بقلم : كريمة كمال
تلقت غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، رئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، تقريرا عن نتائج لجنة الكشف عن تعاطى المخدرات بين العاملين في الوزارات والمؤسسات المختلفة للدولة للتأكد من عدم تعاطيهم المخدرات، ووقعت اللجنة الكشف على 8282 من الموظفين في ثمانى وزارات وكذلك سائقو الحافلات المدرسية خلال يناير وفبراير الماضيين، وتبين تعاطى 250 حالة المواد المخدرة، حيث يتم إحالة الموظف إلى النيابة الإدارية لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وتصل العقوبات إلى الفصل من العمل.
ووجهت «والى» باستمرار تكثيف الحملات للكشف عن تعاطى المخدرات بين العاملين في الوزارات والمؤسسات بجانب الكشف على سائقى حافلات المدارس والطرق السريعة بالتعاون مع الجهات المعنية من أجل التأكد من عدم تعاطيهم المواد المخدرة.
وأوضح عمرو عثمان، مساعد وزيرة التضامن، مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، أنه يتم التنسيق حاليا مع كافة الوزارات والمؤسسات المختلفة لإمداد الصندوق ببيانات عن العاملين لديهم وأعدادهم وأماكن تواجدهم من أجل تنسيق حملات الكشف عليهم للتأكد من عدم تعاطيهم المواد المخدرة.
السؤال هنا هو: لماذا العاملون في الوزارات والمؤسسات؟ قد يكون مفهوما أن يخضع للكشف عن التعاطى سائقو الحافلات المدرسية لخطورة القيادة تحت تأثير المخدر، وهو الأمر الذي ينطبق أيضا على سائقى الحافلات على الطرق السريعة، وكذلك سائقو القطارات أيضا لخطورة القيادة تحت تأثير المخدر. من هنا فالكشف على سائقى الحافلات المدرسية والقطارات والنقل على الطرق السريعة مفهوم بل مطلوب لعدم تعريض أي إنسان للخطر الذي تحدثه القيادة تحت تأثير المخدر، لكن ما الخطر الذي يشكله تعاطى موظف في مؤسسة أو وزارة من الوزارات؟ هذا تعميم غير مفهوم بل غير مطلوب على الإطلاق وهو تعميم يصل بالأمور إلى حد التدخل في الحرية الشخصية والتفتيش في تصرفات البشر دون أي مدعاة لذلك، وهو استغلال للقوانين للتفتيش في تصرفات البشر التي لا تشكل أي خطورة على أي أحد سوى الإنسان نفسه؛ مما يحول الدولة إلى وصية على الموظفين تستطيع التفتيش عليهم ومحاسبتهم على تصرفاتهم التي لا تؤثر على قيامهم بوظيفتهم من عدمه، وبالتالى فهو تفتيش في الضمائر والتصرفات التي لا تمس أحدا سوى الشخص نفسه. من هنا فالتعميم من وظائف بعينها يؤثر عليها التعاطى بشكل واضح إلى كل الموظفين في الوزارات والمؤسسات هو تعميم مخلّ يمس حرية الحياة الشخصية طالما لا يشكل خطرا على الغير.
إن التعميم هنا يخرج عن مقتضيات الوظيفة إلى الجميع ممن لا تقتضى مقتضيات وظيفتهم عدم التناول أو التعاطى، وبالتالى فهى وصاية غير مقبولة بل غير مفهومة سوى أن تكون وسيلة للحد من التعاطى الذي يجب الترويج له بالدعاية والإقناع وليس بالفصل من الوظيفة.. من ناحية أخرى هناك ثغرة أخرى في هذه المسألة وهى التفريق بين التعاطى والإدمان فكيف لحملات الكشف عن المخدرات أن تحدد من هو المدمن ومن هو من يتعاطى مرة أو مرات قليلة؟ ومن الذي يتم فصله كعقوبة، هل هو المدمن أم من تعاطى فقط؟ هناك العديد من الثغرات في هذه المسألة يجعل من مسألة العقاب بالفصل مسألة شائكة.. الخطورة الحقيقية في هذه الحملات وامتدادها من الخاص للعام ومن الوظائف التي لها حساسية خاصة لأنها تمس أشخاصا يقومون بالقيادة سواء لحافلات المدارس أو القطارات أو النقل على الطريق السريع إلى الجميع دون أي مدعاه لذلك سوى امتلاك القدرة على الترهيب والتدخل في التصرفات الشخصية، وهو ما يمس دور الدولة وحقها في التدخل في الحياة الشخصية من عدمه.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع