توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التعليم بإشراف شخصى من الرئيس: ما العمل؟

  مصر اليوم -

التعليم بإشراف شخصى من الرئيس ما العمل

معتز بالله عبد الفتاح

جاء فى الأنباء أن مصدراً مسئولاً بديوان وزارة التربية والتعليم قال إن الوزارة تلقت خطاباً رسمياً من رئاسة الوزراء، يفيد بتشكيل لجنة من ٦ وزراء، للعمل على تطوير جميع المناهج الدراسية، وذلك بإشراف «شخصى» من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤكداً أنها ستكون «لجنة إشرافية».

وأكد الخطاب، وفقاً للمصدر، أن الرئيس وجه بعدم الاقتصار على تطوير منهج مادتى «العلوم» و«الرياضيات»، والعمل على تطوير مناهج كافة المواد، لافتاً إلى أن هذه اللجنة تتكون من وزراء الشباب والرياضة، والثقافة، والتنمية المحلية، والتعليم العالى والبحث العلمى، إضافة إلى الدكتور الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم.

وكلف الخطاب الذى تلقته وزارة التربية والتعليم، أمس، وزير التربية والتعليم بإجراء فحص لقائمة أساتذة الجامعات، الذين يتمتعون بخبرات جيدة فى المناهج، لتكوين لجنة منهم تعمل على التطوير الكلى، مشيراً إلى أن لجنة الوزراء ستكون «لجنة إشرافية» فقط.

ونوّه المصدر بأن الخطاب تضمن تأكيداً على أن الرئيس السيسى سيشرف على هاتين اللجنتين «شخصياً»، على أن يرفع «المجلس التخصصى للتعليم»، تقارير أسبوعية له عنهما، فور التشكيل النهائى لهما.

طيب، الحمد لله... هذه خطوة موفقة، ولى عدة ملاحظات ثم اقتراحات.

أولاً، تبنت وزارة التربية والتعليم تاريخياً استراتيجية «الطالب القفة» الذى يمكن أن «ندفس» فى دماغه أكبر قدر ممكن من المعلومات مثلما «ندفس» فى «القفة» أكبر قدر ممكن من «الحاجات» سواء كانت مفيدة أو غير مفيدة. وتحت عنوان تطوير المناهج أصبحت المقررات أكثر تعقيداً، والمدرسون أقل استيعاباً لها، والطالب أكثر بغضاً لها، وأصبحنا فى «مسرحية تعليمية» الكل فيها يؤدى دوراً ما كى يبدو وكأن عندنا عملية تعليمية صحيحة.

ثانياً، المسئولية قطعاً لا تقع على الإدارة الحالية لوزارة التربية والتعليم وإنما هى مسألة تاريخية والتدهور له تاريخ حتى وصلنا إلى الطالب الذى يغش والمدرس الذى يتاجر بالدروس الخصوصية والمقرر الذى يبدو شكلياً على أحدث ما ذهبت إليه دول أكثر تقدماً فى العلم مثل سنغافورة وفنلندا وكندا وغيرها.

ثالثاً، ولكن المعضلة أن المقرر الذى يدرسه الطلاب هؤلاء فى هذه الدول المتقدمة يأتى معه تدريب موازٍ للمدرس حتى يكون قادراً على توصيل المادة العلمية وفصل دراسى متوسط عدد طلابه 30 طالباً ومدرسة معدة تماماً لاحترام آدمية الطالب وتربيته وتدريبه.

وحين ننقل هذه المقررات إلى طلابنا فى مصر، فلا عجب أن ينتهى بإدارة المدرسة والمدرس والطالب فى «حيص بيص» لأنهم مطالبون بما لا يطيقون؛ فلا المدرسة مؤهلة للأنشطة المصاحبة للمقررات، ولا المدرس مستوعب المقرر التعليمى، ولا الطالب فى المقابل قادر على فهم من الذى «حدفه» فى المصيبة التى هو فيها.

أقسم بالله، لقد قابلت طلاباً فى الإعدادية والثانوية بدأوا يكرهون مصر بسبب ما تفعله فيهم وزارة التربية والتعليم. نحن لا نفعل خيراً بأبنائنا حين نستعرض عليهم قدراتنا فى «تصعيب» المقرر ولا نمد الطلبة بالمدرس القادر على التفاعل الإيجابى مع المقرر والمناخ الدراسى المناسب لهذه المقررات.

رابعاً، لماذا لا نستمع للطلاب وأولياء الأمور. لماذا لا نلتقى مع «متلقى الخدمة»؟ لماذا يجلس مجموعة من المتخصصين فى غرف مغلقة ليقرروا لطلابنا ماذا يدرسون دونما اعتبار للخبرة السلبية المعاصرة التى يعانى منها هؤلاء.

خامساً، الطالب المصرى لا يتعلم ولا يتربى. أزعم أن أكثر ما يتعلمه طلابنا فى المدارس الآن هو «انفصام الشخصية» الناتج عما يقال له مما ينبغى أن يكون وما يحدث فعلياً فى المدرسة. نعلّم الطالب كلمات عن الأمانة والصدق ورفض قبول الرشوة والإتقان والإخلاص وهو لا يرى أمامه، إلا نادراً، الإدارة والمدرسين الذين يلتزمون هذه القيم. ما الذى يتعلمه الطالب حين يعرف أن المدرسين يجاملون أبناء المدرسين الآخرين بإعطائهم درجات أعلى دون استحقاق؟ ما الذى يتعلمه الطالب حين نعطيه كتباً فى الكمبيوتر والتربية الوطنية والدين دون أن يكون هناك تدريس حقيقى لها لأنها «مش داخلة فى المجموع». ثم محتوى مادة مثل الكمبيوتر مثلاً مضحك لأقصى درجة وحرام علينا أن نضيّع وقت طلابنا وهذا الكم من الكتب المطبوعة فى محتوى عتيق أشبه بمن يدرس تاريخ صناعة «البمب» فى زمن الصواريخ العابرة للمحيطات.

سادساً، ما الفائدة التى تعود على أى حد حين يطلب من الطالب أن «يحفظ» 15 نصاً فى الشعر والأدب والقرآن الكريم والأحاديث الشريفة وبالتالى ينتهى بالطالب أنه لا يحفظ أى شىء، ويطلب منه المدرسون أن يكتب أى حاجة، وسيأخذ درجة على أى حاجة مكتوبة حتى لو خطأ. وكأنه «اتفاق» بين المدرسين أن الطالب حين لا يعرف كيف يجيب عن سؤال، فإن أى «فتى» سيكون له جزء من الدرجة.

طيب، لماذا لا نطلب من الطالب أن يحفظ فقط ثلاثة أو أربعة نصوص، فقط لا غير؟ هذا عدد معقول يمكن للطالب أن يحفظه فعلاً حتى لا يفقد مهارة الحفظ، وتكون معقولة حتى تتناسب مع قدرات الطالب.

ما يحدث عملياً أننا نطلب منهم الكثير مع تدريس ضعيف، فينتهى بهم الحال إلى الدروس الخصوصية و/أو الكتب الخارجية التى تلخص المنهج للطالب فيتحول المنهج الذى هو فى 300 صفحة إلى 15 صفحة، يحفظها الطالب ويدخل يكتب ما جاء فى الملخص بغض النظر عن الأسئلة. والمفاجأة أن هؤلاء الطلبة عملياً ينجحون لأن المدرسين يتساهلون.

فتحدث الرباعية الخطيرة: يحصل الطلاب على الشهادة، والمدرسون على الفلوس، والوزارة على الشكل، والمجتمع على التخلف.

سابعاً، لو كان الأمر بيدى لفعلت ما فعلته الصين فى عهد «دينج تساو بينج» بحيث يكون التعليم ما قبل الجامعى تعليماً مركزاً على الأساسيات وبعيداً عن التفاصيل المعقدة التى تُترك للجامعة بحيث يحكم المقرر التعليمى من ابتدائى وحتى ثانوى ما يلى:

1- التركيز على القيم الوطنية والإنسانية (هناك منظومة خماسية تقوم على القيم الأخلاقية، القيم السلوكية، القيم الاجتماعية، القيم السياسية، القيم الاقتصادية).

2- التركيز على الأساسيات التى يمكن أن يبنى عليها الطالب فى المستقبل وتحديداً: اللغة العربية، اللغة الإنجليزية (90 بالمائة من المتاح عالمياً فى المجالات المعرفية المختلفة مكتوب بالإنجليزية)، حد أدنى من مهارات حسابية ورياضية، معلومات عامة فى مجال الفيزياء والكيمياء والأحياء، التاريخ، الجغرافيا، المنطق، الفلسفة، علم الاجتماع، علم النفس.

3- تحويل كتب المدرسة من كتب متغيرة من سنة لأخرى إلى مراجع مبسطة وخالية من الحشو يتسلمها الطالب فى ابتدائى أو أولى إعدادى وتبقى معه حتى نهاية التعليم الثانوى. مثلاً، بدلاً من طباعة كل سنة كتاب فى التاريخ والجغرافيا والكيمياء وغيرها، لماذا لا يحصل الطالب فى بداية المرحلة الإعدادية مثلاً على كتاب واحد فيه كل تاريخ مصر من مينا نارمر وحتى العام الماضى؟ وهكذا فى كل المواد. ويكون الطالب مطالباً بالاحتفاظ بالكتاب لأنه سيستخدم فى السنوات التعليمية المقبلة، وهكذا فى كل المواد.

4- المهارات الشخصية ليست ترفاً. وأصبح تدريب الطلاب عليها أهم كثيراً من حفظ معلومات كثيرة غير مفيدة. وبالمناسبة «جوجل» يعرف كل حاجة لمن يريد أن يبحث عن معلومة ولكن كيف نستفيد من المعلومة ونضعها فى إطار يخدم قضية أكبر، وكيف يعمل الطلاب معاً كجزء من فريق عمل.

قال لى صديق مصرى يعمل فى الصين منذ أكثر من 20 عاماً: العامل الصينى الشاطر يخرج من المدرسة يعرف ثلاث مهارات: الإنجليزية والكمبيوتر والعمل باجتهاد.

خلاصة الكلام: يا ريت نركز بعمق فى الأساسيات وبلاش «افتراء» على الطلبة وأهاليهم... الناس تعبت جداً والناتج لا يبرر كل هذه التعقيدات التى نضعها فى مناهجنا.

هذه أفكار قد تفيد.

والله الموفق والمستعان.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التعليم بإشراف شخصى من الرئيس ما العمل التعليم بإشراف شخصى من الرئيس ما العمل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon