توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاجل إلى العرب: هل أنتم جاهزون للديمقراطية؟

  مصر اليوم -

عاجل إلى العرب هل أنتم جاهزون للديمقراطية

معتز بالله عبد الفتاح

انفجارات دموية وصراعات مجتمعية فى كل الدول التى أخذت خطوة أو أكثر نحو التخلص من النظم غير الديمقراطية: العراق، سوريا، اليمن، ليبيا، السودان، الصومال. هل هذا يعنى مخاض التحول الديمقراطى، أم يعنى مقدمات انهيار مجتمعات غير مؤهلة للديمقراطية؟
«نحن غير جاهزين للديمقراطية»، عبارة قالها اللواء عمر سليمان، ولكن أعتقد أنها غير كاملة؛ لأنه كان عليه أن يقول: «ونحن، النخب، السبب فى ذلك».
كتبت فى هذا المكان فى يونيو 2012 مقالاً بعنوان: «حتى لا يتفتت الوطن العربى»، قلت فيه:
الديمقراطية ليست بالضرورة هى الحل فى كل المجتمعات وتحت كل الظروف، بل قد تكون هى المشكلة أو على الأقل سبباً فى تفجر المشاكل. وقد كتبت هذه الملاحظة فى كتابى المتواضع «المسلمون والديمقراطية» فى نسخته الإنجليزية فى عام 2004، وأكدت نفس المعنى فى النسخة العربية بإسهاب أكبر. ومن ضمن ما جاء فى هذا الكتاب أنه باستثناء مصر وتونس، فإن أى محاولة للتحول الديمقراطى المفاجئ لن تكون مأمونة العواقب بل ربما تؤدى إلى عكس المقصود منها. عملية تأهيل المجتمعات والنخب البديلة لاستحقاقات الديمقراطية وشروطها الثقافية والاقتصادية مسألة ليست سهلة ولن تتم بمجرد التخلص من النخبة المستبدة.
وقد كان هذا الكلام بمناسبة توضيح أن الغزو الأمريكى للعراق تحت شعارات الحرية والديمقراطية ما كان ليؤدى إلى ما تمناه دعاة الديمقراطية، ليس فقط بسبب عشرات الأخطاء التكتيكية التى ارتكبها الأمريكان، على حد تعبير كونداليزا رايس، وإنما أيضاً بسبب رخاوة بنية الدولة العراقية وهشاشة ظهيرها المجتمعى. والحقيقة أن بنية جميع النظم العربية، خلا مصر وتونس بسبب تماسك نسيجهما الوطنى نسبياً، يجعلها شديدة الهشاشة؛ لأن سلطة الحاكم وشرعية نظام الحكم وسيادة الدولة ووحدتها مترابطة على نحو يجعل هناك صعوبة شديدة فى النيل من إحداها دون الأخرى؛ لذا فإن معظم دول المنطقة العربية تكون وحدتها وسيادتها مرهونة بسلطة حاكم مستبد وشرعية نظام حكمه وإلا الفوضى (سواء على نمط حروب العصابات أو الحروب الأهلية)، مثل النموذج الصومالى بعد هروب سياد برى، وعلى النمط الفلسطينى بعد رحيل «عرفات»، وعلى النمط العراقى بعد الغزو الأجنبى. وهى الأنماط التى تتكرر فى العام الأخير فى كل من ليبيا واليمن وسوريا والسودان. وأصبحنا أمام خيارات كلها مُرة بين استبداد مستقر أو حرب على الاستبداد مصحوبة باحتمالات التفكك والفوضى. والعرب ليسوا فى هذا بدعاً بين الشعوب؛ فـ«يوغسلافيا» انهارت كدولة بموت حاكمها، ومن ثم انهيار شرعية الحزب الشيوعى، بما نال من وحدتها الداخلية. وأغلب دول منطقتنا مثل يوغسلافيا، وأغلب دول أوروبا الشرقية مثل مصر وتونس من حيث التماسك النسبى للنسيج الوطنى؛ لذا كان التحول الديمقراطى فى أوروبا الشرقية أسهل كثيراً من نظيره فى مصر.
قدمت نصيحتى آنذاك فى ثلاثة أجزاء:
أولاً: هل لدعاة الديمقراطية أن يتمهلوا قليلاً قبل الضغط من أجل المزيد من الحقوق الديمقراطية فى الدول التى لم تزَل مستقرة حتى الآن؟ أقول هذا حرصاً وخوفاً على مصائر إخواننا فى الدول العربية الأخرى؛ لأنه ليس من مصلحة أحد أن يسىء من حيث يقصد أن يحسن. الديمقراطية لها شروط مجتمعية، إن غابت تحولت إلى أداة تدمير لبنية الدولة، وهو ما لا يتمناه عاقل.
ثانياً: هل للحكام العرب فى الدول المستقرة، التى لم تزَل بعيدة عن تأثيرات الربيع العربى، أن يتبنوا منطق الانفتاح الديمقراطى المتدرج عبر مساحة أوسع من حرية الرأى والفكر والحق فى التجمع، وتبنى صيغ سياسية ومجتمعية تسمح للقوى المهمشة والمستبعدة أن تمثل فى عملية صنع القرار؟ وقد أشار مهاتير محمد، فى إحدى محاضراته، إلى فهمه للديمقراطية الأوفق لدول الجنوب بأنها الديمقراطية التى تسمح بتصحيح الحكومات والمسئولين وليس بالتخلص منهم، حتى لو كانت بانتخابات نزيهة ما دامت هذه الانتخابات قد تنال من استقرار الدولة نفسه.
وكما ذهب روبرت دال، أكثر المعاصرين دراسةً للنظرية الديمقراطية، فإن «التربية على القيم الديمقراطية أعقد كثيراً من تبنى إجراءاتها».
ثالثاً: لا مجال لتصدير الثورات العربية إلى دول عربية أخرى، حتى لو كان الشعار المرفوع هو «تصدير الديمقراطية»، منطقتنا هشة بحكم الحدود الموروثة عن الاستعمار، ومخترقة بسبب أهميتها الاستراتيجية، ورخوة بسبب النزعات الانفصالية داخلها؛ لذا فلنتمهل، ولا نحرق المراحل.
وأكمل نصيحتى لنخبة الحكم فى مصر تحديداً بأن تسرع فى التحرك فى الحفاظ على البقية الباقية من الدول العربية بدءاً بليبيا. انفجار ليبيا وانقسامها، على نحو ما حدث فى السودان وفى فلسطين، سيزيد الأمر سوءاً.
إن مصر محاطة بميليشيات عسكرية لا تضبطها سلطة مركزية، وهى بحاجة لسلطة مركزية قوية فى غير استبداد، تلزم الناس وتلتزم بمتطلبات الحرية فى غير فوضى. وهذا ما يجعلنا بحاجة لرجال دولة من طراز رفيع، قرأوا تاريخ العالم وتاريخ مجتمعاتنا، لديهم دولاب عمل من المفكرين والمستشارين القادرين على التوفيق بين الأهداف المتعارضة وليس فقط المفاضلة بينها.
شئنا أم أبينا، على مصر أن تقدم النموذج والقدوة. شئنا أم أبينا سينظرون لنا وسيحاولون أن يقلدونا، شئنا أم أبينا، العرب فى نفق مظلم، ونحن نستطيع بالتعاون مع الأشقاء وبشىء من إنكار الذات وحسن التخطيط أن نخرج بخسائر أقل. هذا ليس بسهل، لكن علينا، نحن المصريين، أن نعرف أن مسئوليتنا ليست مصر بحدودها فقط، وإنما مصر والمصريون لهم مصالح حيوية ممتدة إلى كل قُطر عربى، وعليهم واجب قومى ممتد إلى حيث نستطيع أن نساعد أشقاءنا العرب.
علينا أن ننهض من كبوتنا بسرعة؛ لأن الوقت ليس فى صالحنا ولا فى صالح أشقائنا. نحن، العرب، أثبتنا أننا غير جاهزين للتحولات السياسية المفاجئة، سواء تحت شعارات ديمقراطية أو غيرها، ولكن هذا لا يعنى أننا غير معنيين بقضية التطور البطىء نسبياً على مدى طويل نسبياً كى نكون أكثر ملاءمة لواقع جديد ولمستقبل أفضل.
اللهم أصلح ولاة أمورنا، اللهم ألّف بين قلوبنا، اللهم اهدنا سبل السلام، ونجّنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
آمين.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاجل إلى العرب هل أنتم جاهزون للديمقراطية عاجل إلى العرب هل أنتم جاهزون للديمقراطية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon