكت أنظمة الطغيان «الدول» في الأقطار التي حكمتها وتحكمت بشؤونها لعقود طويلة. لا وجود اليوم «للدولة»، حاضنة للشعب ومجسدة لوحدته كإطار ناظم لحياة المجتمع بآماله وطموحاته ومشكلات النهوض، لا في العراق ما بعد صدام وما بعد الاحتلال الأميركي، ولا في سوريا ما بعد انفجار الغضب الشعبي العارم على نظام الحزب الواحد المموه لسيطرة العسكر وأجهزة المخابرات تحت إمرة الرئيس الفرد التي لا تكاد تنتهي ولايته حتى يتم تمديدها آلياً. أما في لبنان فحضور الدولة كان، باستمرار، رمزياً، بينما كان النظام الطوائفي، ولاَّدة الحروب الأهلية كلما اختلت موازين الصراع في المحيط العربي مع الخارج الدولي، أو تفجرت الخلافات بين الأنظمة العربية، وما أكثر تفجيرها. وها إن مصر التي طالما تباهت بعراقة دولتها وثبات كيانها السياسي، تكاد تكون الآن بلا دولة مركزية كالتي عرفتها عبر تاريخها، ويعنف الصراع السياسي بين «الإخوان المسلمين» الذين قفزوا إلى السلطة في لحظة قدرية، وبين «المعارضات» التي ما يزال جمهورها أكثر تقدماً وأعظم قوة وأمتن وحدة من «جبهة الإنقاذ» وسائر الهيئات والتنظيمات التي نزلت إلى الشارع تجهر برفضها النظام ـ قيد الإنشاء وقراراته جميعاً، منادية بإسقاطه. بالمقابل يحاول «الإخوان المسلمون» في تونس أن يظهروا شيئاً من التكيف مع الحالة الثورية التي أسقطت حكم الطاغية زين العابدين بن علي، وهم قد اضطروا إلى إرجاء التقدم للسيطرة الكلية على الحكم، بعد أن كشفت جريمة اغتيال المناضل النقابي شكري بلعيد، أنهم اضعف من أن يحكموا ببرنامجهم الذي يتعرض إلى مزيد من الرفض، وأن المجتمع المدني في تونس أقوى من أن يستطيعوا تدجينه وفرض الحجاب وما شاكل من وجوه قمع المرأة فيه. أما في ليبيا التي لم تعرف الدولة، لا في عهد الملك السنوسي ولا في عهد ثورة القذافي الذي كافح طويلاً ضد قيامها، فإن «الإخوان» ومعهم فرقاً إسلامية أخرى يجهدون للسيطرة على أجهزة الحكم التي لا تحكم، في حين يتوزع أمراء الحرب وقادة الميليشيات وزعماء القبائل السلطة في الأنحاء المتباعدة لهذه البلاد الواسعة والغنية بنفطها والفقيرة جداً بتجربتها السياسية. في السودان نقف أمام تجربة فذة لنظام دكتاتوري يرفع الشعار الإسلامي ويحكم بالقبضة الحديدية: فهذا النظام الذي يقوده العسكر قد فرط بوحدة البلاد، فانشق الجنوب بعد حرب عبثية طويلة، غاب عنها الإحساس بالمسؤولية الوطنية، لم تمنع قيام دويلة حظيت بأسرع اعتراف دولي في التاريخ، بينما ما تزال مشكلات الشرق والغرب مع النظام مفتوحة على مخاطر الانقسام والحرب الأهلية. في هذه الأقطار جميعاً التهم العسكر بداية، الدولة، وها هم «الإخوان المسلمون» يتقدمون لوراثتها، بحيث يتبدى المشهد وكأن دكتاتورية دينية، متخلفة بالضرورة، تتصدى لمهمة إعادة البلاد إلى الخلف، أكثر فأكثر، حتى وهي تتلطى بشعارات الثورة وموجبات التغيير. بالمقابل فإن أقطار الجزيرة والخليج، التي لم تعرف الدولة بمعناها الحديث، تحتل موقع القرار في الجامعة العربية وتكاد تحتكر التمثيل العربي لدى الخارج... ولقد ابتني لبعض هذه الأقطار «دول» لا يشكل «مواطنوها الأصليون» أكثر من عشرة في المئة من سكانها. أما الباقي، أي الأكثرية، فمن الوافدين كعمالة أجنبية من الخارج الفقير (باكستان، بلوشستان، الفيليبين، ماليزيا)، أو من الأقطار العربية التي تضيق بأبنائها وكفاءاتهم، في حين يحتفظ الخبراء الأجانب والمستشارون بالمواقع الحاكمة في الشركات المالية والمؤسسات، وليس ما يمنع بعض هؤلاء من ارتداء «الغطرة والعقال» لإضفاء «الطابع العربي» على هوية الإدارة في «الدولة العربية»، على الأقل بلغتها وأنساب الحاكمين فيها. ومفهوم أن هذه الأقطار هي الأغنى بثروات باطن أرضها، فإن الغرب (البريطاني أساساً، ومن ثم الأميركي) قد أسهم في بناء «دولها»، محتفظاً لنفسه بحق القرار في القضايا الأساسية. ولأن الأنظمة الحاكمة في هذه الأقطار، والسعودية هي الأساس، تعتمد الشعار الديني مع السيف قاعدة لشرعيتها، والعلاقة مع الغرب الأميركي منطلقاً لسياساتها خصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية تحتفظ بصلة تاريخية وطيدة مع الأسرة السعودية تعود إلى أيام مؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود واللقاء الاستثنائي الذي عقد على ظهر بارجة أميركية عند البحيرات المرة في قناة السويس مع نهاية الحرب العالمية الثانية. وواضح انه كان لقاء تأسيسياً ستظهر نتائجه السياسية، على قاعدة «التحالف» في ما بعد... بالمقابل فإن بريطانيا، التي كانت سلطة منتدبة على مجموع أقطار «الساحل المتصالح»، أي دولة الإمارات المتحدة حالياً، كما كانت ذات موقع حاكم في الكويت وقطر والبحرين، قد سعت - وهي تستعد لإجلاء قواتها العسكرية ـ لإنشاء دولة الإمارات العربية المتحدة، تضاف إلى الإمارات الثلاث، ولو على حساب سلطنة عمان التي كانت إمبراطورية ذات يوم مضى... بالتعاون طبعاً مع الحليف الأميركي الكبير. فلما قامت الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني، وتوالت التداعيات الخطيرة على الحكم في السعودية بداية (الانتفاضة التي قادها جهيمان العتيبي مع مجموعات السلفيين واحتلوا خلالها بيت الله الحرام في مكة)، صار حتمياً أن «تحتمي» دول الجزيرة والخليج بالنفوذ الأميركي معززاً بحاملات الطائرات والحشد العسكري... ولن يتأخر صدام حسين عن الإقدام على مغامرته المدمرة بالهجوم على إيران الثورة الإسلامية، وخوض حرب امتدت لثماني سنوات فأنهكت بغداد بقدر ما أنهكت طهران، التي اعترف قائدها بأنه مضطر لتجرع كأس السم والقبول بوقف لإطلاق النار هو أقرب إلى إعلان الهزيمة العسكرية منه إلى «الهدنة». بعد ذلك سيكون للجزيرة والخليج تاريخ جديد: سيغضب صدام حسين لأن من قاتل إيران الثورة الإسلامية دفاعاً عنهم قد تخلوا عنه، ورفضوا تعويضه تكاليف الحرب التي امتدت لثماني سنوات طويلة. ... وجاء الغزو العراقي الكويت رداً على التخلي. ثم جاء الاجتياح الأميركي تحت لافتة «تحرير الكويت» سنة 1991 وقد شارك فيه نصف الدول العربية، ولو رمزياً... ليعقبه بعد اثني عشر عاماً غزو العراق وإسقاط صدام حسين. وهكذا خلا الجو لدول النفط لكي تصير مرجعية سياسية عليا في المنطقة، خصوصاً وقد حورت طبيعة الصراع السياسي مع إيران إلى مشروع فتنة مفتوحة بين السنة والشيعة على امتداد الأرض العربية. بعد غزو العراق وتدميره كان لا بد من احتواء سوريا حتى لا تكون «عنصر الشغب» في المنطقة... ولعل هذه المحاولة قد نجحت في سنواتها الأولى التي امتدت حتى العام 2011... فلما انفجرت الأوضاع في سوريا نتيجة فشل النظام في معالجة أسباب الغضب، وجدت «الدول المستحدثة» في الخليج الفرصة لوضع اليد على كامل المشرق، خصوصاً وقد تم إسقاط الدولتين القويتين فيه، العراق وسوريا، ومن ثم الاندفاع إلى فرض الهيمنة على مجموع الدول العربية الفقيرة أو المفقرة نتيجة أنظمة الطغيان فيها، بدءاً بمصر وصولاً إلى تونس وليبيا واليمن، من دون أن ننسى لبنان. ولقد اندفعت قطر لتكون «الطليعة» في هذا الهجوم... وهي ما تزال تتابعه بل وتزخم حركتها إلى حد الحرب المفتوحة على النظام في سوريا، بغض النظر عن نتائجها على وحدة الشعب والأرض في هذه الدولة التي كانت بين مؤسسي جامعة الدول العربية، والتي لطالما اعتبرت «قلب العروبة النابض»... في حين كان يراها كثيرون «حارسة البوابة الشرقية».. أي الجزيرة العربية جميعاً. ويبدو أن الفراغ في رأس السلطة، أو ضعف السلطة في الأقطار التي أسقطت الثورات أنظمة الطغيان فيها، قد أغوى شيوخ قطر فمدوا أيديهم للعب فيها. ... ومن حق باسم يوسف أن يشعر بالاستفزاز، وان يرد كما رد في الحلقة الأخيرة من برنامجه الممتع «البرنامج». نقلاً عن جريدة " السفير "

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سقوط الدولة في المشرق بين الإسلاميين وأهل النفط سقوط الدولة في المشرق بين الإسلاميين وأهل النفط



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon