توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
الخميس 6 آذار / مارس 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

شيخ الأزهر يجدد الخطاب الدينى فى ألمانيا

  مصر اليوم -

شيخ الأزهر يجدد الخطاب الدينى فى ألمانيا

بقلم معتز بالله عبد الفتاح

كلمة شيخ الأزهر أمام البرلمان الألمانى فيها الكثير مما يستحق التوقف أمامه.

حين قرأتها ثم قرأت ما قيل عنها باللغة الإنجليزية تبين لى أننا قد نستطيع أن نجدد الخطاب الدينى فى ألمانيا بأسهل وأسرع من تجديده فى مصر. وأقصد بالتجديد أن نعود بالخطاب الدينى إلى أصوله الأولى مستصحبين معنا قول الفقهاء «إن صحيح المنقول لا بد وأن يتفق مع صحيح المعقول». فالعقل مناط التكليف، ولولا أننا عقلاء لما حمّلنا الله سبحانه وتعالى أمانة التكليف.

قوى التجديد فى مصر ضعيفة ومتشرذمة، وقوى ممانعة التجديد فى مصر قوية ومتحدة. لا يمكن أن يكون هناك تجديد بدون مجددين. ولكن أين هؤلاء المجددون الذين يدعمون خطاباً مثل الذى تبنّاه شيخ الأزهر فى ألمانيا؟.

قال شيخ الأزهر كلاماً مهماً عن ارتباط الإسلام بالأديان السماوية الأخرى:

«هذا الدين دين مرتبط بالأديان السماوية برباط عضوى لا ينفصم؛ فنحن المسلمين نؤمن بأن كلاً من التوراة والإنجيل والقرآن، هُدى ونور للناس، وأن اللاحق منها مصدق للسابق، ولا يتم إيماننا بالقرآن ولا بمحمد إلا إذا آمنا بهذه الكتب السماوية وبموسى وعيسى وبمن قبلهم من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم، ونقرأ فى القرآن قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»، (البقرة، آية 26).

وفصّل شيخ الأزهر فى علاقة الإسلام بالحرب:

«وليس صحيحاً ما يقال عن الإسلام من أنه دين قتال أو دين سيف، فلفظة «السيف» هذه ليست من ألفاظ القرآن ولم ترد فيه ولا مرة واحدة.. ويؤمن المسلمون بأن الله أرسل محمداً رحمة للعالمين، وليس رحمة للمسلمين فحسب، بل أرسله الله رحمة للإنسان والحيوان والجماد والنبات، جاء فى القرآن الكريم «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ»، وقال محمد عن نفسه: «أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة»، ومن يفهم تعاليم هذا النبى خارج إطار الرحمة العامة والسلام العالمى، فهو جاهل به وبتعاليمه ومسىء إليه.

والإسلام لا يبيح قتال غير المسلم بسبب رفضه للإسلام أو لأى دين آخر، فالله كما خلق المؤمنين خلق غير المؤمنين أيضاً: «هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ»، (التغابن)، وما خلق الله غير المؤمنين ليأمر بقتلهم واستئصالهم، فهذا عبث لا يليق بحكمة البشر، فضلاً عن الحكمة الإلهية، وحريةُ العقيدة مكفولة فى القرآن بنص صريح، وذلك فى قوله تعالى: «فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ» (الكهف: 29). وقوله أيضاً: «لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَىِّ» (البقرة: 256)، وجاء فى الدستور الذى بعث به النبى صلى الله عليه وسلم إلى اليمن: «مَنْ كَرِهَ الْإِسْلَامَ مِنْ يَهُودِى وَنَصْرَانِىٍّ، فَإِنَّهُ لَا يُحَوَّلُ عَنْ دِينِهِ»، ولم يسجل التاريخ عن المسلمين فى البلاد التى حكموها حالة واحدة خيَّروا فيها أهل البلاد بين اعتناق الإسلام أو السيف، بل كانوا يُقِرُّون أهل هذه البلاد على أديانهم وعاداتهم وتقاليدهم، ولا يرون بأساً من العيش بجوارهم والاختلاط بهم والتزاوج معهم».

وفصّل شيخ الأزهر فى مبادئ الشريعة الإسلامية العليا:

«وشريعة الإسلام شريعة مؤسسة على مبادئ العدل والمساواة والحرية وحفظ كرامة الإنسان، وقد أعلن نبى الإسلام مبدأ المساواة بين الناس فى زمن لم يكن قد نضج فيه العقل البشرى لأن يستوعب فحوى هذا المبدأ أو يتصوره، لأنه لم يكن يعرف مجتمعاً غير مجتمع الطبقية والعبيد والسادة، ورغم ذلك أطلق محمد صلى الله عليه وسلم صرخته الخالدة: «النَّاسُ سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ الْمِشْطِ»، ولم تمضِ على وفاة النبى عشر سنوات حتى جاء الخليفة الثانى عمر بن الخطاب ليصرخ هو الآخر فى وجه أحد الولاة المسلمين، وهو يُعنِّفه: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟».

وتحدّث عن المرأة فى الإسلام قائلاً:

«أما المرأة فهى فى شريعة الإسلام شريكة الرجل فى الحقوق والواجبات، وبتعبير نبى الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»، ولا تظنوا أيها السادة أن بعض ما تعانيه المرأة الشرقية من تهميش هو بسبب تعاليم الإسلام، فهذا زعم باطل، والصحيح أن هذه المعاناة إنما لحقتها بسبب مخالفة تعاليم الإسلام الخاصة بالمرأة، وإيثار تقاليد عتيقة وأعراف بالية لا علاقة لها بالإسلام، وتقديم هذه التقاليد على الأحكام المتعلقة بالمرأة فى الشريعة الإسلامية وقد فقد المجتمع المسلم كثيراً من طاقاته الخلاقة والإنتاجية حين سَمَحْنا -نحن المسلمين- بتهميش دور المرأة وإقصائها عن مواقع التأثير فى مجتمعاتنا الشرقية».

ثم تحدّث عن التعددية الإنسانية قائلاً:

«التعددية بين الناس واختلافهم طبيعة قررها القرآن الكريم، ورتب عليها قانون العلاقة الدولية فى الإسلام، وهو «التعارف» الذى يستلزم بالضرورة مبدأ الحوار مع من نتفق ومن نختلف معه، وهذا ما يحتاجه عالمنا المعاصر -الآن- للخروج من أزماته الخانقة، ومن هنا كان من الصعب على المسلم أن يتصور صَبَّ الناس والأمم والشعوب فى دين واحد أو ثقافة واحدة، لأن مشيئة الله قضت أن يخلق الناس مختلفين حتى فى بصمات أصابعهم، يقول القرآن: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ»، والمؤمن بالقرآن لا يرتاب فى أنه ليس فى إمكان قوة ولا حضارة أن تُبدّل مشيئة الله فى اختلاف الناس، وينظر إلى النظريات التى تحلم بجمع الناس على دين واحد أو ثقافة مركزية واحدة نظرته إلى أحلام اليقظة أو العبث الذى يُداعب أحلام الطفولة. ومن هنا كان من الطبيعى والمنطقى أن ينفتح الإسلام على المسيحيين واليهود انفتاحاً لافتاً للنظر، ويمد معهم من جسور العيش المشترك والسلام المتبادَل ما يصل إلى إقرار زواج المسلم من مسيحية أو يهودية تبقى على دينها مع زوجها المسلم، ولا يجوز لزوجها المسلم أن يحول بينها وبين الذهاب إلى كنيستها أو معبدها، أو يمنعها من ممارسة شعائرها فى بيت زوجها المسلم».

ثم تحدّث عمن يسيئون للإسلام بالقتل والنحر:

«ولعل بعض حضراتكم -أيها السادة النواب المحترمون!- يتهامس مُعترضاً على ما أقول، أو مُتسائلاً مُستنكراً فيما سمع: إذا كان الإسلام والمسلمون بهذه الصورة الوردية المضيئة، فكيف خرجت الحركات الدينية المسلحة من عباءة الإسلام والمسلمين، مثل «داعش» وأخواتها، تقتل وتدمر وتقطع الرقاب باسم الله وباسم الإسلام وشريعته؟ ألا تهدم هذه المشاهد اللاإنسانية المرعبة كل ما قلته عن الإسلام من أنه دين السلام والأخوة الإنسانية والتراحم بين الناس؟

وإجابتى على هذا السؤال -باختصار- هى: لو أن كل دين من الأديان السماوية حُوكِم بما يقترفه بعض أتباعه من جرائم والقتل والإبادة لما سلم دين من الأديان من تهمة العنف والإرهاب، ذلك أن الإرهابيين الذين يمارسون جرائمهم باسم الأديان لا يمثلون هذه الأديان، بل هم -فى حقيقة الأمر- خائنون لأمانات الأديان التى يزعمون أنهم يقاتلون من أجلها».

هذا الكلام فى خطاب شيخ الأزهر هو أهم ما ينبغى أن يعرفه المسلم المعاصر عن دين الله، بالإضافة لأمور العقيدة والعبادات والمعاملات. أتمنى أن ننجح فى إثارة هذه القضايا والكلام فيها بوضوح فى مجتمعنا، وأن يزداد من يتبنون هذه الأفكار من قادة الرأى والفكر فى مصر.

GMT 08:19 2017 الجمعة ,31 آذار/ مارس

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 08:12 2017 الأربعاء ,22 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 07:48 2017 الأحد ,19 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 07:47 2017 الجمعة ,17 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

GMT 09:01 2017 الأربعاء ,15 شباط / فبراير

من أمراضنا الأخلاقية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيخ الأزهر يجدد الخطاب الدينى فى ألمانيا شيخ الأزهر يجدد الخطاب الدينى فى ألمانيا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon