توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تراجع شرعية العدل لصالح شرعية القوة

  مصر اليوم -

تراجع شرعية العدل لصالح شرعية القوة

معتز بالله عبد الفتاح

فى الفترة نفسها التى ثار فيها الجدل بين الغزالى وابن رشد (القرن الثانى عشر الميلادى)، بما يمثله الأول من تغليب النصوص المنسوبة للرسول، صلى الله عليه وسلم، وحتى وإن لم تكن بالضرورة دقيقة كما عرفنا لاحقاً من جهود علماء آخرين مثل الحافظ العراقى الذى قام بتأصيل كتابات أبى حامد الغزالى. وما مثّله الآخر، ابن رشد، من الاستعانة بأساليب المنطق اليونانى والنظر العقلى والفلسفى فى الكثير من أمور الدين والحياة.

ولا يتنافس الرجلان فى القدرات العقلية أو المهارات الفلسفية والمنطقية، فكلاهما فيلسوف له باعه، ولكن ما أُخذ عنهما أوصلنا إلى أن الالتزام بالنص، حتى وإن كان شاذاً، أولى من إعمال العقل، حتى وإن كان سليماً. وهو ما جعل ابن تيمية لاحقاً يصل إلى استنتاج أن صحيح المنقول لا بد وأن يتفق مع صحيح المعقول. ولكن تلاميذه المعاصرين اعتبروا أن المنقول هو المنقول عن ابن تيمية والمعقول هو المعقول عند ابن تيمية، فأساءوا للرجل كما أساء السابقون عليهم لابن رشد وللغزالى.

لكن فى الأجواء نفسها كان العالم الإسلامى يواجه خطر الحروب الصليبية وفى أعقابها غزوات التتار. وكلاهما خطر يتطلب «عسكرة» المجتمع، بمعنى أن يعيش المسلمون لفترة طويلة من الزمن ستمتد إلى يومنا هذا، مع استثناءات قليلة، فى حالة استعداد دائم لمعركة عسكرية مقبلة: حقيقية أو متوهمة. ومن هنا كان حكم الأيوبيين ثم المماليك ومن بعدهم حكم العثمانيين للقيام بوظيفتين أساسيتين: منع الفتن الداخلية من جهة وحماية دار الإسلام من الخطر الخارجى من جهة ثانية. فلم يعد العلم الدنيوى والاجتهاد الشرعى إلا تابعين للوظيفة الأساسية وهى وظيفة درء الخطر الخارجى أساساً. وفى هذه الأحوال يبحث الإنسان عن شرعية القوى حتى وإن كان مخطئاً جاهلاً ظالماً فاسداً، وليس عن شرعية الضعيف حتى وإن كان مصيباً عالماً عادلاً نزيهاً، وحديثاً قيل: «لا صوت يعلو على صوت المعركة». فكان المنطق الأسلم هو القبول بما سُمى فى الفقه بـ«أمراء الاستيلاء» أو سُموا لاحقاً بـ«أمراء التغلب» وانتهى الحال ببعض الفقهاء مثل الماوردى والجوينى أن أعطوا لهؤلاء شرعية مستقلة عن شرعية الخليفة لأن سلاطين التغلب ينهضون بما نهض به الخلفاء قبلهم من حفظ الوحدة والدفاع عن دار الإسلام. وهكذا بدلاً من أن كانت شروط الخليفة أو ولى الأمر تجعل منه حاكماً عالماً مجتهداً عادلاً حراً عاقلاً قادراً على القيام بالتكاليف الشرعية والاستنباطات الفقهية، حاملاً للرأى المفضى إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح والكفاية الجسدية والقدرة على حماية البيضة وجهاد العدو، بدلاً من كل هذه الشروط، تحول الأمر إلى «أصلح الله من أصبح» أى أصلح الله الحاكم الذى أصبح يحكمنا سواء وجدت فيه هذه الصفات أم لم توجد. وهو تطور خطير، فبدلاً من أن يزيد المسلمون من شروطهم فى من يلى أمورهم، أصبحوا يقبلون من يحكمهم بنفس منطق قبولهم لنزول المطر أو غيابه، أو حدوث الزلازل أو امتناعها. أقصى ما يستطيعون هو الدعاء: «اللهم وَلِّ أمورنا خيارنا». وهى نظرة تواكلية ما أتى بها الإسلام ولكن ابتكرها الفقهاء المسلمون، مضطرين أحياناً ومختارين أحياناً أخرى، فى عصور التخلف التى امتدت طويلاً. إذا نظرنا لهذه العوامل مجتمعة، فضلاً عن المحطات الأخرى التى سنتناولها فى المقال المقبل، يتبين أن بذور التخلف فى مجتمعاتنا لها نصيب عميق الجذور، ولكن الحل لن يتطلب مئات السنين، فنهضة المجتمعات المعاصرة كانت سريعة بفعل عوامل العصر الذى نعيشه، على نحو ما سنرى، المهم أن نفهم أصل الداء وبدائل العلاج، والله المستعان.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تراجع شرعية العدل لصالح شرعية القوة تراجع شرعية العدل لصالح شرعية القوة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon