توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

يا "مضايا" لا تسامحينا

  مصر اليوم -

يا مضايا لا تسامحينا

أسامة الرنتيسي

حتى على الجوع في مضايا هناك من ينبري ليشكك في الموت، ويحمّل الضحية مسؤولية الموت امام الكاميرات (الغشاشة).
في مضايا موت لا يختلف ابدا عن الموت الذي طال شيوخ ونساء واطفال مخيم اليرموك في العاصمة السورية دمشق، عندما غفلت كل العيون عنه، الصديق والشقيق والمتآمر.

التجويع ليس جديدا على النظام السوري، ولا على الورثة الجدد لحركة أمل اللبنانية، فقبل ان تم مسح مخيم تل الزعتر من الوجود، تم تجويع سكانه، من يومها ونحن نسمع عن أكل المضطر للقطط والكلاب واوراق الشجر.
 هكذا.. تتشظى مضايا جوعاً كما تتشظى الكرامة العربية على أبواب التاريخ المعاصر.. فلا لمضايا من ينقذها ويجفف دموعها، ولا للتاريخ من يكتبه بقلم ذي خط حسن.

مضايا بلدة سوريّة تتبع الزبداني في محافظة ريف دمشق، تقع شمال غرب دمشق في سلسلة جبال لبنان الشرقية، وتُعد مصيفاً مهماً جنباً إلى جنب مع مدينة الزبداني.
مضايا ركبت قطار الحراك الثوري منذ بداية الثورة ضد بشار الأسد، ما دفع الجيش النظامي في البداية إلى قصف مدفعي على البلدة، ثم توجيه قوة عسكرية قدّرت بـ 30 ألف عنصر مدعومين بـ 50 دبابة و9 قطع مدفعيّة، فضلاً عن مقاتلي حزب الله اللبناني المقدّرين بحوالي 300 من قوات النخبة، وانتهت هذه الجولة بانتكاس القوات النظامية وأنصارها.

ونتج عن المعركة اتفاق بين الجيش الحر والجيش النظامي نص على انسحاب الطرفين من أبواب البلدة لحقن الدماء، وهو ما أدى لعودة الأهالي إلى البلدة رغم الأضرار المادية الكبيرة نسبياً من جراء القصف العنيف والعشوائي.
حاول الجيش النظامي في الفترة الأخيرة ضم مضايا إلى سيطرة الدولة مثلما حاول في الزبداني وما جاورها، وأدت المحاولات المتكررة إلى تدمير الكثير من البنية التحتية في مضايا بسبب إسقاط البراميل المتفجرة ومقتل العديد من المدنيين.

مضايا اليوم التي لم تركع للنظام، تركع للجوع، فتهدي كل يوم إلى القبور العشرات من أبنائها ذوي الهياكل العظمية التي لن يجد دود الأرض شيئاً يأكله فيها، من الأطفال والنساء والشيوخ، ومع ذلك يصر النظام مدعوماً بقوات حزب "المقاومة اللبنانية" أن يأكل من لحم هؤلاء الصامدين في تلك البلدة الأبية.
لا أظن أن أحداً تابع مأساة مضايا ولم يخطر على باله سؤال: ما الشعور الذي ينتاب بشار الأسد وحسن نصر الله وهما يشاهدان ذلك الطفل (الشبح) يقول: "والله يا عمو بدي قلك شغلة ومستحي منك! صرلي أسبوع ما أكلت، وكل اللي بتمناه إني آكل بس اليوم، وبعدين مو مشكلة".

النظام وأنصاره ردوا على الأمر بالبراغماتية المعهودة عنهم منذ سنوات، والتي لا تختلف كثيراً عن براغماتية تحميل المسؤولية للمقتول دائماً، حيث قالت البيانات الصادرة عن حزب الله وأبواق النظام السوري: إن المسؤول عن الحصار هم المقاتلون المسلحون الذين يمنعون دخول المساعدات إلى المدنيين.. ولا أعتقد أن مثل هذه الذرائع تنطلي على أحد ممن يحمل في رأسه ذرة منطق.

المبكي في مضايا ليس فقط ما أصبحت العيون تأبى رؤيته والعقول ترفض إدراكه، وإنما نكاد نشعر بأن العالم العربي والمجتمع الدولي يريدان بصمتهما شبه المطبق لمضايا وشقيقاتها أن تقبّل البسطار العسكري الإجرامي الذي تلبسه قوات النظام وتصنع جلده القاسي إيران وتحركه قوات المقاومة، وتصدّره الغواصات البوتينية إلى البلدات المحاصرة.. ولن أكون آسفاً عندما أقول: تلمّعه دول الغرب والأمم المتحدة الصامتة على مدار خمس سنوات على أبشع جرائم التاريخ، وأقسى هولوكوستات البشر، وأقل قيم الإنسانية.. بل والحيوانية.. ولربما تدفع ثمنه بعض الدول العربية سواء علمت أم لم تعلم!! 

 وعلى سيرة حقوق الحيوان.. فإنني أستغرب كيف للجمعيات والهيئات العالمية أن تصمت على الجرائم التي يرتكبها أهل مضايا بحق الحيوانات المحاصرة معهم في البلدة، فتشير التقديرات إلى أن الحصار إذا استمر حوالي شهرين آخرين فلن يبقى قطط أو كلاب في مضايا.. ولربما نسمع عن إبادة لصنف جديد من المخلوقات هناك، أترفع عن ذكره مراعاة للذائقة العامة، ومشاعر القارئ الكريم، واحتراماً لأهلنا المحاصرين في أعظم صمود عبر التاريخ ستكتبه نجوم السماء بنيازك من أرواح الميتين جوعاً.

أمام جوع مضايا والهياكل العظمية لاطفالها وشيوخها، فلتسقط كل الشعارات والتنظيرات وكل المحاور، ومثلما قال الشاعر الكويتي الجميل عبدالله فلاح..
يا "مضايا" لا تسامحينا 
نحن الشعوب السافلة ...

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يا مضايا لا تسامحينا يا مضايا لا تسامحينا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon