توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قرنٌ بعد الحرب الكونية الأولى

  مصر اليوم -

قرنٌ بعد الحرب الكونية الأولى

د. مصطفى الفقى

مضت مائة عام على بدء اندلاع «الحرب العالمية الأولي» التى مثَّلت صدمةً كبرى للبشرية وأحدثت دويًا هائلاً فى تاريخ القرن العشرين، ودفعت بمجموعة من المبادئ الجديدة على الساحة الدولية

وكانت بداية ميلاد التنظيم الدولى العالمى والذى تمثل فى قيام «عصبة الأمم» وإعلان المبادئ التاريخية للرئيس الأمريكى «ويلسون»، وقد بدأت الحرب كما هو معلوم باغتيال ولى عهد «النمسا» ـ وقد كانت«النمسا« وقتها هى و«المجر» امبراطورية ذات ثقل أوروبى كبير ـ والذى يهمنا بعد قرنٍ كامل من الزمان هو أن نتأمل الشريط الطويل للأحداث الكبرى التى ملأت الدنيا وشغلت الناس، ولنا هنا بعض الملاحظات نوردها فيما يلي:

أولاً: الأصل فى العلاقات الدولية ـ ماضيها وحاضرها ومستقبلها ـ أنها حالة صراعٍ دائم بين الأمم والشعوب، تتضارب فيها المصالح، وتصطدم الأيديولجيات، وتظهر الأجندات، واستقراء التاريخ يؤكد لنا أن الصدامات الحالية وحروب الجيران تمثل شريحة كبيرة من أسباب الصراع ودوافعه، فهناك نزاعات الحدود بين الدول بل و«الغيرة القومية» المتأصلة بعداء عميق بين بعض الأمم فضلاً عن تضارب المصالح الاقتصادية تؤدى فى مجملها إلى الصدام الذى يصل إلى حد الحرب الشاملة.

ثانيًا: لقد انتقل العالم فى العقود الأخيرة ـ بعد أن شهد حربين عالميتين خلال النصف الأول من القرن العشرين ـ من مرحلة الحرب الكونية الشاملة إلى »الحروب« الموضعية بسبب النزاعات الإقليمية، وكأنما فطن الكبار أن خسائرهم فى الحرب العظمى أكبر من أن يتحملها أى طرف فى ظل التطور التقنى فى الأسلحة ودخول العالم عصر «الترسانة النووية» بمخاطرها المعروفة واحتمالاتها غير المتوقعة، فالكل يعرف كيف تبدأ الحرب ولكن لا أحد يستطيع أن يتنبأ بمتى تنتهى وكيف؟ وقد تكون الحرب المحدودة بين دولتين تفصل بينهما آلاف الأميال مثلما حدث فى حرب «الفوكلاند» بين «الأرجنتين» و«بريطانيا» فى ظل زعامة «مارجريت تاتشر»، فالصراعات لا تعرف الحدود أو المسافات إذ أنها يمكن أن تكون أيضًا عابرة للقارات!

ثالثًا: إن دخول »العصر النووي« بعد مأساة «هيروشيما ونجازاكي» التى أسدلت الستار على الحرب العالمية الثانية تحول فى ذات الوقت إلى مانعٍ قوى يؤدى إلى اختفاء الحروب الكونية، إذ أن التوازن النووى وامتلاك القوى الكبرى لترسانة من الأسلحة الفتاكة قد أدى بالضرورة إلى المخاوف المتبادلة التى تصنع الرغبة المشتركة فى رفض الحروب والابتعاد عن المواجهات الكونية لأن «الحرب النووية» فى ظل «أسلحة الدمار الشامل» ليس فيها غالبٌ أو مغلوب ولكن فيها فناءٌ حقيقى للبشرية! من هنا فإن الاستعداد المتبادل للحروب هو أكبر مبرر لانتفائها.

رابعًا: إن قاعدة القانون الدولى المعاصر لاتزال منقوصة، وبها عوارٌ معروف إذ لا تساندها قوة إلزامية إلا من خلال دول تفرض سيطرتها على الغير وتستعرض قوتها وهى مغطاة أحيانًا بقرارٍ من مجلس الأمن وأحيانًا أخرى بمنطق التدخل وفقًا للقانون الدولى الإنساني، لذلك فإن محنة »التنظيم الدولى المعاصر« قد أضعفت من هيبة المنظمة الدولية الأولي، فقد خنقت قاعدة الإجماع «عصبة الأمم» كما أجهض حق «الفيتو» «الأمم المتحدة»، وبذلك تنامت الصراعات وأصبح دور «التنظيم الدولي» هو مجرد التسكين دون المضى فى الحلول الجذرية للمشكلات واجتثاث جذورها، دعونا نتذكر بعض القضايا المزمنة مثل «مشكلة فلسطين» وقضية «كشمير» وغيرهما مما يتسبب فى الحروب الموضعية من وقتٍ لآخر وينال من قيمة ومكانة وهيبة «التنظيم الدولى المعاصر»، وإذا كانت «عصبة الأمم» هى نتاجٌ للحرب العالمية الأولى كما أن «الأمم المتحدة» هى نتاج للحرب العالمية الثانية إلا أننا مازلنا نتطلع إلى محاولات دولية ناجحة لتعظيم دور «الأمم المتحدة» وإعطائها قوة دفع تعيد للمجتمع الدولى هيبته التى تنتفى معها الحروب وتتنامى سياسات الحد من التسلح على المستوى الدولى كله.

خامسًا: إن الصراعات الدولية لا تختفي، كما أن استعدادات الحروب لن تتوقف، بل إن كل المؤشرات توحى بتزايد حجم الإنفاق العسكرى بصورةٍ غير مسبوقة، وإذا كانت قوة الردع المتبادل قد أبعدت شبح الحرب الكونية، إلا أن البشرية استعاضت عنها بالصراعات المذهبية والمواجهات السياسية والحروب الإقليمية، ولقد وقف العالم على حافة الحرب فى مناسباتٍ عديدة نذكر منها المواجهة بين الاتحاد السوفيتى السابق والولايات المتحدة الأمريكية حول دول «كوبا» فيما سمى بأزمة «خليج الخنازير»، كذلك أدى السباق المحموم فى إنتاج أسلحة الدمار الشامل نووية أو كيماوية فضلاً عن التنافس الشديد فى أبحاث الفضاء وصناعة الصواريخ التى يمكن أن تحمل رؤوسًا نووية إلى صورةٍ معقدة وأوضاع متشابكة، وإن كان هناك من يقول إن التهديد بالحرب هو أكثر الضمانات لمنعها، وقديمًا قالوا إن تزايد الاستعداد للحرب يبعد شبحها!

.. هذا طوافٌ سريع بملاحظاتٍ خمس ترتبط بقضايا السلم والأمن الدوليين وتوضح بجلاء أن احتمالات الحرب الكونية قد لا تتحقق ولكن البديل عنها هو صراعٌ عالمى بين التطرف الدينى فى الشرق أمام الحضارة الغربية بأمراضها ومشكلاتها وهو ما تعارف المجتمع الدولى على تسميته «بالحرب على الإرهاب» وشيوع حالات التمرد ورفض الواقع فى أنحاء متفرقة من المعمورة، إن ذكرى اندلاع «الحرب العالمية الأولي» واستقراء قرنٍ كامل من عمر الزمان توضح فى مجملها أنه لا أمان دائم ولا أمن مستمر ولا استقرار قائم ما دام الصراع هو جزء من فلسفة الوجود وقوانين الحياة، فالملايين التى سقطت فى «الحرب العالمية الأولي» والملايين الأخرى التى سقطت فى «الحرب العالمية الثانية» تقف جنبًا إلى جنب مع مئات الألوف من الضحايا فى الحروب الإقليمية أو النزاعات التى تحصد الأرواح دون تفرقة، فالحروب «دمٌ ودموعٌ وعرق» على حد التعبير الشهير للداهية «ونستون تشرشل» الذى قاد «بريطانيا» منتصرًا فى «الحرب العالمية الثانية» وفاز عليه زعيم حزب العمال «كليمنت أتلي» بعد الحرب مباشرةً عندما قال البريطانيون إن «تشرشل» قد كسب الحرب ولكننا نبحث عمن يكسب السلام!

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرنٌ بعد الحرب الكونية الأولى قرنٌ بعد الحرب الكونية الأولى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon