توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المشتبه بهم المعتادون وأسلوب جديد

  مصر اليوم -

المشتبه بهم المعتادون وأسلوب جديد

بقلم : أمير طاهري

شهد الأسبوع الماضي حدثين بثا دفقة من النشاط والإثارة، فيما بدا أنه نهاية هزيلة للعام على صعيد التطورات السياسية بالشرق الأوسط. تمثل الأول في قرار القيادة السعودية باستحداث آلية جديدة للتعامل مع قضايا الفساد والاختلاس واستغلال النفوذ.

وكان العدد الضخم لهذه القضايا التي جرى تحويلها إلى محكمة خاصة كفيلاً للاستحواذ على اهتمام العناوين الرئيسية للأخبار. وازداد اهتمام وسائل الإعلام بالنظر إلى حقيقة أن 208 أشخاص يجري التحقيق معهم، بينهم أمراء ومسؤولون بيروقراطيون رفيعو المستوى ورجال أعمال كبار.

ومع هذا كان الأمر الذي جذب اهتمام العالم حقاً أن هذه التحركات السعودية كانت غير متوقعة بالمرة. في الواقع قليلون للغاية ممن يطرحون أنفسهم بصفتهم خبراء في الشأن السعودي توقعوا أن تقتحم الرياض قلب المسألة، بدلاً عن الالتفاف حول القضايا الرئيسية مثلما جرت العادة في الماضي.

وقد حذر بعض المراقبين، بينهم الكثير من المنظمات الفكرية الغربية، من أن التخلي عن السبل القديمة في إدارة البلاد يحمل في طياته التأثير على الاستقرار. ومع ذلك، جاءت التحركات الأخيرة متناغمة مع الاستراتيجية الجديدة التي تنتهجها المملكة والرامية للتعامل مع فكرة التغيير بصفتها حليفاً، وليس مصدر تهديد.

ويمكن القول إنه نظراً لأن السبل القديمة في إدارة شؤون المملكة لم تثمر النتائج المرجوة والاستقرار، الذي شكل عنصراً محورياً بالنسبة للمملكة على امتداد عقود، انزلقت البلاد إلى حالة من الجمود. وعليه، تسعى الاستراتيجية الجديدة لإنهاء حالة الجمود وتمهيد الطريق أمام نمط جديد من الاستقرار قادر على أن يعكس المستجدات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل السعودية.
وفي خضم محاولاتها بناء اقتصاد يتجاوز النفط، تحتاج السعودية إلى اجتذاب استثمارات أجنبية ضخمة في القطاعين المالي والتكنولوجي. ولن يكون هذا ممكناً دون توافر نظام قانوني قوي تدعمه الشفافية والتنافسية وتكافؤ الفرص.

ويعني ذلك وضع نهاية لاستغلال النفوذ، والرشى، و«البقشيش» ـ باختصار ثقافة «الواسطة» التي تنتمي إلى القرون الوسطى.

وتأتي حملة الاعتقالات ضد «المشتبه بهم المعتادون» لتكشف أن القيادة الجديدة في الرياض على استعداد لمواجهة مشكلاتها بقوة وحسم.

بالنسبة للبنان، اتبعت المملكة نهجاً مشابهاً؛ ذلك أن استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري وضعت نهاية لتقليد الصمت على مضض في مواجهة مواقف لا يمكن التساهل حيالها.

في ظل هذا الأسلوب، تعمد قيادات الشرق الأوسط إلى محاولة التعتيم على المشكلات الجوهرية، بما في ذلك المواقف التي يتحملون خلالها مسؤولية دون سلطة حقيقية، مثلما كان الحال مع الحريري.

وبغض النظر عن الأسلوب الذي خرجت به استقالة الحريري، تظل الحقيقة أنها سلطت الضوء بقوة على أن «الاتفاق» المبرم بخصوص لبنان في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 فشل.

تبعاً لهذا «الاتفاق»، ضمنت الجمهورية الإسلامية في إيران، التي تعمل من خلال شبكة «حزب الله» في بيروت، الرئاسة لحساب الجنرال ميشال عون، مقابل عودة الحريري إلى منصب رئيس الوزراء.

إلا أنه سرعان ما اتضح أنه بينما يتقلد عون والحريري منصبي الرئيس ورئيس الوزراء على الترتيب، فإن القرارات الحقيقية جرى اتخاذها في طهران. وقد أوضح حسن روحاني هذه النقطة خلال خطاب ألقاه في طهران، عندما قال إن «شيئاً لا يجري» داخل عدد من الدول العربية، وبخاصة لبنان، دون موافقة إيران.

وتكشف استقالة الحريري الدراماتيكية عن أن «هذه الصورة من لبنان» لا تجدي نفعاً. في الواقع، الهيكل الحالي الذي تسيطر من خلاله قوة أجنبية على البلاد، عبر جزء من فئة ما من بين الفئات داخل لبنان معيب في جوهره، وخطير على المديين المتوسط والطويل.

المعروف أن العامل الرئيسي وراء بقاء لبنان ونجاحه جزئياً كدولة يتمثل في النظام القائم على التشارك في السلطة والقائم على احترام التنوع. وفي أي وقت تحاول فئة بعينها أو مجموعة من الفئات الاستئثار بالسلطة، تنزلق البلاد إلى حالة من الفوضى.

جدير بالذكر، أنه خلال خمسينات القرن الماضي، حاول الموارنة السيطرة على السلطة. وقد أسفر ذلك عن اشتعال صراعات طائفية وحدوث تدخل أجنبي. وخلال العقد التالي، حاولت عناصر موالية لفكر القومية العربية ومدعومة من مصر تحت قيادة عبد الناصر القيام بالمثل؛ الأمر الذي أسفر من جديد عن اندلاع صراع ووقوع تدخل أجنبي.
أيضاً، تضرب الحرب الأهلية التي عانى لبنان ويلاتها بين عامي 1975 و1990، بجذورها في التدخل الأجنبي عبر جماعات طائفية محلية تعمل بالوكالة. وخلال جزء من هذه الفترة، حاول عون دفع لبنان إلى جانب صدام حسين في العراق، بينما دفع حافظ الأسد، بدعم من إيران، بثقل سوريا خلف معسكر الخصم.

بين عامي 1984 و1990، تقلد عون مناصب عدة ما بين رئيس للوزراء ووزير للدفاع والخارجية والإعلام، بجانب رئاسته مجلساً عسكرياً ـ وأحياناً كان يجمع بين أكثر من واحد من هذه المناصب في الوقت ذاته.

عندما التقيت عون للمرة الأولى في أكتوبر 1990 في باريس، تمثلت رسالته الأساسية في «أنقذوا لبنان من سوريا وإيران». إلا أن تحليله للأوضاع كان ليلقى تقديراً كبيراً، لو أنه تحدث عن «إنقاذ لبنان من أي قوة أجنبية».

جدير بالذكر، أن ثمة دولاً يتمثل نهجها الرئيسي في الحياد، وتعمل بمثابة مناطق عازلة بين كتلتين متناحرتين. على سبيل المثال، نجحت سويسرا في أن تجعل من نفسها ملاذاً آمناً أمام قوى أوروبية متشاحنة غالباً ما تكون في حالة حرب ضد بعضها بعضاً.

كما جرى تأسيس أفغانستان كدولة عازلة بين الإمبراطوريات القيصرية والفارسية والبريطانية في آسيا. وداخل الهند الصينية خلال فترة ما بعد الاستعمار، اضطلعت مملكة لاوس بهذا الدور حتى دفعتها الولايات المتحدة إلى أتون الحرب الفيتنامية عن غير قصد.

وداخل أميركا اللاتينية، اضطلعت أوروغواي بهذا الدور، بينما كان من نصيب كوستاريكا على مستوى أميركا الوسطى.

وخلال الحرب العالمية الثانية، وفّرت السويد المحايدة قناة اتصال بين الولايات المتحدة وألمانيا النازية، وملاذاً آمناً للفارين من النازيين والسوفيات.

بعد الحرب العالمية الثانية، أعلنت النمسا حيادها، واضطلعت بدور محوري في عمليات التحكيم ونقل ملايين اللاجئين عبر أوروبا التي تمزقها الحروب.

من ناحية أخرى، فإنه عبر تحويلها لبنان إلى خندق خاص بها، أضرت إيران بالمنطقة بأسرها كثيراً، ناهيك عن الضرر الذي لحق ولا يزال يلحق بلبنان.
وربما يتضح أن استقالة الحريري كانت قراراً مفيداً من خلال طرح تساؤل محوري: هل ينبغي للبنان أن يستعيد هويته الحقيقية من جديد أم يصبح أداة في يد الجمهورية الإسلامية، في مسعاها للهيمنة على الشرق الأوسط؟

بطبيعة الحال، يعتمد جزء من الإجابة على اللبنانيين أنفسهم، فهم الذين يتعين عليهم أن يقرروا ما إذا كانوا يرغبون في أن تكون لديهم حكومتان، إحداهما ظاهرة والأخرى شبه ظاهرة، وجيشان ومحرك للدمى يسيطر على بلادهم ويستهزأ بهم من داخل طهران.
كما ينبغي الانتباه هنا إلى أن لبنان الذي تجري إدارته من طهران لن يتمكن من اجتذاب استثمارات أو تجارة أو سياحة أو وفود ثقافية؛ الأمر الذي يحتاج إليه للعمل كمجتمع ديناميكي حديث.

وكيف يمكن لإيران توفير كل هذا إذا كانت هي ذاتها تفتقده؟ لقد أسهم التدخل الإيراني في تحويل العراق وسوريا واليمن إلى ميادين قتال؛ الأمر الذي يمكن أن يتكرر داخل لبنان.

GMT 07:01 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

الفيضانات والملالي وسندريلا

GMT 06:30 2019 الجمعة ,29 آذار/ مارس

رسالة «البريكست» إلى الاتحاد الأوروبي

GMT 00:32 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

خامنئي وشكري وجهيمان... والأفيون!

GMT 05:27 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

طهران والتزام الخطوط الوردية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشتبه بهم المعتادون وأسلوب جديد المشتبه بهم المعتادون وأسلوب جديد



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon