توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عودة الوحش الهادئ مع تغريدات ترمب

  مصر اليوم -

عودة الوحش الهادئ مع تغريدات ترمب

بقلم : أمير طاهري

كيف يتصرف دونالد ترمب؟

جال هذا السؤال، خلال الأسبوعين الماضيين، عبر مختلف الدوائر السياسية والاستشارية بشأن الأشهر الستة الأولى لولاية الرئيس الأميركي الجديد.

ويعتمد الجواب على نوعية وجهة النظر التي يملكها المرء في خلده. ومن زاوية الرئيس الأميركي، فإن الأمور تسير على خير ما يرام بالنسبة له. فلقد تمكن من أن يحتل مركز الاهتمام العالمي وبؤرة تركيز مختلف وسائل الإعلام العالمية، وبصورة شبه مستمرة دونما توقف، وبالتالي يشبع شغفه الشخصي، على ما يبدو، بالاهتمام الذي لا ينقطع. وفي الوقت ذاته، جعل من المستحيل على خصومه السياسيين مواجهته في مضمار السياسات. وبعدم فعل ما يلزم في هذا المضمار، فهو قد تفادى تماماً التعرض للانتقادات والسخرية. وحتى يتجنب وصفه بالرئيس الذي لا يصنع شيئاً، رغم كل شيء، فلقد ملأ الفراغ السياسي الكائن بطوفان من التغريدات السياسية وفيضان من الأوامر التنفيذية الرئاسية، وفي الوقت نفسه يسلط المزيد من الضوء على بعض النجاحات المفاجئة، بما في ذلك المقدرة على تسمية الشخصية التي اختارها لشغل المقعد الوحيد الشاغر في هيئة المحكمة العليا بالولايات المتحدة.

ولقد نجح ترمب في تحويل النقاش السياسي داخل الولايات المتحدة إلى ما وصفه عالم الاجتماع مالينوفسكي بقوله «التواصل الفاتيوي» أو «المحادثات قليلة المحتوى»، وهي العملية التي تهدف بالأساس إلى استمرار المناقشات من دون نقل أية معان ملموسة - أو مثلما كان المؤلف المسرحي الدرامي الآيرلندي يصنع في مسرحياته.

أما طريقة السيد ترمب، إن كان يمكن للمرء وصفها بذلك، فتستند إلى دعامتين أساسيتين؛ الأولى تتعلق بإثارة الالتباس بشأن شخصيته العامة والخاصة، فكل الشخصيات العامة تملك وجهين: وجه مزيف يتعاملون به في الأماكن العامة، ووجه آخر حقيقي يعيشون به في عالمهم الخاص. وفي حالة السيد ترمب، رغم ذلك، فإن الوجه العام هو الحقيقي والأصلي، أما الوجه الخاص، فهو المزيف، كما اكتشف الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين ذلك في الآونة الأخيرة.

أما الدعامة الثانية، فتدور حول إخفاء الأمور المهمة من خلال الإفراط في التعرض. والنموذج المفسر لهذه الدعامة يتضح من خلال قصة إدغار آلان بو القصيرة بعنوان «الرسالة المستلبة»، وفيها يقوم أفضل المحققين الفرنسيين، أوغست دوبين، باستخدام مصادره الممكنة كافة بغية اكتشاف رسالة مساومة تحمل قدراً من الأدلة الدامغة لدرجة أنها لم يلاحظها من أحد قط. ولأن الجميع يرى ويشهد ما يفعله السيد ترمب، أو يظنون أنهم يرون ما يصنعه السيد الرئيس، فلا يعرف أحد في واقع الأمر ما الذي يصنعه الرجل في الحقيقة، مما يمنحه رفاهية حظي بها عدد قليل للغاية من رؤساء الولايات المتحدة السابقين، ألا وهي الفرار من فخ مقدرة الآخرين على التنبؤ المسبق بما سوف يفعل.

والأهم من ذلك، ربما، أن السيد ترمب تمكن من المحافظة على قاعدة دعمه وتأييده الأصلية في حالة مصونة غير منقوصة. فلقد أظهرت آخر استطلاعات الرأي في يوليو (تموز) الماضي أن معدلات التأييد والاستحسان لديه لا تزال تدور حول 39 في المائة، وهي أدنى النسب المسجلة لأي رئيس سابق خلال عامه الأول من الرئاسة، ولكنها، وعلى نحو مفاجئ للجميع، تقترب وبشدة من قاعدة التأييد الجماهيرية التي مكنته من اجتياح الانتخابات الرئاسية في طريقه نحو البيت الأبيض.

وعلى كل الأصعدة، فإن رئاسة السيد ترمب للبلاد هي رئاسة استثنائية نظراً لأن السيد ترمب نفسه شخصية غير اعتيادية تعيش في البيت الأبيض، فهو الرئيس الأول من غير خلفية سياسية مسبقة الذي يستطيع الفوز بالرئاسة منذ الرئيس الأسبق دوايت أيزنهاور في عام 1952. كما أنه أول رئيس يتمكن من الوصول إلى البيت الأبيض من دون الدعم الفعال من أي من الحزبين الكبيرين في البلاد.

وتقول الحكمة التقليدية في العاصمة واشنطن إن رئاسة السيد ترمب قد فشلت فعلياً، وإن التغيير على رأس السلطة في البيت الأبيض ليس إلا مسألة وقت.

ولست متأكداً من ذلك. فمن الناحية السياسية، ليس هناك بديل محتمل للسيد ترمب، سواء كان جمهورياً أم ديمقراطياً، يمكنه حشد قاعدة الدعم والتأييد التي يحظى بها الرجل في الوقت الراهن. والمواطنون الأميركيون، المنقسمون على أنفسهم أيما انقسام، يبدو أنهم قد اعتادوا على النسخة الجديدة من عروض الملاكمة العلنية في واشنطن، ويحاولون العيش وتحسين أحوالهم المعيشية كما لو كانت الحكومة الأميركية مثل الطيار الآلي الذي يقود بنفسه الطائرات.

والحكومات العاملة بنظام الطيار الآلي لا ينبغي التخلص منها على حين غرة، كما لو كانت من علامات سوء الطالع.

وفي واقع الأمر، هناك أمثلة عدة في التاريخ، بما في ذلك القصة الأميركية نفسها، والنتائج الجيدة للغاية الناجمة عن القيادة بأسلوب الطيار الآلي.

كانت فترة الولاية الثانية للرئيس الأسبق بيل كلينتون من أنجح الفترات الرئاسية، وفق كل المقاييس، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى اعتماد سياسة الطيار الآلي في إدارة شؤون البلاد، بينما كان البيت الأبيض يتعامل مع فضيحة مونيكا لوينسكي، وكان الحزب الجمهوري يسعى صوب حلمه القديم بالتخلص منه.

وعلى النقيض تماماً، فلقد مرت الولايات المتحدة خلال واحدة من أكثر مراحل التاريخ المعاصر إهانة في عهد جيمي كارتر، الذي كان من أنشط وأكفأ رؤساء الولايات المتحدة خلال المائة عام الماضية.

ويعد ترمب ناجحاً مقارنة بالرئيس باراك أوباما، وكان من أنشط الرؤساء أيضاً، وأحد أبرز أهدافه كان مواجهة آليات العمل التقليدية في الحكومة الأميركية. ومن الأمثلة على ذلك: إصراره على ضرورة الحصول على تفويض مباشر منه أولاً قبل إطلاق صواريخ الطائرة أباتشي ضد القواعد الإرهابية في العراق. كما كان الرئيس أوباما يسعد كثيراً بالتناقض العلني، ومن ثم إهانة كبار مساعديه، بما في ذلك وزير خارجيته جون كيري، من خلال عكس السياسات التي تضعها الآلية الحكومية الأميركية، وقتذاك.

وفي المقابل، فإن الرئيس ترمب، وأثناء ممارسته للعبته المفضلة، من «إقالة وفصل» أقرب مساعديه، وآخرهم أنتوني سكاراموتشي مدير الاتصالات في البيت الأبيض، قد ابتعد كثيراً عن التدخل في شؤون تسيير أمور الحكم وآلياتها في الولايات المتحدة، وهي السلطة غير المرئية التي يسميها الفرنسيون «الوحش الهادئ». وقد يستغرق الأمر كثيراً من الشهور، إن لم تكن سنوات، كي يستعيد ذلك «الوحش الهادئ» ثقته بذاته وخفة الحركة التي فقدها في عهد باراك أوباما. بيد أن العجلة قد بدأت في الدوران داخل وزارة الدفاع، ووكالة الاستخبارات المركزية، ووزارة الخزانة، والمفوضية الدائمة لدى منظمة الأمم المتحدة. ولا تزال وزارة الخارجية هي الجانب الرئيسي من ذلك «الوحش الهادئ» الذي لم يستفق بعد من صدمته التي تلقاها خلال سني ولاية أوباما الأخيرة.

كما أن الطيار الآلي يعمل الآن أيضاً على الجبهة الاقتصادية في البلاد، إذ تقترب معدلات النمو المتوقعة للربع الأخير من عام 2017 من نقطتين مئويتين، مقارنة بـ0.5 نقطة مئوية عن الفترة نفسها من العام الماضي. وعلى الرغم من التباطؤ الذي يشهده نمو الوظائف، فلقد سجل معدل البطالة الأميركي هبوطاً إلى 4.3 نقطة مئوية، وهو أدنى معدلاته المسجلة خلال 16 عاماً. ويبدو أن الدولار الأميركي قد استفاد كثيراً من قيادة الطيار الآلي للدفة الاقتصادية، حيث سجل ارتفاعاً مقابل كل العملات الرئيسية الأخرى، بما في ذلك اليورو والجنيه الإسترليني.
ويعمل الطيار الآلي بكفاءة جيدة أيضاً في القضايا الأكثر أهمية لقاعدة دونالد ترمب الجماهيرية، ولا سيما قضية الهجرة، إذ تضاعف الرقم الشهري المسجل لترحيل المهاجرين المقيمين بصورة غير شرعية في الولايات المتحدة عن الفترة نفسها من عام 2016.

وفي حين أن اعتماد أسلوب الطيار الآلي لا قيمة له في الخطط الصبيانية، مثل تشييد الجدار على الحدود المكسيكية، أو طرد المتحولين جنسياً من الجيش الأميركي، فلا شيء حقيقياً يحدث لما وراء تغريدات السيد الرئيس. كما أن «الوحش الهادئ» لا علاقة له على الإطلاق بتصريحات السيد ترمب التي تبدو «تصالحية»، عند لقائه بالرئيس الروسي بوتين، أو الفرنسي ماكرون، أو رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.
قد ينتهي الأمر بالرئيس ترمب لإلحاق المزيد من الضرر بمؤسسة الرئاسة من خلال «تعجيزها»، وربما «إهانتها». ولكن ذلك من شأنه أن يساعد المؤسسات الأخرى، مثالاً بالكونغرس والمحكمة العليا على وجه التحديد، في استعادة جزء من القوة التي فقداها في عهد الرئيس أوباما.

تضع كل رئاسة قواعد العمل الخاصة بها، التي إن أسيء فهمها قد تجعل من تقييمها أمراً بالغ الصعوبة. وليست رئاسة السيد ترمب استثناء من ذلك. وحتى الآن، فلقد سمحت لآليات الحكم الأميركية، أو «الوحش الهادئ»، بالدخول إلى فترة النقاهة للتعافي من صدمة ولاية أوباما. وقد لا يشكل ذلك نجاحاً للسيد ترمب، ولكنه وبكل تأكيد يعتبر نجاحاً للولايات المتحدة الأميركية.

GMT 07:32 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه المعارك التافهه!

GMT 07:29 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المنطقة المأزومة

GMT 07:28 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شريط الأخبار

GMT 07:44 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ترويع الآمنين ليس جهاداً

GMT 07:43 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين ترفع رئيسها إلى مستوى ماو !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة الوحش الهادئ مع تغريدات ترمب عودة الوحش الهادئ مع تغريدات ترمب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon