توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبـنان فـي قلـب الخـوف

  مصر اليوم -

لبـنان فـي قلـب الخـوف

طلال سلمان

يعيش اللبنانيون في قلب الخوف. يشعرون أنهم يقتربون من حافة هاوية سحيقة تتهدد وحدتهم، بل ربما وجود دولتهم، بمخاطر مصيرية. وصحيح أن الخوف يشكل القاسم المشترك الأعظم بين شعوب هذا المشرق العربي التي انتفضت مؤخراً ضد أنظمتها الدكتاتورية ثم افتقدت القيادات المؤهلة لأن تتقدم بها نحو غدها الأفضل.. لكن الخوف اللبناني أقسى وأشد إذ أنه يكشف ضعف الدولة وعجزها عن القرار، كما يفضح تواطؤ الطبقة السياسية على وحدة الشعب وحقوقه، مما يكاد يلغي دور الدولة ويعطل مؤسساتها وفي الطليعة منها الجيش. سقطت مظلة الأمان التي شكلها لفترة طويلة الجار القريب، سوريا. بل إن سوريا التي تعيش محنة قاسية تكاد تلتهم وحدتها وأسباب قدرتها باتت الآن مصدراً أساسياً للقلق، خصوصاً في ظل الحرب المفتوحة بين نظامها الذي كان يتبدى جباراً وغير قابل للخرق وبين معارضاته التي يتداخل في تشكيلاتها المحلي والوافد، المطالب بالديموقراطية والمطالب بالخلافة والقائل بحكم الشعب والقائل بحكم الشريعة إلخ.. في الداخل بتلاوينه العديدة والخارج بأهدافه المتباينة. الكل في لبنان يخاف من الكل. كل طائفة تخاف الطائفة الأخرى وتخيفها. والجيش خائف على الجميع ومن الجميع طالما تهددت حصانته الوطنية بالطاعون الطائفي. حتى الانتخابات النيابية باتت مصدراً للخوف بعدما وظفتها الطبقة السياسية لحسابها واتخذتها منصة لحروبها باسم الطوائف. كيف يمكنك اعتبار قانون انتخابي موسوم بالطائفية مصدراً للديموقراطية بما هي التجسيد الفعلي للإرادة الشعبية. المدن التي كانت آمنة وجامعة وحاضنة لأهلها جميعاً، وبمعزل عن طوائفهم ومذاهبهم، تقدم صورة مصغرة لمشروع الوطن، باتت كل منها أرخبيلاً من الأحياء يشل حركتها خوف أهالي كل حي من «إخوته» في الحي الآخر. لا طرابلس مدينة واحدة، الآن، ولا صيدا مدينة واحدة، لا زحلة مدينة واحدة يتلاقى فيها محيطها، ولا بعلبك مدينة واحدة «للأصليين» من أهلها و«الوافدين».. أما بيروت التي كانت العاصمة والملتقى، المركز التجاري الباهر، والنادي الثقافي، المركز الإعلامي المتقدم للمنطقة بتلاوينها وتبايناتها ومواقفها المختلفة، الفندق والمشفى والملهى والمقهى وصحيفة الصباح.. بيروت هذه باتت مجموعة من الكانتونات والضواحي، لا قلب لها، وسطها التجاري يضربه الفراغ وأهلها قد أخرجوا منها فانتشروا فوق التلال والسواحل خارجها، أما شاطئها الأصلي والمستحدث فقد صادره أصحاب الثروات وافدة وعابرة أو مقيمة على حساب أهلها. مع كل صباح يحاول المواطن أن يهدئ مخاوفه عند انطلاقه إلى عمله، ينتظر «الأخبار العاجلة» ليعرف أي طريق يسلك، ولكنه يظل تائهاً عن الطريق إلى حقوقه في دولته وعليها؟ من قبل، كانت دمشق مصدراً للطمأنينة، وكانت القاهرة مصدراً للثقة بالغد، وأقطار الخليج احتياطياً استراتيجياً للأمان الاقتصادي، وبغداد عنواناً للمنعة.. أما اليوم فكل العواصم من حوله خائفة ومخيفة في آن. مناخ الحروب الأهلية يخيم على المنطقة جميعاً، وريح السموم تهب عاتية، و«الكيانية» التي كانت اختصاصاً لبنانياً باتت تضرب المشرق جميعاً، والطائفية أنجبت المذهبية، والغيوم السوداء المنذرة بالعواصف تغطي سماء الغد. من قبل كانت «الكيانية» اختصاصاً لبنانياً، ومصدراً للفرادة. اليوم ترتفع الشعارات الكيانية في معظم أرجاء المنطقة. و«الكيان» نقيض الوطن. الوطن لأهله جميعاً. والكيان لطائفة أو مذهب بالذات، لا يقبل الشراكة. وفي عقيدة الكيان أنه المركز وإلى جانبه أطراف أو تفاصيل، ليست من جوهره وليست في أساس وجوده. لا يهم أن تسقط الأطراف طالما بقي المركز، فأصحاب المصلحة في وجوده ـ وهم الأقوى والأعظم نفوذاً ـ سيعيدون الأطراف إليه وبشروطه. لا يهم أن يسقط البقاع سهواً، لا يهم أن يضيع الشمال طريقه إلى العاصمة، لا يهم أن يتوارى الجنوب بعيداً عن الذاكرة... بل ولا يهم أن تهمش بيروت بالتقسيمات الواقعية.. المهم أن يبقى الكيان هو المركز، ولكي يبقى فشرطه أن يكون له القرار. الكيان هو الأصل: الانتخابات بشروطه أو لا تكون، والشروط تحول الوطن الصغير إلى كانتونات متباعدة وإن ظلت بمجملها أفضل بيئة حاضنة لمشروع الحرب الأهلية المقبلة. كيف لا يخاف اللبنانيون والحرب الأهلية تتربص بهم في الداخل، فإن تأخرت جاءت رياح المحيط تستعجلها وتغذيها وتأخذ منها وتعطيها، فإذا المشرق العربي جميعاً مسرح لمصادمات طائفية ومذهبية تدمر المدن وتسمم علاقات الأخوة وتهدم الدول وتفتح الأبواب للتدخل الأجنبي وتمنح العدو الإسرائيلي موسم أعياد لا تنتهي. هل انتهى زمن سايكس ـ بيكو؟ هل نحن في طريق العودة إلى المتصرفية ودويلات الطوائف في الجوار، بما يمكن للمشروع الصهيوني ويجعل من إسرائيل الدولة الوحيدة في هذا المشرق الذي كان عربياً والذي يقاتل عروبته الجميع، من الداخل وفي الخارج؟ وحدها الطبقة السياسية تستثمر الخوف وتحوله إلى «أسباب موجبة» لإطالة زمن تزعمها وإدامة قيادتها للجماهير المغلوبة على أمرها. ... خصوصاً أنها تفصل القوانين الانتخابية، كائنة ما كانت تسمياتها، على مقاساتها، جهوياً، فإن تعذر فطائفياً، فإن تعذر فمذهبياً.. فيصير الشعب الواحد أمما شتى... أما بالنسبة لما يدبر للمنطقة بشعوبها والدول فأمر يتجاوز قدراتها، ولذا تكتفي بالتصريحات المدروسة والمناسبة، حتى لا تخسر مستقبلها، كائناً من كان صاحب الأمر في مقبل الأيام.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبـنان فـي قلـب الخـوف لبـنان فـي قلـب الخـوف



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon