توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المحنة الكبرى

  مصر اليوم -

المحنة الكبرى

مصطفي الفقي

نتحدث جميعاً عن مشكلات «مصر» المعقدة، وأزماتها المستعصية، وعن الحل أحيانا فى إطار الحلقة الشريرة للعلاقة بين الزيادة السكانية ومعدل نمو الناتج القومى كل عام
ويبحث الخبراء الاقتصاديون فى الأمر ويردد الزعماء السياسيون الشعارات بالأمانى الطيبة والأحلام الوردية «ومصر» تراوح مكانها ولا تستطيع الفكاك من قبضة «الفقر» «والجهل» «والمرض» ذلك الثالوث الذى شخصه المصريون، منذ أكثر من قرن من الزمان، بينما الأمر عندى شيء مختلف فلنفتح عقولنا وقلوبنا لاستقبال الحقيقة مهما تكن قاسية وهى باختصار أن مشكلاتنا ليست فى «التعليم» «والعشوائيات» «والرعاية الصحية» وغيرها من القضايا الظاهرة للجميع ولكن المشكلة تكمن - فى نظرى - فى «الإنسان المصري» ركيزة التغيير وجوهر التطور وبؤرة الإنتاج والإبداع معاً، إننى أشعر كثيراً بأن الذى تراجع لدينا فى العقود الأخيرة ليس هو معدل النمو الذى تبتلعه «الزيادة السكانية» ولا «العشوائيات» التى يقطنها الملايين كما أنها ليست فى الصراع السياسى المحتدم ولا فى المخاطر التى تهدد «الأمن القومى المصري» وما أكثرها بدءاً من احتمال دخولنا فى مرحلة الندرة المائية وصولاً إلى الحرب فى «سيناء» مروراً بالمخاطر على حدودنا «الغربية» «والجنوبية» ولكن مشكلة المشاكل وجوهر «المحنة المصرية الكبري» هى الإنسان ذاته، ولعلنا نفصل هنا مانريد الوصول إليه من خلال النقاط الآتية :
أولاً : إن الأمم التى نهضت والشعوب التى تقدمت، إنما اعتمدت على العامل الإنسانى بالدرجة الأولى فقد تكون لدى الدولة موارد طبيعية وفيرة وإمكانات مادية هائلة ولكنها تفتقر إلى الموارد البشرية، إذ ليس لديها من هم قادرون على تكوين العقل الجمعى ودفع روح الأمة، لذلك يتعين أن يكون تركيزنا على العامل الإنسانى تركيزاً بغير حدود، فالعامل البشرى هو قائد التطور وهو محرك التاريخ، ولعل جزءاً كبيراً من محنة «مصر» الحالية إنما يوجد نتيجة لتراجع نوعية المصرى فى ظل أحداث كثيرة ازدحمت فوق سماء الوطن عبر العقود الأخيرة ضاعت فى غمارها كثير من الميزات التى كان المصريون معروفين بها وسيطرت على حياتنا موجات من الجمود والتخلف كان من نتائجها أن غابت «مصر» وانحسر دورها وتراجعت مكانتها فاضطرب سلوك الناس وامتد الانفلات الأمنى ليصبح انفلاتاً أخلاقياً لأننا لم نبن الإنسان سيد الكون وصانع الإنجازات.
ثانياً: إن التعليم هو بوابة المستقبل وهو المدخل الوحيد إلى مجتمع أفضل ولدولة عصرية حديثة تقوم على البحث العلمى والابتكار وإيجاد الأفكار البناءة التى تؤدى إلى ظهور الإنسان السوى المسلح بالعلم والمتميز بالأخلاق ولذلك فإن محنة الوطن بدأت مع تراجع النظام التعليمى أى تراجع نوعية الإنسان المصرى ولست أقصد هنا من حيث الذكاء أو معدل الاستيعاب فتلك طفرات طبيعية تمضى مع حركة الزمن ولكن الذى حدث هو أن النظام التعليمى تهاوى ولم يتمكن من تقديم نوعية متميزة بأعداد كافية تكون كوادر للتنمية أو الديمقراطية، ويكفى أن نتذكر هنا أن خريجى التعليم المتوسط عاجزون تقريباً عن القراءة الصحيحة أو الكتابة السليمة ناهيك عن بعض خريجى الجامعات والمعاهد العليا ممن لايعرفون أولويات العمل المهنى ولا يتقنون لغة أجنبية، لذلك فإن الخيبة الكبرى هى ما جرى لمدارسنا وجامعاتنا فى العقود الأخيرة خصوصاً أن ريادة «مصر» تركزت تاريخياً على القوى الناعمة التى تملكها بدءاً «بالتعليم» مروراً «بالثقافة» وصولاً إلى «الأزهر الشريف» «والكنيسة القبطية» ومازلنا نواجه حتى الآن تراجعاً لدورنا الإقليمي.
ثالثاً: إن غياب الرؤية وفقر الخيال هما ظاهرتان تعكسان حالة الجفاف «الفكري» «والسياسي» «والثقافي» التى تعانى منها «مصر» الآن إذ أن الجامعات لم تعد تضخ عناصر متميزة بنفس القدر الذى كانت عليه من قبل فضلاً عن الزيادة السكانية المهولة والتى تمثل زيادة فى العدد ونقصاً فى النوعية فأصبحنا أمام مؤشرات خطيرة لاستمرار «الحلقة الشريرة» الناجمة عن غياب التخطيط وافتقاد الرؤية فلم نعد قادرين على النظر إلى المستقبل بعينى «زرقاء اليمامة» كما هى الشعوب الواعية عندما تستشرف مستقبلها بل أصبحنا أسرى الأفكار المتخلفة والمعتقدات البالية حيث طغت الخرافة على العلم ولم يعد لدينا ذلك الخيال المتوهج الذى يضيء الطريق نحو المستقبل .. حالة عجز مؤلمة نجمت عن تجريف الكفاءات وتحطيم أصحاب العقول من الموهوبين أو البارزين فى المجالات المختلفة.
رابعاً: إن ما نطلق عليه «فلسفة الزحام» الناجم عن مشكلة الأعداد الكبيرة إنما هى مؤشر لما نعانى منه ولا نستطيع الإمساك به أو الخروج من دائرته، وقديماً قالوا إن الديكتاتوريات تولد من رحم الزحام فالأعداد الضخمة هى التى تولد الضغوط التى تؤدى بدورها إلى ظهور الاستبداد وتوطين الفساد وغير ذلك من الأمراض الاجتماعية التى عانى منها المصريون عبر السنين، ولذلك فإن من يتساءلون قائلين إن التنمية فى «مصر» أقل من مستواها المطلوب وأن الديمقراطية أيضاً تبدو دون طموحات من يحبون «مصر» فالإجابة ببساطة هى أن «مصر» استسلمت لنظرية الأعداد الكبيرة وأغفلت النوعية فى زحام الكمية.
خامساً: إن «التخلف السياسي» و«الضعف الاقتصادي» «والعجز الإداري» تبدو كلها مؤشرات تصب فى مكونات المحنة الكبرى للوطن المصرى ويجب أن نتذكر هنا أن المصريين قد تحدثوا كثيراً من قبل عن المستقبل بصورة حالمة أكثر منها واقعية فنحن بارعون فى البدايات، ولكن لا نستكمل الطريق، ألم نتحدث فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى عن الدولة النووية (مشروع صلاح هدايت)؟ دولة الفضاء (القاهر والظافر)؟ (الثورة الخضراء لاستصلاح الصحراء)؟ (الثورة الإدارية ونسف الروتين)؟ تلك نماذج لأفكار طرحناها ومشروعات بدأناها ولكننا لم نكمل الطريق وتوقفنا عند البدايات بينما كان الأوجب علينا أن نمضى فى طريقنا بجدية نحو المستقبل واستمرارية إلى الأمام ولكننا لم نفعل ذلك. إن الشعب الجاد والأمة الرصينة، هما القادران على مواجهة الأزمات الحادة والمشكلات المستعصية والخروج من مأزق المحنة الكبرى .

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحنة الكبرى المحنة الكبرى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon