توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مات فيا صاحب: «براء» مات

  مصر اليوم -

مات فيا صاحب «براء» مات

معتز بالله عبد الفتاح

نادراً ما تدمع عينى لفراق عزيز علىّ، ليس لأن الفراق ليس موضع اعتبار عندى، ولكن لأن الموت عندى هو تحرر الروح من الجسد، ولكن منذ أن عرفت بوفاة براء أشرف، وعينى تبكى. والحقيقة أن الأسبوعين الماضيين شهدا وفاة ثلاثة أشخاص أعرفهم جيداً ممن هم فى مثل عمرى أو أقل. وتبدو أسباب الوفاة، وكأنها مثل الوفاة نفسها: سر.

يمسى أحدنا معافى، ويستيقظ مريضاً، ولا يكاد يكمل يومه لأنه ينهيه ميتاً.

فجر أمس مات براء أشرف، لا أقول مات لى صاحب، ولكن مات داخلى صاحب.

أعتقد أننا اختلفنا فى أكثر من تسعين بالمائة من آرائنا السياسة، ولكن ظل الود والحرص والاحترام والابتسامة والقهقهة الصافية من القلب قائمة.

كنا ثلاثة عادة ما نلتقى على قهوة «فيومى»: زياد وبراء، وأنا. كنا نختلف ونتفق، لكن كان دائماً الإنسان فوق السياسة.. الإنسان فوق الخلاف.. براء إنسان حقيقى، له من اسمه الكثير.

لا أعرف ما الذى حدث لى. أصبحت قدرتى على مراوغة الحياة أقل. وصدمتى فى الناس أكبر. ودموع عينى تخذلنى كثيراً على غير عادتها معى. أخشى على فقدان أمى. وأبعد عن أناس أحبهم حتى لا أحملهم همى. أكبت سرى فى صدرى حتى لا أزعج به صاحبى وأهلى.

قد توفى أبى وأنا صغير. ولا أتذكر أننى بكيت آنذاك، فقد تقبّلت وفاته بصدر رحب للغاية، وكان بكاء أمى وأخى وأختى وأقاربى يبعث فى نفسى الكثير من الاستغراب. لقد عشنا جميعاً فصولاً مؤلمة لرجل ينهش المرض الخبيث فى جسده، يعانى ونعانى معه، وها هو ارتاح! لم أستسلم إلى الحزن، وكان علىّ أن أُقنع نفسى بأن ما حدث من مرض ثم وفاة خير، ليس فقط بمنطق ألبير كامو «إنك إن أصابك الموت هذا الصيف، فلن يزورك الصيف المقبل»، وإنما بأنه خير له عوائد كثيرة. فاخترعت قصة كحيلة من حيل المغلوب على أمره لمواجهة الواقع المؤلم، وكبرت القصة معى حتى صدّقتها، وأصبحت أكررها على نفسى من آن إلى آخر. إنها ببساطة قصة التحرُّر، تحرر الروح من الجسد. الروح تريد أن تنطلق إلى آفاق أرحب وأوسع بعد أن تتخلص من الجسد وما يمثله من محدودية وشهوانية. وكى تتحرر، فالروح تستعين بخالقها كى يدمر هذا الجسد المسجونة فيه، ويستجيب الخالق سبحانه فى توقيت يراه هو، كى تتحرر الروح بعد أن يكون الجسد قد أدى دوره فى التدافع على الأرض. ولمحدودية أفقنا نعتقد أن هذا التحرر مصيبة، وهو وصف استخدمه القرآن الكريم كإقرار لمشاعر البشر التلقائية «مصيبة الموت». ولكن أعتقد أن هذا المعنى الدنيوى للموت كمصيبة، هو جزء من خوف الإنسان مما يجهل.

سألتنى ابنتى عن عمرى حين مات والدى، فقلت لها 12 سنة، وقد كان ذلك عمرها آنذاك، فبكت وبكى ابنى (الذى هو أصغر منها). فقال لى وكأنه يستعطفنى: «اوعدنى أن تعيش أطول فترة ممكنة». فوعدته حتى يتوقف عن البكاء، ولكننى بدأت أعلّمه خيرية الموت كنوع من «تحرُّر» الروح من الجسد. ولكنه لم يقتنع، على الأقل مؤقتاً. هى إرادة الله قبل كل شىء.

أتخيل «براء» فى نعشه أو قبره مبتسماً ساخراً كعادته ينظر لنا فى شغفه المعتاد وفى طيبة قلبه الراقية، وكأنه يقول: «أنا خلاص ماشى، شدوا حيلكم بقى، ومستنيكم لما تخلصوا. أنا هناك. ما تتأخروش».

قهوة «فيومى» لن تظل كما كانت، بل حياة كثيرين لن تظل كما كانت.

الدنيا فى الأثر النبوى لها تشبيهان: «الدنيا سوق قام ثم انفض، فربح من ربح، وخسر من خسر». وبالتالى، سعد من سعد وشقى من شقى.

كما نُسب إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «يا أبا ذر أحكم السفينة، فإن البحر عميق، واستكثر الزاد فإن السفر طويل، وخفف ظهرك فإن العقبة كؤود، وأخلص العمل فإن الناقد بصير».

الله يرحمك يا صاحبى، وربنا يصبر أهلك. واستنانا مش هنغيب عليك.. لفة كده وهنكون عندك.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مات فيا صاحب «براء» مات مات فيا صاحب «براء» مات



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon