توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثورات المصريين (1 - 2)

  مصر اليوم -

ثورات المصريين 1  2

عمار علي حسن

تعيد الموجة الثالثة من ثورة يناير على نظام حكم الإخوان إحياء ما طمره النسيان من تاريخ المصريين المديد من احتجاجات وثورات على الطغيان والعوز والمسكنة، لو وضع بعضها فوق بعض لتلاشى الاعتقاد الزائف بأنهم شعب يصبر على الضيم صبراً طويلاً، إما بحكم خوفه على الأرض، أو نزعته الدينية المتأصلة. ويكفينا برهاناً على هذا أن أول ثورة فى تاريخ الإنسانية جرت على ضفاف النيل العظيم، وكانت من الشمول والقوة والعنف إلى درجة أنها هزت ضمائر، وأثارت اندهاش كل من فتشوا فى ماضى مصر ووثائقها، باعتبارها أول دولة عرفها البشر.ولم يقطع أحد بزمن محدد دقيق لهذه الثورة الخالدة، لكن ما ساقه الحكيم «إيبور يشى» بأنها قد وقعت إبان حكم بيبى الثانى، فى سنوات تتراوح تقريباً بين 2280 و2132 قبل الميلاد. وكان السبب الرئيسى لهذه الثورة العارمة هو تفشى الظلم واتساع الهوة بين الطبقات، حيث كانت قلة متخمة من فرط الشبع، وكثرة تعانى من قسوة الجوع، الذى بلغ مداه، حيث أكل الناس العشب، واكتفوا بعضهم بشرب الماء، وعزّ على الطير أن يجد ما يملأ به جوفه، بعد أن نفدت الغلال من الصوامع، وتُركت الماشية تهيم على وجوهها، فهجم الناس عليها وذبحوها والتهموها، حتى فنيت، ووصل الأمر إلى حد أن الناس كانوا يخطفون القاذورات من أفواه الخنازير. ومات خلق كثر، ملأت جثثهم الشوارع والنهر، حتى أصبحت التماسيح تزاور بعيداً عنها، بعد أن أكلت حتى الشبع. وحين اشتد الجوع بالناس هاجموا بضراوة قصور الحكام والأثرياء، فقتلوا مَن فيها، ونهبوا ما بها، وأشعلوا النيران فى كثير منها، وصار الشعار الذى يسرى فى البلدات الرابضة على ضفتى النيل هو: «لنقص أصحاب الجاه من بيننا». وترك الثوار بيوت ذوى المال والسلطة خراباً تنعق فيها الغربان، فصار هؤلاء أذلاء من بعد عز، وجوعى من بعد شبع، وبؤساء من بعد تنعم، وهام كثيرون منهم على وجوههم بلا عمل ولا سلطة. وبلغ الانتقام مداه من أبناء الأمراء وأحفادهم ومومياواتهم. واستولى الفقراء الجوعى على ثروات هؤلاء وتحفهم الثمينة، من دون أن يعرفوا لها قدراً، أو يوجد سبيل لبيعها، بعد أن انهار الاقتصاد تماماً، وانتشرت الأوبئة فى كل مكان. ويصف «إيبور» انتقام مَن أذلتهم الحاجة ممن تمرغوا طويلاً فى النعمة والجاه فيقول: «من كان يرتق نعليه فيما مضى صار صاحب ثروة.. ومن لم يكن فى مقدوره أن يصنع لنفسه تابوتاً أصبح يملك قصراً.. ومن لم يكن باستطاعته أن يشيد حجرة بات يملك فناء مسوراً.. ومن لم يكن يملك ثوراً صار يملك قطعاناً.. ومن لم يكن يملك حفنة قمح أصبح يملك أجراناً.. وأصبحت ربات الخدور يرتدين الخرق البالية، والعقيلات الشريفات يرقدن على الفراش الخشن.. والسيدات النبيلات اللاتى كن متاعاً حسناً صرن يقدمن أجسادهن فى الفراش.. وأولاد رجال البلاط أصبحوا فى خرق بالية، وأولاد الحكام يُلقون فى الشوارع». وفى أتون هذه الفوضى سقط الحكم بعد أن انهارت الدواوين والمحاكم ونُهبت سجلاتها، وذُبح كبار الموظفين وصار من بقى منهم على قيد الحياة بلا كلمة مسموعة، وعاشت مصر بلا حكام لمدة تصل إلى ست سنوات، فانتشرت عصابات السرقة والقتل، وأفلست الخزانة العامة، ولم ينج قصر الملك نفسه من النهب، ليجد بيبى الثانى نفسه أمام هذه الحقيقة المرة، بعد أن عاش سنوات طويلة مثقلاً بالأكاذيب، عازلاً نفسه عن شعبه، ومسلماً إياها إلى حاشية لا تجيد إلا فن النفاق والكذب والتضليل، ولم يستمع ويعمل بالنصائح المعبرة الأثيرة التى كان يقدمها الملك الفرعونى خيتى إلى ابنه مريكارع، والتى تقول: «تحلَّ بالفضائل، حتى يثبت عرشك على الأرض هدئ من روعك الباكى لا تظلم الأرملة لا تجرد أحداً مما يملك ولا تطرد عاملاً من عمله ولا تغدر بزميل لك تلّقى معك العلم ولا تكن فظاً بل كن رحيم القلب اجعل هدفك حب الناس لك لا ترفع ابن الشخص العظيم على ابن الشخص المتواضع، بل قرّب إليك الإنسان الكفء ارفع من شأن الجيل الجديد لكى تحبك الرعية، فالمدينة مليئة بالشبان المدربين، فاجعل من هؤلاء أتباعك، وامنحهم الممتلكات، وهبهم الحقول، وائتمنهم على القطعان». ومنذ هذه الثورة العارمة، ومصر لم تهدأ رغم ظاهرها الذى فسرناه كثيراً بأنه سلسلة من السكون والخمود، لكن الحركة المصرية هذه لم تأخذ طريقاً واحدة، إنما تنوعت بين الثورات والهبات والتمرد وبين العناد والعصيان والمقاومة والإصرار الصارم على التمسك بالثوابت الوطنية، رغم تعاقب المحتلين، بل استدراج هؤلاء رويداً رويداً حتى يذوبوا فى الروح الثقافية المصرية القوية. (ونكمل غدا إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة " الوطن "

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورات المصريين 1  2 ثورات المصريين 1  2



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon