توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا علينا أن نعارض «السيسى»؟

  مصر اليوم -

لماذا علينا أن نعارض «السيسى»

معتز بالله عبد الفتاح

لا أعلم لماذا لا نتعلم من دروس التاريخ، بما فى ذلك تاريخنا نحن.

فى آخر مكالمة تليفونية لى مع الرئيس «السيسى» منذ أقل من أسبوع لم أجد نفسى فى حضرة ديكتاتور يعطى أوامر. «لا والله» على حد تعبيره. هو رجل يحاول أن يبحث لمصر والمصريين عن مكان أفضل. ولا يقدم نفسه باعتباره شخصاً فوق النقد أو المساءلة بل هو شخص طالب للنصيحة والمشورة والمساعدة فى «شيل» هم البلد.

ولا أعرف من أين جاء بعض «الملكيين أكثر من الملك» بظنهم أن معارضة أو انتقاد الرئيس عمل لا أخلاقى أو غير وطنى أو إخوانى أو إرهابى.

هل «السيسى» نبى؟

أسأل. لأجيب هو قطعاً ليس كذلك، وحتى الأنبياء ما كان الله ليتركهم بلا توجيه. ونتذكر المواضع المختلفة التى عاتب فيها رب العزة، سبحانه وتعالى، رسوله بتلطف وبكلمات فى موضعها تفيد الإرشاد كقوله تعالى: «يَا أَيّهَا النّبِىّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلّ الله لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَات أَزْوَاجِكَ».

هل «السيسى» فرعون؟

أسأل. لأجيب أننى لم أرَ أمامى رجلاً يقول «أنا ربكم الأعلى» وحتى حين قالها فرعون كان التوجيه القرآنى لموسى وهارون عليهما السلام: «اذْهَبَا إلى فرْعَوْنَ إنّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لّعَلّهُ يَتَذَكّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالَا رَبّنَا إِنّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى (45)».

إذن هو ليس «نبياً» وليس «فرعوناً».

هو مواطن مصرى، «زى حالتنا» فيه ما فينا من مميزات وعيوب، ولكن الله جعله أكثر حملاً بأن أصبح فى موضع يتخذ فيه قرارات تمس حياتنا جميعاً. وهذه هى وظيفة رئيس الدولة.

علينا أن نعارض الرجل تلك المعارضة العاقلة التى تعرف مواضع الخطأ فتوضحها ومواضع الصواب فتدعمها؛ لأن المبالغة فى المعارضة تجعل من هو فى موضع المسئولية يفقد اهتمامه بالاستماع لرأى من يعارضه لأنه سيقتنع أن المعارض حباً فى المعارضة سيعارضه سواء أخطأ أم أصاب.

ومع ذلك لا بد من معارضة هؤلاء الذين فى موضع المسئولية لأن أخطاءهم تكون كارثية عادةً ويدفع ثمنها أجيال من بعدهم. وهذا ما يجعلنى أطالب بوضوح ألا تتحول أى كلمة نقد للرئيس أو للحكومة وكأنها عمل لا أخلاقى أو غير وطنى. تعالوا نعُد إلى بعض النماذج التاريخية التى تستحق التأمل:

- الإسكندر الأكبر صنع إمبراطورية عظيمة من حدود اليونان حتى حدود الهند. ولكنه نسى أن يعين خليفة له أو يحدد شكل تداول السلطة بعده، فانتهت إمبراطوريته إلى دول متصارعة حتى قضى بعضها على بعض. ولو عاد به الزمن، لما فعل.

- قرر إمبراطور المينج الصينى فى القرن الرابع عشر أن يتخلى عن أسطوله البحرى الرهيب وأن يتبنى سياسة العزلة. وكان ذلك الأسطول فى ذلك التاريخ أكبر أسطول فى العالم بما جعل الصين تتكلس وتفقد تواصلها مع العالم الخارجى حتى انتهت ضحية الاستعمار البريطانى ثم اليابانى لها. خطأ شنيع كلف الصين الكثير. ولو عاد به الزمن، لما فعل.

- قرر ألكسندر الثانى فى 1867 أن يبيع ألاسكا للولايات المتحدة بحوالى 7.2 مليون دولار أمريكى لتكتشف الولايات المتحدة لاحقاً فيها موارد طبيعية مهولة تجعلها تعوض خلال 50 سنة ما دفعت بأكثر من مائة مرة. ولو عاد به الزمن لما فعل.

- قرر الهولنديون أن يتجاهلوا أستراليا رغماً عن أنهم اكتشفوها قبل الإنجليز بحوالى 100 عام لأنهم ظنوا فيها أنها «صحراء بلا قيمة». لتتحول إلى واحدة من أهم دعامات الإمبراطورية البريطانية ولتعتمد عليها وغيرها لتعيش وتنشر ثقافتها لأكثر من قرنين من الزمن. ولو عاد بهم الزمن، لما فعلوا.

- قرر نابليون فى مطلع القرن التاسع عشر أن يغزو روسيا فى الشتاء لينتهى الحال بجيشه مدفوناً تحت الثلوج، وبعد حوالى 100 سنة يفعل هتلر الشىء نفسه بمستوى الغباء نفسه ليصل إلى النتيجة نفسها. ولو عاد بهما الزمن، لما فعلا.

- بل إن من صنع تايتانيك لم يضع فيها ما يكفى من قوارب نجاة ظناً منه أنها سفينة «غير قابلة للغرق». ولو عاد به الزمن، لما فعل.

- وفى تاريخنا المصرى، قرر محمد على التوسع فى كل الاتجاهات دون التفكير فى ما سيجلبه عليه ذلك من عداوات من كل الاتجاهات ليدمروه. وقرار الرئيس عبدالناصر بإرسال قوات لليمن (حوالى 70 ألفاً) ثم التصعيد المبالغ فيه ضد إسرائيل دون استعداد كافٍ للمعركة لننتهى إلى هزيمة تقضى على حياة 20 ألف جندى وضابط من جانبنا فى مواجهة 150 من جانبهم. وقرار الرئيس السادات بإطلاق العنان لـ«الإسلاماسى» (أى الإسلام السياسى) لمحاربة اليساريين والناصريين، فيكبر الثعبان الذى أخرجه من السجن ليلتهمه ويمزقنا جميعاً. وقرار الرئيس مبارك بالسماح لابنه جمال بالدخول فى حلبة الحياة السياسية، حتى لو كان مساعداً له دون طموح الرئاسة وهو ما يؤكد على الرئيس السابق ولا أصدقه فيه، وما خلقه من معارضة شرسة أغرقت المركب بما فيه. ولو عاد بهم الزمن، لما فعلوا.

هل تتذكرون السامرى؟

إنها قصة تؤكد أن العقل البشرى لديه قدرة هائلة على خداع النفس، ومن تخدعه نفسه يكون قادراً على خداع الآخرين لأنه يظن فى نفسه الصدق، ويتصرف بدافع من يقينه بأنه صاحب قضية عادلة. ولكن حين يصل إلى النتيجة النهائية التى قال بها السامرى بعد أن تركه سيدنا موسى عليه السلام لمناجاة ربه، فلما عاد سأله: «قال فما خطبك يا سامرى» فرد السامرى الذى كان قد صنع عجلاً ليعبده بنو إسرائيل قائلاً: (بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ، فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوّلَتْ لِى نَفْسِى).

الرجل اكتشف أنه ضل وأضل رغماً عن أنه كان يظن أنه يحسن صنعاً. ولو عاد به الزمن، لما فعل.

من الاستعراض السابق: كلنا نرتكب أخطاء. وأفضل الأخطاء هى التى يمكن لنا أن نمنعها قبل أن تقع.

لا يريد وطنى محب لهذا البلد أن نرتكب أخطاء أو خطايا تردنا إلى الماضى أكثر من ذلك.

لا يريد وطنى محب لهذا البلد أن نسبح بحمد الرئيس، أياً كان اسمه، على حساب مصلحة البلد.

عارضوا الرئيس بوطنية من يريد بمصر خيراً. اختلفوا مع الحكومة بعقلية من يريد لها أن تحسن وليس من يتمنى لها أن تخطئ.

ولهذا نحن بحاجة لاستكمال مؤسساتنا الديمقراطية بسرعة نسبية، وبحاجة لأن تتعدد مراكز صنع القرار من خلال برلمان قادر على مراقبة ومحاسبة بل وردع الحكومة إن أخطأت. ولا بد أن تكون حرية الرأى والتعبير مكفولة بما يحقق هذا التوازن وهذا التعدد.

أحسنوا حتى يحسن الله إلينا.

لن تكون هناك مصر جديدة إلا بإنسان مصرى جديد.

وختاما: «فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ، وَأُفَوِّضُ أَمْرِى إِلَى اللَّهِ، إِنّ الله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ».

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا علينا أن نعارض «السيسى» لماذا علينا أن نعارض «السيسى»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon