توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أفغانستان: المهرب من المأزق السياسي

  مصر اليوم -

أفغانستان المهرب من المأزق السياسي

أمير طاهري

برفضهما اعتلاء ظهر الغوغائية، أثبت منافسا الرئيس الأفغاني أشرف غني وعبد الله عبد الله، درجة مقبولة من الحنكة السياسية. وبدلا من دفع البلاد في طريق الفوضى، وحتى الحرب الأهلية، اتفق الرجلان على تسوية خلافاتهما بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية من خلال التفاوض وفق إطار القوانين المعمول بها.
إنهما يواجهان تحديا هائلا. ولكن، كما هو الحال في غالبية الأمور السياسية، يعتبر التحدي في حد ذاته فرصة. إذا ما استخدمت تلك الفرصة بصورة جيدة، يمكن لأفغانستان أن تبدو أكثر اتحادا وأقوى. وإذا فشلا، فإن الحلقة المفرغة التي بدأ دورانها عقب الإطاحة بالرئيس محمد ظاهر شاه عام 1972 سوف تستمر في الدوران بشدة.
وأول ما يتحتم على القائدين فعله هو الابتعاد عن الكليشيهات الاعتيادية المهيمنة على دراسة السياسة الأفغانية في المحافل الدولية.
وأحد تلك الكليشيهات هو أن أفغانستان ليست دولة، بل «مجموعة من القبائل والفصائل العرقية»، حيث ينص هذا الكليشيه على إحدى الحقائق المخفية للحقيقة.
هناك ما لا يقل عن 18 طائفة عرقية أو دينية في أفغانستان وأربع مجموعات لغوية رئيسة. وعندما ينظرون بعضهم إلى بعض، فإن تلك المجموعات العرقية بوضعيتها اللغوية والدينية تهتم بما بينها من خلافات. ومع ذلك، عندما ينظر إليهم الآخرون، فإنهم يشعرون أنهم جميعهم ينتمون إلى عائلة أفغانية واحدة.
لا وجود للحركات الانفصالية في أفغانستان، ولا يوجد أفغاني يشعر بأنه ينتمي إلى كيان - غالبا خيالي - خارج حدود بلاده.
بعض الأفغان يحملون طموحات تحررية حيال الأراضي الحدودية الباكستانية حيث توجد قبائل البشتون وما يماثلها. ومع ذلك، لا يريد الأفغان الانضمام إليهم. إن الأمل لديهم يكمن في الانضمام إلى أفغانستان.
ولا يحلم عرق الطاجيك بالانضمام إلى طاجيكستان القريبة، رغم أن البعض يأملون في أن تصبح طاجيكستان جزءا من أفغانستان الكبرى في يوم من الأيام. ويصح القول كذلك بالنسبة للأوزبك والتركمان (Char - Imaq)، حيث يعتبرون أنفسهم أفغانا من المولد إلى الممات.
لا أعرف أيضا أن أيا من الهزارة، وهم الأفغان ذوو الأصول المغولية والتدين الشيعي، ينظرون إلى منغوليا بصفتها موطن أجدادهم.
وفي أفغانستان، تعتبر الطوائف العرقية والفصائل الدينية مثل تيارات مختلفة تصب في نهر واحد كبير، وليس بعيدا عنه.
لدينا هنا حالة واضحة من الوحدة في التنوع.
وكل ذلك، ورغم ما تقدم، لا يعني أن الهويات العرقية والطائفية غير ذات أهمية. بل إنها مهمة للغاية.
يحلم الأفغان برؤية انعكاس ذلك التنوع على جميع جوانب وحدتهم. ولا يمكن، رغم ذلك، تحقيق هذا المأرب من خلال نظام الحصص، على النحو المعمول به في الغرب مع مخططاتهم السياسية الصحيحة.
وقد أدرك أكثر ملوك الأفغان نجاحا ذلك بالفطرة وشكلوا الإدارات التي تعكس تنوع الدولة من دون اللجوء إلى نظام الحصص القاسية المستند إلى البيانات الإحصائية.
والكليشيه الثاني هو أن الأفغان بحاجة إلى الخضوع لحكم «القبضة الحديدية».
ولا شيء آخر يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة من ذلك.
في عام 1970 عندما زرت أفغانستان لأول مرة، كانت الدولة من أكثر دول العالم أمانا، في حين أن الملك وحكومته كانوا يشكلون 90 في المائة من التمثيل الرمزي على الأراضي. وبعد عقد من الزمن، ورغم وجود مائة ألف جندي سوفياتي ووجود الجيش الشيوعي المحلي وميليشيات تقدر بنصف مليون جندي، لا يشعر أحد بالأمان، ولا حتى في القصر الرئاسي في كابل.
في واقع الأمر، لدى الأفغان حساسية ضد «القبضة الحديدية». فإذا رغبت في حكم الأفغان في سلام، فتذكر أنهم يفضلون قفازات الأطفال.
وهناك كليشيه آخر يقول إن معظم الأفغان من القبائل والعشائر الجائلة في الصحاري والجبال أو الذين يناضلون من أجل لقمة العيش في القرى الصغيرة. لم يكن ذلك صحيحا فيما سبق كي يكون صحيحا اليوم. تمركزت أفغانستان دائما حول واحدة أو أكثر من المناطق الحضرية الكبرى، وفي بعض الأحيان، تحولت تلك المناطق إلى عواصم للإمبراطوريات العظيمة. غزنى، على سبيل المثال، كانت عاصمة واحدة من أعظم الإمبراطوريات في تاريخ المسلمين تحت حكم السلطان العثماني محمود. وهناك مدن مثل بلخ، وهيرات كانت تعتبر مراكز مهمة للثقافة والعلوم والآداب الإسلامية الإيرانية.
واليوم، يعيش أكثر من 25 في المائة من السكان في البلدات والمدن، ويجري تحضر أفغانستان بنسبة 4.2 في العام، وهو ما يقرب من ضعف المعدل السنوي للمواليد. ويشاطر سكان المناطق الحضرية الناشئة التطلعات نحو التنمية والديمقراطية مع نظيراتها من مناطق أخرى في العالم.
وهناك لمسة واحدة أخرى يمكن إضافتها إلى تلك الصورة الكبيرة.
خلال العقود الأربعة المنصرمة، أي منذ سقوط ظاهر شاه، عانى ثلث سكان أفغانستان على الأقل من النفي لفترات زمنية متفاوتة؛ فلقد ذهب بعضهم إلى أماكن بعيدة مثل أوروبا الغربية، وأميركا الشمالية، وحتى إلى أستراليا. وقد عززت تلك التجربة العالمية من المزيج المثير للاهتمام من محدودية التفكير وعالميته.
وباستبعاد الكليشيهات سالفة الذكر، لن يكون من العسير تفهم أن الدستور الأفغاني الحالي، الذي أملاه الخبراء الأميركيون إلى حد كبير، مع القليل من أو عدم المعرفة من جانب الأفغان، لا يعكس وقائع الوجود الأفغاني كدولة قومية تسعى للتحديث. والفكرة الأميركية للنظام الرئاسي حيث يمثل السلطة التنفيذية رجل واحد قد أسفرت عن محدودياتها داخل الولايات المتحدة ذاتها. وإذا نجحت الولايات المتحدة في الطفو على سطح ذلك النظام فالفضل في ذلك يعود للمؤسسات القوية التي تشكلت عبر قرنين من الزمان. وفي غير وجود هذه المؤسسات، التي تحتاج إلى وقت لكي تتكون، لن يمكن حكم أفغانستان بالنظام الرئاسي.
وبالتالي، ما يحتاج عبد الله وغني إلى فعله هو الاتفاق على الإصلاح الدستوري الرئيس ليحل محل النظام الرئاسي الأميركي آخر من حكومة برلمانية على غرار الديمقراطيات الأوروبية الغربية. مثل ذلك النظام سوف يوفر تشكيل الحكومات الائتلافية التي تعكس وحدة الدولة الأفغانية من دون الإجماع.
وتثور الحاجة أيضا إلى الإصلاح الدستوري للتحرك بعيدا عن النظام شديد المركزية المفروض على الورق منذ سقوط نظام طالبان. قد تستفيد أفغانستان من جرعة قوية من انتقال السلطة التي تعكس التنوع في مجتمعاتها، بدلا من الهيكل الاتحادي الكامل.
شكل عبد الله وغني، جنبا إلى جنب، فترة انتقالية للإصلاح الدستوري والانتخابات المحلية والوطنية الجديدة، يمكنها الابتعاد بالبلاد عن الشقاق المدني من خلال تطوير برنامج مشترك حول كيفية بناء توافق وطني حقيقي.

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفغانستان المهرب من المأزق السياسي أفغانستان المهرب من المأزق السياسي



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon