توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إصلاح الخطاب الدينى لا يبدأ من الدين

  مصر اليوم -

إصلاح الخطاب الدينى لا يبدأ من الدين

معتز بالله عبد الفتاح

يظن خطأ من يعتقد أن علماء الدين سيصلحون الخطاب الدينى، أو أن ممثلى أندية الكرة سيصلحون من شأن القواعد المنظمة للعبة، أو أن الإعلاميين سيصلحون من شأن الإعلام لسبب أساسى وهو أن الوضع الراهن، المطلوب إصلاحه، سواء فى الدين أو فى الكرة أو فى الهندسة أو فى المحليات أو فى الإعلام، يحافظ على مصالح أصحابه وعن رؤيتهم لأنفسهم ولعلاقاتهم بالدولة والمجتمع. حين تطلب منهم هم أنفسهم أن يصلحوا من خطابهم أو قواعد عملهم، فأنت تطلب منهم أن يعملوا ضد مصالحهم أو على الأقل ضد ما اعتادوا عليه، لذا ليس غريباً أن يكون الرد فاتراً أو متجاهلاً للدعوة الأصلية.

وإذا انصرف الكلام إلى «إصلاح الخطاب الدينى» والتناظر بشأنه، كما حدث ويحدث بشكل متكرر خلال الشهر الماضى، فهو «خناقة فى المدرجات» وليس فى ساحة الملعب، هو من الآخر «قذف خارج الرحم»، ولو كنا جادين، فإصلاح الخطاب الدينى لا يبدأ من الدين، نصوصاً أو تفسيراً أو تراثاً، وإنما يبدأ من الدولة.

ما الذى تريده الدولة؟

هل هى تريد أن تتقدم آيات من قبيل: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ» على آيات من قبيل: «وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا» أم العكس، أم هى دولة مش فاهمة حاجة أصلاً؟

هل هى دولة تريد: «من بدَّل دينه فاقتلوه» أم «فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»؟ أم هى دولة «معبطة» فى نفسها ومش عارفة هى عايزة إيه؟

هل هى دولة تريد أن ترفع شعار «لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ»؟ أم هى دولة ترفع شعار «وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى»؟ أم هى دولة تهذى بما لا تعرف ولا فارقة معاها حاجة؟

هل هى دولة تريد أن تعلى قيم «وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ» لتربطها بالديمقراطية الحديثة أم هى دولة تريد أن تعلى من أمر «مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ» وما يرتبط بها من ديكتاتورية تدعى أنها مستنيرة؟ أم هى دولة ماشية وممشية البلد اليوم بيومه؟

هل هى دولة لديها إجابة عن سؤال: «أَفَمَن يَمْشِى مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِى سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» أم هى دولة مش فارق معاها الصراط المستقيم من الانكباب على الوجه؟

يوم أن وقف مهاتير محمد فى ماليزيا مخاطباً علماء الدين الإسلامى فى ماليزيا، ومعظمهم إما تعلموا فى الأزهر أو تتلمذوا على شيوخه، طلب منهم ثلاث قيم فقط لا غير، وسماها القيم الإسلامية: الإتقان، والنظافة، والأمانة.

بس خلاص...

ودارت الوظيفة التربوية للدولة على هذه القيم الثلاث، ماكينة الوظيفة التربوية للدولة لها خمسة تروس: الخطاب الدينى، والخطاب الإعلامى، والخطاب الثقافى والفنى، والخطاب التربوى، والخطاب السياسى، والمفاجأة أن هذا الأخير، أى الخطاب السياسى، هو الذى يقود بقية الخطابات.

السؤال: هل خطاب الدولة المصرية يوضح رؤية ومعها استراتيجية أى «إرادة ومعها أدوات إدارة» حتى تتحرك الماكينة التربوية للدولة؟

لأ...

طيب... شكراً...

يبقى «قذف قوى خارج الرحم» أو «خناقة جامدة فى المدرجات» أو «جون رائع بعد الحكم ما صفر» أو «حفلة عظيمة بس اتلغت».

لما الدولة تكون عندها رؤية واضحة بشأن هى عايزة إيه، يبقى الماكينة تتحرك.

لما رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة يبقى فاهم هو عايز إيه من مين إمتى وإزاى يبقى نعرف نحاسب عم «زرقانى» اللى ماسك «مقشة» أمام بيتنا وقاعد على الرصيف معظم الوقت. لكن انت ما علمتوش وما فهمتوش وما أقنعتوش ومتوقع منه إنه يعمل اللى انت مش عارفه أصلاً؟ غريبة شوية.

وحتى لا أكون عدمياً...

لو الدولة ناوية تجدد الخطاب الدينى، فالخطاب الدينى هو جزء من «وظيفتها التربوية» (آه والنعمة دى... زى ما بقولك كده).

المفروض أن هذه الوظيفة التربوية تبدأ بتحديد «خصائص الإنسان المصرى» اللى إحنا عايزينه وبعدين نبدع آليات عبر الخطابات الخمسة المشار إليها عشان نخلق فى الإنسان المصرى هذه الصفات، وهى صفات إنسانية وليست سياسية.

مثلا محتاجين الإنسان المصرى اللى عمره الآن 10 سنوات يكون بالخصائص التالية بعد 10 سنوات:

فى مجال القيم الاقتصادية الضرورية، هناك القيم الخادمة والمؤسسة لـ:

1- ريادة الأعمال والمخاطرة المحسوبة ودراسات الجدوى.

2- الاجتهاد والتطور المهنى.

3- العقلية الاستثمارية: الادخار وعدم التبذير.

4- الفخر بالإنجاز الشخصى والمنتج المصرى.

5- الأجر مقابل الإنتاجية وليس مقابل الدرجة العلمية.

6- الحفاظ على المال العام.

7- وطنية القطاع الخاص ومسئوليته الاجتماعية.

8- أهمية الاستثمار الأجنبى واحترام حقوق السائح المقبل إلى مصر.

القيم السياسية التى ينبغى أن يركز عليها الخطاب الدينى هى:

1- المساواة السياسية والقانونية.

2- المشاركة.

3- احترام الحقوق والحريات للجميع.

4- احترام الرأى الآخر وعدم التخوين.

5- إعلاء المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

6- التعامل مع الحلول الجذرية وليس مع المسكنات.

القيم السلوكية التى ينبغى أن يركز عليها الخطاب الدينى:

1- النزاهة والامتناع عن الرشوة والفساد.

2- التذوق الجمالى.

3- النظافة الشخصية والنظافة العامة (عدم إلقاء القمامة فى الشارع).

4- ثقافة الاعتذار عن الخطأ إن حدث.

القيم الاجتماعية:

1- التركيز على نوعية البشر وليس على كمية البشر ومواجهة ظاهرة الإنجاب بلا حساب.

2- عدم التمييز ضد أو الحط من شأن أى إنسان آخر.

3- العمل الجماعى.

4- احترام حقوق الآخرين فى بيئة نظيفة ضد التلوث السمعى والبصرى واحترام حق الآخر فى الفضاء العام (شارع وسكن آمن ومحترم).

5- احترام حقوق الفئات الأضعف (كبار السن، الأفقر..).

6- الغنىّ ليس بالضرورة فاسداً.

7- المخالف فى العقيدة ليس بالضرورة كافراً بالله.

قيم معرفية:

1- قيمة البحث والدراسة وعدم الفتْى والفهلوة (الادعاء المعرفى).

2- الانفتاح على الأفكار الجديدة والتعرف عليها حتى إن لم نتبنَّها.

3- قيمة العلم والمعرفة والقراءة.

4- رفض النظرة السلبية للعالم واعتبار أن كل ما/ من هو مقبل من الخارج عدو ومرفوض.

5- رفض تنميط الناس وإطلاق أحكام عامة سلبية عنهم بسبب الطبقة أو الرأى أو العقيدة أو الدين أو الملبس الخارجى.

6- التفكير النقدى واتخاذ القرار على أسس علمية.

أختم بأن أقول: «لا مجال لمصر جديدة، إلا بإنسان مصرى جديد».

لما الدولة تتبنى وثيقة توضح فيها خصائص الإنسان المصرى الذى تريد، هيتوقف الدعاة والمشايخ عن مناقشة «ابن تيمية» حلو ولا وحش، وهيعملوا حاجة مفيدة فى حياتهم: ببساطة هينفذوا تعاليم دينهم: عبادة الله وعمارة الكون.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إصلاح الخطاب الدينى لا يبدأ من الدين إصلاح الخطاب الدينى لا يبدأ من الدين



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon