توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
الأربعاء 19 شباط / فبراير 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

خطاب مكتوب أم حديث مرتجل؟

  مصر اليوم -

خطاب مكتوب أم حديث مرتجل

مصطفي الفقي

اختلف الزعماء والقادة فى أسلوب كل منهم عندما يتحدث إلى شعبه، منهم من كان يهوى العبارات الرنانة والكلمات الصاخبة والجمل «العنترية»، بحيث يقف الزعيم أو القائد أو الرئيس وقفات حادة فى خطابه تستجلب التصفيق وتثير الحماس وتسخن الأجواء، لقد كان «أدولف هتلر» خطيبًا عنيفًا تتناثر عباراته وتخرج أحيانًا مثل طلقات الرصاص مع صوت جهورى وإشارات بالذراع واليد تجسد شعارات الحزب القومى الاشتراكى ومبادئ «النازية» فى وقتها، وكان «المهاتما غاندى» محدثًا هادئًا تختلط اللغة لديه بالعبارات الفلسفية والجمل ذات الطابع الإنسانى العميق، فاستحق لقب «المعلم الكبير»، أما «تشرشل» فقد اتسمت خطبه باللغة الرفيعة والقدرة على التأثير المباشر لدى المستمعين، وهو صاحب العبارة الشهيرة التى وجهها للشعب البريطانى فى أتون الحرب العالمية الثانية قائلًا: (ليس لدىّ لكم إلا الدم والعرق والدموع)، وعندما انتصر الحلفاء وكسبت «بريطانيا» الحرب أسقط الشعب البريطانى «ونستون تشرشل» وانتخب «كليمنت إتلى» رئيسًا جديدًا للوزراء، وقال «البريطانيون» يومها العبارة الشهيرة: (تشرشل كسب لنا الحرب فدعونا نبحث عمن يكسب لنا السلام)، إنها شعوب قطعت شوطًا طويلًا على طريق الاختيار الموضوعى لمن يحكمونها، إنها شعوب تنحى العاطفة جانبًا وتدفع بالعقل ليتصدر المسيرة، أما «شارل ديجول»، زعيم المقاومة الفرنسية ضد «النازى»، والذى انتشل «فرنسا» من مستنقع «الحرب الجزائرية» عندما وصل إلى الحكم مرة ثانية عام 1958، وهو صاحب الخطب التى تفيض وطنية صادقة ولا تفتقد الحماس الحقيقى، لقد كان «شارل ديجول» أمة وحده، بل هو يتفوق على «نابليون» فى التاريخ الفرنسى، من وجهة نظرى، وإذا تأملنا المنطقة العربية فى عصرنا الحديث فإن «جمال عبدالناصر» هو النموذج الأشهر الذى كان العرب ينتظرون خطبه من الخليج إلى المحيط، وقد تأرجحت أحاديث «عبدالناصر» بين «المكتوبة» و«المرتجلة» وفقًا للمناسبة التى يتحدث فيها، ولقد كان تفاعل شخصيته مع فكر الراحل الأستاذ «هيكل» مصدرًا لعبارات سياسية مأثورة وكلمات رسخت فى وجدان الأمة، وهل ينسى المصريون خطابه من فوق منبر «الجامع الأزهر» أثناء «العدوان الثلاثى» عام 1956؟ هل ينسى المصريون خطابه فى تأميم «قناة السويس» قبل ذلك بعدة شهور؟ إن كلماته عند إعلان الوحدة بين «مصر» و«سوريا» مازالت تتردد فى أذنى منذ كنت غلامًا صغيرًا إلى اليوم! كما أن خطابه بعد الانفصال وانهيار «دولة الوحدة» سوف يبقى فى المخزون القومى للعرب جميعًا، أما «خطاب التنحى» يوم 9 يونيو 1967 فى أعقاب «النكسة»، فسوف يظل ذكرى حزينة فى التاريخ العربى الحديث، أما «أنور السادات»- وهو من أكثر حكام «مصر» تذوقًا للأدب وحفاوة باللغة وإعجابًا بالفن- فقد كان يفضل الخطب المكتوبة التى أسهم فيها الراحل «موسى صبرى» بقدر كبير من حيث الصياغة، ولكن «السادات» كان يتدخل فى إعداد كلماته وكان معروفًا بأنه ذواق للعبارة، كما أنه عاش فى «كواليس» الصحافة واشتغل بها قبل ثورة 1952 وبعدها، أما الرئيس الأسبق «مبارك» فقد كان حريصًا على النص المكتوب ولا يرتجل فى المناسبات الرسمية غالبًا، ولكنه كان يخرج عن النص أحيانًا كتقليد موروث يؤكد به كل رئيس فهمه لما يجرى حوله، مؤكدًا أنه ليس حبيس الكلمات المكتوبة التى صاغها غيره، ولقد احترم المصريون الخطب القصيرة والرصينة للرئيس الانتقالى المستشار «عدلى منصور»، وعندما وصل المشير «عبدالفتاح السيسى» إلى سدة الحكم، متمتعًا بشعبية كاسحة و«كاريزما» من نوع خاص تقوم على التواصل الإنسانى بينه وبين جماهير شعبه، معتمدًا على لغته الودودة وعباراته الحانية، خصوصًا أن الشعب المصرى كان فى حاجة إلى من يربت على كتفيه ويعامله بثقة كانت مفقودة ومودة كانت غائبة، وظل أمر الرئيس «السيسى» كذلك إلى أن جاء خطابه الأخير ليكون منعطفًا يشير إلى نوع من التحول فى التفكير والتعبير معًا، فالأسلوب غاضب تبدو من عباراته أن الرئيس قد ضاق ذرعًا بكثير من التصرفات وبعض الانتقادات، كما أن كثرة التحديات المحيطة بنا والمشكلات المتراكمة فوق رؤوسنا والأزمات التى تمر بنا تبدو كلها قد تجمعت فى مشهد واحد أمام رئيس لا تنقصه الوطنية ولا تعوزه النزاهة، فكان رد الفعل غاضبًا، بل ومتألمًا فى بعض الأحيان، لذلك فإننى أتمنى على الرئيس- وهو رئيس إنقاذ لا بديل له- أن يعتمد على الخطب المكتوبة ضمانًا لتسلسل الأفكار وهدوء العبارات، خصوصًا عندما تصدر من رئيس أحبه المصريون، وذلك لا ينفى بالطبع حقه فى «الارتجال» متى شاء والحديث بـ«العامية المصرية» حين يريد، مع العلم بأن سلامة اللغة وضبط «النحو» هى أمور أصبحت لازمة فى بلد «الأزهر» و«المجمع اللغوى». وعلى كل حال فالرئيس أفضل من غيره فى هذا الشأن، خصوصًا بعدما علمنا أن «سيبويه» يتقلب فى مرقده منذ الاجتماع الأول لمجلس النواب الجديد، سواء من أعضائه أو من هيئة مكتبه، وقد شعرت- شخصيًا- بالحزن لأن عبارات الرئيس «السيسى» توحى بأنه قد فاض به الكيل ولم يجد التجاوب المنتظر من القطاعات المختلفة، وأنا أدعوه بهذه المناسبة- وهو يعلم تقديرى له وحرصى عليه- بأن يوسع دائرة اختياراته لمعاونيه من الشباب بحيويتهم والكبار بخبرتهم.

وبالمناسبة فليست لدىّ أى طموحات لمنصب ما حتى لو جاءنى يسعى، فقيمة الشخص فيما يملك من فكر وما يحظى به من عقل وما يحوز من علم، وهناك غيرى عشرات يحتاجون المناصب لكى تضيف إليهم وهذا شأنهم، إننى أقول للرئيس إن «مصر» عامرة بالكفاءات، زاخرة بذوى القدرات، إن لديها مستودعًا بشريًا لا ينضب ومخزونًا حضاريا لا ينتهى، والسياسات يصنعها البشر، والتقدم قرار عقلى، والتفوق إرادة إنسانية، لذلك فإننى أتمنى عليه أن يلتقط من أبناء هذا الشعب أصحاب الكفاءات بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية واهتماماتهم الفكرية أو معتقداتهم الشخصية، شريطة أن يكونوا مؤمنين بالوطنية المصرية، يعملون تحت علمها الخفاق وليست لديهم «أجندات» خاصة، إننى أزعم أنه ليس كل الذين يتولون المواقع هم أفضل من يستحقونها، والرئيس أعلم منى- ومن غيرى- بحجم المشاكل التى نعانى منها والتحديات التى تحيط بنا وتستهدف مستقبلنا.. إننى أدرك أن العبء كبير والتركة ثقيلة، ولكن «مصر» عامرة بمواردها البشرية قبل مواردها الطبيعية، ومصر الدولة تحاول كسر الحصار حولها، وأشهد أنها حققت فى ذلك شوطًا كبيرًا.. فلا تحزن يا سيدى الرئيس ولا تيأس، ولا تغضب أيضًا!.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب مكتوب أم حديث مرتجل خطاب مكتوب أم حديث مرتجل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon