توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

باسم صبرى: صوت الثورة العاقل.. المتحضر الذى مات

  مصر اليوم -

باسم صبرى صوت الثورة العاقل المتحضر الذى مات

معتز بالله عبد الفتاح

هذا شاب رائع قفز إليه الموت الذى يحبو فى طريقنا. يستحق أن نتوقف أمامه بالكثير من التقدير والتعلم.
«باسم» تواصل معى لأول مرة عبر رسالة على تليفونى يقول فيها: «أنا أحد متابعيك باهتمام، أرجو التواصل. باسم صبرى»، وحين تواصلت معه وجدته يتصل بى ليواسينى ويطلب منى ألا أنزعج من هجوم بعض شباب الثورة المتحمس على شخصى المتواضع ثم تواعدنا والتقينا مرات عديدة.
فى كل مرة، كنت أكتشف جانباً آخر من شخصية إنسان «منصف» لا يبالغ فى تشويه من يختلفون معه ولا يفتعل مواقف من أجل ادعاء بطولة زائفة، ينتقد تقريباً مواقف الجميع ممن يرى فيهم ما يستحق النقد. لم أرَه مدافعاً عن أحد بغشومية أو من باب «أصل أنا بأنتمى للفصيل الفلانى فلا يمكن انتقاده أو أنا أكره الفصيل العلانى فلا بد من انتقاده».
هو إنسان ثورى - إصلاحى يرى أن الثورة ما كانت إلا رد فعل على انعدام سبل الإصلاح فى عهد «مبارك» وأنه لا مجال لنجاح الثورة إلا بأن تصل، سواء بأهدافها أو بأشخاصها الملتزمين بأهدافها إلى مؤسسات الدولة لإصلاحها وليس لهدمها. هو إنسان ليبرالى يجسد المعنى الحقيقى لليبرالية القائمة على التسامح السياسى وقبول الآخر القابل للآخرين وليس الطارد لهم، ما دام يلتزم الجميع بالقانون والدستور. ومع الأسف فإن كلمة «ليبرالية» فى مصر فقدت الكثير من رونقها؛ لأن ممارسات الكثير من المتحدثين باسمها والمعادين لها أخرجتها عن معناها الأصيل إلى أمور فرعية ما كان ينبغى أن تكون على مائدة النقاش أصلاً.
هو إنسان وكفى. قلت له ذات مرة: «يا باسم، إن فيك صفتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة. وهو نفس نص حديث للرسول، صلى الله عليه وسلم، مخاطباً أحد أصحابه». وكان رده: «تفتكر؟»، فقلت له: «يبدو لى ذلك. عرفت فالزم».
كان مشغولاً بمن يلقى عليهم القبض جزافاً. كان يقدم لى المعلومات وأنا أجتهد فى التواصل مع الجهات المعنية لمزيد من التحقيق والتدقيق حتى نرفع الظلم عن المظلومين. وكانت آخر مكالماتى معه بشأن اثنين من الشباب تم الإفراج عنهما. وكان سعيداً وكأنهما من أقربائه المقربين.
لو كان معظم شباب الثورة يتخلقون بخلقه ويفكرون بمنهجه، لكنا فى واقع غير الواقع الذى نعيشه. بعض «الثورجية» يظنون أنهم أبطال حين يشتمون ويسبون. الحقيقة هم يزدادون زعامة بين أقرانهم المحدودين ولكنهم يزدادون بعداً عن بقية المجتمع الذى يفترض أنهم يسعون لقيادته وتوجيهه.
أدعو أصدقاءه المقربين أن يجمعوا كل ما كتب «باسم» بالعربية والإنجليزية وأن يسجلوا مواقفهم الشخصية المهمة معه وأن يطبعوها فى كتاب حتى لا يذهب عطاؤه سُدى. وأدعو الشباب أن يقرأوا له ما كتبه وسجله وكيف كان يتفق ويختلف. أدعوهم أن يقرأوا لكاتب وإنسان «متحضر» اسمه باسم صبرى.
والحقيقة أن الدعاء له بالرحمة والمغفرة لا يفوت علينا فرصة الدعاء لوالديه بالصبر وتوجيه الشكر لهما لأن نبتة «متحضرة» مثل «باسم» لا تخرج إلا من أسرة «متحضرة» تعرف كيف تربى أبناءها على الخلق والفضيلة واحترام الآخرين مهما اختلفنا معهم. ومن يحسن تربية أبنائه فى زمننا هذا، فهو كالقابض على الجمر.
وأختم كلامى بجزء من واحدة من أروع وآخر مقالات باسم صبرى، عليه رحمة الله:
«مرات قليلة جداً، بحسب ذاكرتى المنهكة والمستنفدة، كنت متعصباً لرأى ما، لكننى لم أوصم شخصاً ما حولى بأنه (فلول) أو (كنبة) أو (ليس ثورياً بما يكفى) أو (عبداً) أو أهنته متعمداً بما شابه من ألفاظ وأساليب فى الحوار انتشرت فى أجواء الاستقطاب المخيف والدماء، واحترمت كل صاحب رأى أو موقف أو مبدأ كان يرى فيه محاولة صادقة لفعل ما هو فى مصلحة وطن، وحاول صاحبه أن يتفكر فيه بصدق. ربما كان التعصب يثير غضبى بشكل رهيب، والسلبية التامة لدى البعض هى كانت كذلك من أكثر ما يغضبنى للغاية، ولكننى كنت أعرف كذلك فى نفس الوقت أن البعض وصل لهذه السلبية لأنه لم يجد بديلاً مقنعاً له لكى يتبناه، أو لأنه كان مقتنعاً بأن جهده لن يفيد بسبب ما مررنا به قديماً أو حديثاً، وأن ذلك التعصب هو فى الكثير منه نتيجة طبيعية لما مر به البعض.
حاولت قدر الإمكان البحث دائماً عن الحلول التى قد ترضى أطرافاً كثيرة. رفضت نظرية أن الأمور تدور دائماً حول الأبيض والأسود، وآمنت بطيف الألوان فى الآراء والحلول والأفكار. ولكن كانت هناك دائماً بعض المبادئ والأفكار التى آمنت بها، وآمنت أنها تستحق الدفاع عنها، وأنها تمثل ما يفيد الكل وليس البعض فى نهاية المطاف، وأنها ليست بالضرورة انتصاراً لأيديولوجيا أو مجموعة بعينها حتى إن كان بها لمحة ليبرالية واضحة. لا أتحدث نيابة عن أحد، وفقط أقول: إن هذه المبادئ تمثل ما تعنيه الثورة بالنسبة لى، فى يناير وفى يونيو. وأود أن أحذر القارئ من كمية من المثالية المثيرة للغثيان أحياناً فى الكلمات المقبلة، وإلا أننى كذلك أود أن أوضح أن عزاء القارئ ذاته هو أن الكاتب هو شخص يدرى أنه أبعد ما يكون عن هذه المثالية. أريد قواعد ومبادئ أساسية وسياسية وإنسانية وقانونية لا نختلف عليها ونطبقها طوال الوقت وعلى الجميع ودون استثناء.
من يريد أن يغير آراءه ومبادئه فهو حر بالتأكيد، وأحياناً يكون فى ذلك نمو وتواضع ونزاهة، ولكننى أبغض ادعاء شخص ما الدفاع عن نفس المبادئ بحماسة عنيفة وتخوين لكل من هو غيره وهو يناقض نفس تلك المبادئ بشكل صريح وعلنى. أريد أن يكون الطبيعى هو التطبيق العادل للقانون العادل الذى تمت صياغته بشكل عادل ووافٍ ويعبر عن توافق واسع وعادل. لا أريد ازدواجاً فجاً وصريحاً فى المعايير لدى الأفراد أو المجتمع أو سير العدالة أو الدولة ومؤسساتها. أريد حقوقاً تنطبق على الحر والمسجون، والبرىء والمذنب والمتهم، والحاكم والمعارض والمحايد، والغنى والفقير ومن بينهما، ساكن الحضر وابن الريف وقاطن العشوائيات (حتى تختفى العشوائيات ويجد أصحابها بيوتاً تليق بإنسانيتهم)».
انتهى هذا الجزء من مقال باسم صبرى فى «بوابة يناير» فى 21 مارس الماضى. أرجو أن نعيد قراءته. مجتمع أكثر تسامحاً مع المخالفين فى الرأى والمختلفين فى التوجه سيؤدى إلى المزيد من التحضر مثلما كان «باسم صبرى».
غير منزعج من رحيله؛ فقريباً سأكون بجواره.
الله يرحمه.
"الوطن"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باسم صبرى صوت الثورة العاقل المتحضر الذى مات باسم صبرى صوت الثورة العاقل المتحضر الذى مات



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon