توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محنة التنظيم الدولى المعاصر

  مصر اليوم -

محنة التنظيم الدولى المعاصر

مصطفي الفقي


دعنا نعترف أن المنظمات الدولية العالمية والقارية والإقليمية والقومية أيضاً تواجه محنة حقيقية فى العقود الأخيرة، فلقد ارتبط ميلاد القانون الدولى بقاعدته القانونية التى تبدو ناقصة بسبب غياب عنصر الجزاء والأداة الإلزامية لتوقيعه، ومع ذلك مضى العالم المعاصر نحو استحداث أطر تنظيمية لتطبيق تلك القاعدة القانونية الدولية رغم عوارها، معتبرين أن المحافظة على الأمن والسلم الدوليين هى مسألة تكفل فى حد ذاتها الضمان اللازم لتحقيق الشرعية الدولية رغم غياب الزاجر الذى يكفل وجود عنصر الجزاء متممًا أركان القاعدة القانونية فى فلسفة نشأتها الأولى، ولقد جاءت «ديباجة» ميثاق «الأمم المتحدة» تعبيراً عن ذلك المعنى رغم أنها من الناحية السياسية هى «حلف للمنتصرين» فى «الحرب العالمية الثانية»، وهو أمر انعكس على تركيبة «مجلس الأمن» الذى يعتبر الجهاز التنفيذى الأعلى لتلك المنظمة خلافًا لفلسفة قاعدة «الإجماع» لدى «عصبة الأمم» التى ولدت فى أعقاب «الحرب العالمية الأولى» مواكبة للمبادئ الشهيرة للرئيس الأمريكى الراحل «ويلسون»،.

كما فطنت «الأمم المتحدة» إلى أن الدوافع الاقتصادية للحروب تحتل مساحة كبيرة فى الأسباب التى تقف وراء النزاعات الدولية ومشكلات الحدود والأطماع فى ثروة الغير فكان «مشروع مارشال» لإنعاش أوروبا بعد نهاية «الحرب الكونية الثانية» إحساساً بأهمية الجانب الاقتصادى للعلاقات الدولية الراهنة، ولكن التقويم الأمين لتجارب «التنظيم الدولى المعاصر» بدءاً من «الاتحاد البرلمانى الدولى» فى القرن التاسع عشر مروراً «بعصبة الأمم» و«منظمة الأمم المتحدة» وصولاً إلى «جامعة الدول العربية» وغيرها من المنظمات الإقليمية تؤكد فى مجملها ضعف التنظيم الدولى المعاصر والاتجاه نحو العلاقات الثنائية المباشرة وتفضيل لقاءات القمة أسلوباً عصرياً يتخطى حواجز «التنظيم الدولى» ودهاليزه الطويلة وكواليسه المعتادة، فلقد وقر فى ضمير العالم المعاصر أن المنظمات الدولية إنما تقوم بعملية استهلاك للوقت وتأجيل للمواجهات بينما تبقى القضايا المزمنة مثل «القضية الفلسطينية» و«مشكلة كشمير» و«مسألة تقسيم قبرص» مجرد بنود تقليدية على أجندة الجمعية العامة التى لا تعدو أن تكون مجرد منبر للخطاب الدولى، هى أقرب إلى المحفل السياسى منها إلى أن تكون أداة قانونية دولية بينما يتكفل حق «الفيتو» على الجانب الآخر بتحويل «مجلس الأمن» إلى أداة للكبار فى ظل سيطرة أمريكية، ويكفى أن نتذكر أن الأمين العام الأسبق «للأمم المتحدة» «بطرس بطرس غالى» قد حاز منصبه بعد أن حصل على أحد عشر صوتاً بينما خسر منصبه عند محاولة تجديد فترته رغم حصوله على أربعة عشر صوتاً حيث كانت «الولايات المتحدة الأمريكية» وحدها هى الصوت الخامس عشر الرافض له، لذلك ولدت سياسة ازدواج المعايير والكيل بمكيالين وخضع المجتمع الدولى لمنطق القوة واختفت منه مظاهر الحق، وبينما تراجعت المنظمات الدولية تقدمت التحالفات العسكرية فى ظل تطور قواعد القانون الدولى الإنسانى التى يجرى تطويعها لكى تصبح «كالحق الذى يراد به باطل» فجرى تبرير التدخل الخارجى وانعدمت ضوابط المواجهة مع أطراف الأزمات فى عالمنا المعاصر، إننى لا أتباكى على التنظيم الدولى ولا أشارك فى تشييع جنازته فذلك أمر لا يبدو قريباً لأننا يجب أن نسلم بوجود حد أدنى من فوائده فهو يعطى مهلة ممتدة أمام المشكلات الدولية كما يعطى مبرراً للدول الصغرى فى الانتظار إذ إن لديها ملجأ عالميًا ومنبرًا دوليًا، وحتى على مستوى «جامعة الدول العربية» برغم محنتها وأزمتها وضعف تأثيرها إلا أنها تضمن على الأقل اجتماعين رئيسين لوزراء خارجية دولها مرتين فى العام الواحد أحدهما فى شهر مارس والثانى فى شهر سبتمبر فضلاً عن الاجتماعات الطارئة واللقاءات العابرة والندوات المتخصصة، بالإضافة إلى الآلية الجديدة لدورية انعقاد القمة العربية والتى أسهمت شخصياً فى الأعمال التحضيرية لقرارها وفقًا لاقتراح «يمنى» باركته دول الخليج وغيرها من دول «المشرق العربى» و«المغرب العربى» و«مصر» وكنت وقتها مندوباً لبلادى لدى «جامعة الدول العربية»، وها نحن نتابع الآن الدراسات الجديدة لتعديل ميثاق «جامعة الدول العربية» وتطوير آلياتها على غرار محاولات إصلاح «الأمم المتحدة» وترشيد نفقاتها، وأنا أعتز بأننى أول من دعا إلى عقد «قمة ثقافية عربية» فى أحد اجتماعات مؤسسة «الفكر العربى» منذ عدة سنوات ولكن الأمر تعطل رغم وجود قرار من القمة بذلك، ورأى السيد أمين عام الجامعة العربية الحالى أن الأمر يكفيه بند فى أحد مؤتمرات القمة ولا يحتاج إلى قمة منفردة تختص به وحده رغم أن العامل الثقافى فى العلاقات الدولية المعاصرة يتصدر سواه ويكفى أن ندرك أن «العولمة» و«صراع الحضارات» و«الحرب على الإرهاب» هى كلها قضايا ثقافية بالدرجة الأولى، ونحن نتطلع إلى تنظيم دولى معاصر يركز على دراسات التنمية الدولية والتبادل التجارى ونزع أسلحة الدمار الشامل والسعى بجدية نحو رفاهية الأمم والشعوب ونشر السلم ومنع الحروب، كما جاء فى ديباجة ميثاق «الأمم المتحدة» عندما كانت الآمال واسعة والأحلام بغير حدود.

 

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محنة التنظيم الدولى المعاصر محنة التنظيم الدولى المعاصر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon