توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصين تكشف عن طموحات قيادية

  مصر اليوم -

الصين تكشف عن طموحات قيادية

بقلم : أمير طاهري

عندما توقعنا في مقال نشرناه منذ وقت قصير أن الصين تستعد لكشف النقاب عن طموحات قيادية عالمية تخالجها، لم يدُر بخلدنا أن يتحقق هذا الأمر بهذه السرعة. ومع هذا، أخبر الرئيس الصيني شي جينبينغ المؤتمر العام الـ19 للحزب الشيوعي الحاكم بأن جمهورية الصين الشعبية أصبحت الآن على استعداد للسعي نحو الاضطلاع بدور أكثر نشاطاً على الساحة الدولية.
ويمكن القول، إن ثمة عوامل ثلاثة أسهمت في اتخاذ شي جينبينغ هذا القرار. يرتبط الأول برغبة شين جينبينغ نفسه في بناء مكانة رفيعة له داخل النظام السياسي الصيني، فهو يرغب في أن يحظى بأكثر مما حصل عليه سابقوه هو جينتاو وهو ياوبانغ ولي شيان نيان وهوا جيو فينغ. ويطمح شي جينبينغ، من ناحيته، إلى التفوق على حتى دينغ شياو بينغ، الملقب بـ«الرجل القوي» والذي ينسب إليه الكثيرون الفضل وراء بناء الصين الجديدة. ومع هذا، ربما يكون من المتعذر على الرئيس شي جينبينغ السعي وراء الوصول لمكانة ماو تسي تونغ، الأب الروحي للجمهورية الشعبية، لكنه بالتأكيد يأمل في الوصول إلى أقرب نقطة ممكنة منه.

من ناحية أخرى، فإن وضع القائد فوق مستوى المشاحنات والخصام أمر يحمل أهمية جوهرية داخل نظام يقوم على هيكل قيادة وسيطرة شديد المركزية. والملاحظ أنه في أعقاب وفاة ماو، فإن هوا جيو فينغ، رغم كونه رجلاً مهذباً، لم يتمكن قط من الارتقاء بنفسه فوق مستوى المشاحنات.

وكان من شأن ذلك تمكين دينغ شياو بينغ، الذي صعد نجمه أثناء «الثورة الثقافية»، من العودة على نحو غير متوقع إلى السلطة والسيطرة على زمامها عبر الاعتماد على المؤسسة العسكرية. وأثناء حياة دينغ، لم تكن مسألة من يضطلع بدور رئيس الجمهورية الشعبية تحمل أهمية كبيرة.

وفي أعقاب وفاة دينغ، لم يتمكن أي ممن تولوا الرئاسة بعده من الارتقاء بمكانتهم على نحو لافت داخل صفوف الحزب وعبر أطيافه المختلفة. ونظراً لأن الطبقة العليا من النخبة الصينية الحاكمة تتألف من بضع مئات من العائلات التي تتمتع بسجل ثوري، فإن النظام يتطلب شخصية تحمل مقومات الأب الروحي بحيث تكون لها الكلمة النهائية فيما يتعلق بجميع القضايا المحورية. وفي أعقاب وفاة دينغ، اتفقت هذه «العائلات الثورية» على صيغة يسيطر في إطارها كل جيل على السلطة على امتداد عقد، ثم يتنحى عن الساحة. وسمحت هذه الصيغة القائمة على التدوير بتولد طموحات داخل نفوس مزيد من الأفراد أثناء انتظارهم دورهم في ممارسة السلطة.

وللمرة الأولى، يخالج شي جينبينغ الآن الشعور بأن باستطاعته الاضطلاع بدور الأب الروحي مع عدم وجود حد زمني واضح لنهاية دوره في السلطة. وقد تجلى هذا الأمر عندما قرر المؤتمر العام للحزب الشيوعي ضرورة أن تتحول «أفكار وتعاليم» شي جينبينغ إلى جزء لا يتجزأ من ميثاق الحزب الشيوعي الصيني وعقيدته، ما يعد تكريماً نادر الحدوث. يذكر أنه قبل شي جينبينغ،

نال ماو تسي تونغ مثل هذا التكريم في حياته، بينما ناله دينغ شياو بينغ بعد وفاته.

الأهم من ذلك، أن شي جينبينغ يعتقد أن مثل هذا الدور حيوي للحفاظ على الهياكل الحالية للسلطة؛ ولذلك، لا يتحدث عن السنوات الخمس التالية فحسب، والتي تبعاً للصيغة القديمة تقع خارج فترة رئاسته، وإنما يطرح رؤيته لعقود مقبلة. ويعتقد شي جينبينغ أن مثل هذه الرؤية تضمن الاستقرار الذي تحتاج إليه الصين كي تمارس دورها بصفتها قوةً جديدةً على الساحة العالمية.
أما العامل الثاني، فيتمثل في إيمان شي جينبينغ بالحاجة إلى إعادة إحياء خطاب الحزب الشيوعي. الملاحظ أنه بين عام 1949 عندما سيطر ماو على السلطة، وسبعينات القرن الماضي عندما أصبح واضحاً أن «الماوية» مُنيت بالفشل، جرى الاعتماد على خطاب يقوم على الصراع بين الطبقات والنضال ضد الإمبريالية والتخلص من «الإذلال» الذي تتعرض له الصين على أيدي قوى غربية، بهدف إضفاء شرعية على حكم الحزب.

ومع الإصلاحات التي أقرها دينغ، تبدل الخطاب إلى ضرورة الاهتمام بتحسين الأوضاع المعيشية للجماهير. ولا شك أنه على هذا الصعيد تحديداً، حققت الصين نجاحاً مذهلاً.

وتحول شعار «زيادة إجمالي الناتج الداخلي» إلى واقع مع إحراز الصين معدلات نمو هائلة على امتداد ما يقرب من عقدين. ومع إجمالي ناتج داخلي سنوي يبلغ ما يقرب من 12 تريليون دولار، تشكل الصين حالياً أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن تتجاوز الأخيرة بحلول عام 2023. وبالفعل، تبدو مسألة تحديث البنية التحتية الصينية، أو في الكثير من الحالات غيابها، أمراً مذهلاً حقاً. في الوقت الراهن، تحظى الصين بأسرع قطارات على مستوى العالم، وتعكف على بناء 80 مطاراً جديداً. والأهم من ذلك، أن ثلث السكان على الأقل، قرابة 400 مليون نسمة، جرى إنقاذهم من هوة الفقر المدقع للمرة الأولى في التاريخ. ومع ذلك، ورغم ما تثيره «المعجزة» الاقتصادية الصينية من إبهار، فإنها ليست فريدة من نوعها، فقد سبق أن حققت فرنسا «معجزة» في ظل الحكم الاستبدادي إلى حد ما لنابليون الثالث. وأحرزت ألمانيا الحديثة إنجازاً مشابهاً في ظل قيادة «المستشار الحديدي»، بسمارك. كما أن حقبة مييجي الاستبدادية هي التي دفعت اليابان إلى أحضان العالم الحديث. كما أثبت ستالين وموسوليني، بل وأسرة كيم في كوريا الشمالية أنه من خلال حشد الموارد، مهما كانت ضآلتها، نحو أهداف بعينها، بمقدور نظام استبدادي تحقيق أهداف نبيلة.

ومع ذلك، اكتشفت الأنظمة الاستبدادية أن النمو الاقتصادي السريع يحمل جانباً سلبياً يتمثل في ظهور طبقة وسطى سرعان ما تطالب بحريات سياسية، وكذلك نمط من الفساد يمكن أن يخرج عن نطاق السيطرة.

وعليه، يشعر شي جينبينغ بأن الحزب الشيوعي لم يعد بمقدوره تبرير احتكاره السلطة عبر الاعتماد على النجاحات الاقتصادية فحسب. وعليه، هداه تفكيره إلى ضرورة الاضطلاع بدور قيادي عالمي لدغدغة مشاعر الجماهير الصينية وإقناعها بالبقاء بعيداً عن القضايا السياسية والاكتفاء بجني ثمار النجاح الاقتصادي.

واللافت، أن الرئيس شي جينبينغ أخبر المؤتمر العام للحزب الشيوعي بأن الصين باستطاعتها الترويج لـ«نموذج الحكم الذي تتبعه» بديلاً للديمقراطية الغربية. والمؤكد أن غالبية النخب الحاكمة في عالمنا اليوم ستشعر بارتياح أكبر إزاء «النموذج الصيني» القائم على السيطرة المركزية عن النموذج الأميركي الذي يتسم بحالة مستمرة من التشاحنات الداخلية وحرب أهلية ثقافية - سياسية.

أما العامل الثالث، الذي يحمله شي جينبينغ في ذهنه، فيتمثل في الفراغ المتنامي الذي خلفه عجز الولايات المتحدة أو عدم استعدادها للاضطلاع بدورها القيادي التقليدي على الساحة العالمية على امتداد العقد الماضي تقريباً.

وفي ظل قيادة الرئيس باراك أوباما، الذي رأى أن الولايات المتحدة لم تكن دوماً قوة خير على الصعيد العالمي، انحسر النفوذ الاستراتيجي لواشنطن. واستمر الانحسار ذاته في ظل رئاسة دونالد ترمب تحت شعار جديد - «أميركا أولاً».

إلا أن سد الفراغ الذي خلفه تراجع الدور الأميركي ليس بالأمر الهين، فالاتحاد الأوروبي منغمس في تشاحناته الداخلية التي تجلت بقرار بريطانيا الانسحاب منه. أما روسيا، فإنها تود بالتأكيد الاضطلاع بقيادة العالم، لكنها تفتقر إلى القوة الاقتصادية والنفوذ الثقافي الذي يؤهلها لذلك خارج الدائرة الجغرافية الضيقة المحيطة بها. ويوفر كل هذا للصين فرصة ذهبية تبدو عاقدة العزم على عدم إهدارها.

ومع ذلك، فإن القيادة العالمية تتطلب كاريزما ثقافية وقوة ناعمة وإبداعاً تكنولوجياً وعلمياً وشبكات من الاتصالات السياسية والاجتماعية وقوة عسكرية متينة ذات نطاق عالمي ـ أمور ربما ليس بإمكان الصين توفيرها جميعاً.

GMT 07:32 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه المعارك التافهه!

GMT 07:29 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المنطقة المأزومة

GMT 07:28 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شريط الأخبار

GMT 07:44 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ترويع الآمنين ليس جهاداً

GMT 07:43 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين ترفع رئيسها إلى مستوى ماو !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصين تكشف عن طموحات قيادية الصين تكشف عن طموحات قيادية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon