توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«غواية السكون الأبدى»

  مصر اليوم -

«غواية السكون الأبدى»

عمار علي حسن

يكتب الأستاذ «سعداوى الكافورى» عن عالم «يوسف القعيد» بأسلوب «خيرى شلبى» مع اقتصاد وتكثيف يحكم أديباً خارجاً من إهاب «القصة القصيرة»، حيث أبدع ثلاث مجموعات على فترات زمنية متباعدة نسبياً، إلى مجال الرواية الأكثر رحابة، لينسج خيوط عمله الأول فى هذا النوع الأدبى معطياً إياه عنوان «غواية السكون الأبدى»، بعد أن ألِف هذه التركيبة من العناوين، قوية الدلالة، المسربلة بالغموض، والنازعة إلى التفلسف مثل «شروخ الروح» و«متاهات السراب الجميل» و«إحباطات فضفاضة» حسبما سمى مجموعاته القصصية. ترسم هذه الرواية القصيرة ملامح مسارين من الصراع فى «قرية» بسيطة؛ الأول، وهو الأعرض والأبرز فيها، ذو صبغة اجتماعية بين عائلتى «العيايشة» و«العلايشة»، والثانى سياسى ينتقل على مرحلتين، الأولى بين منتمين لـ«جماعة الإخوان» و«الوفديين» والثانية بين الإخوان وأعضاء «الاتحاد الاشتراكى العربى»، ثم يولد صراع فرعى عابر بين أدعياء التصوف وأعضاء هذا الاتحاد، لكن ليس على الأيديولوجيا إنما على المنافع والمصالح المادية المباشرة، وإن كان هذا يشكل خلفية باهتة طيلة زمن الرواية الذى تراوح بين «معاهدة 1936» لاستقلال مصر عن إنجلترا وهزيمة يونيو 1967. تسرد الرواية الحكاية الاجتماعية الأبرز فى قرية «العتقا» التابعة لـ«الضاهرية» من أعمال «إيتاى البارود» بمحافظة «البحيرة»، لتبدأ بالتشكيل الاجتماعى للقرية التى أسسها التزاوج بين خدم سود لأحد الباشوات، أعتقهم قبيل رحيله ووزع عليهم أرضه، لأنه لم ينجب من يرثها، وبين رجال كانوا يأتون من الصعيد على مراكب تمخر عباب النيل لبيع الأوانى الفخارية، ليمنحهم التوالد المستمر أغلبية كعائلة تحمل اسم «العلايشة» على حساب «العيايشة» ممن انتهى بهم الأمر إلى أن يقودهم آل «السنهورى» الذين ربطتهم علاقة نسب بكبير القرية والأكثر ثراء فيها وهو «فريد»، نجل لواء سابق فى الجيش المصرى. ينتقل الصراع من العنف، حيث تدور معركة بـ«الشوم» بين أولاد «السنهورى» و«العلايشة» إلى «التحايل»، إذ يبدأ المهزومون من «العلايشة» بتوظيف امرأة فاتنة منهم تسمى «غالية» لإيقاع «أمين السنهورى» الطاعن فى السن، فتتزوجه، وتفضح عجزه الجنسى، متهمة ولدى أخته بإذاعة سره، فيتشاجر معهما ليقتله أحدهما، فيُسجن، ويأتى أهل أمين من قرية مجاورة ليحرقا بيت أخته «فاطمة» فتأكلها النار، أما ابن أمين، فيبلّغ عنه شيخ البلد السلطات لهروبه من الجندية فيؤخذ للمشاركة فى حرب 1956، ويستشهد وتحزن زوجته عليه فتلحق به سريعاً، ويتركان ولدين قاصرين، تتمكن «غالية» من أن تتولى الوصاية عليهما، وتتفنن فى تبديد ثروتهما، بتأجير أرضهما إيجاراً دائماً، بعد أن تتزوج رجلاً غريباً أطلق عليه أهل القرية اسم «الغرباوى» وتنقله من عشة على الترعة إلى بيت السنهورى الفخيم. وهذا الرجل تدروش وأشاع الناس عنه كرامات مكذوبة، فسرق الهيبة من شيخ البلد، فطلب من «غالية» أن تتخلص منه، فدست له السم فى الطعام، واتهم فى قتله الولد القاصر الأكبر، الذى تناهى إلى أسماع الناس أنه يخطط لقتله ليخلص بيت السنهورى من عاره. يضغط الكافورى الأحداث بقسوة، ليهدر فرصة رصد تفاصيل كان بوسعها أن تزيد الرواية اتساعاً وعمقاً من دون أن توقعه فى الترهل أو «إشباع السرد»، إذ اضطر ليقفز سريعاً فى الزمان، مما يجعل القارئ يلهث خلفه، لتلاحق الأحداث تارة، ولقدرة الكاتب على صناعة التشويق عبر أحد عشر فصلاً متتابعاً لا يزيد أى منها على عدة صفحات، تارة أخرى. ومع هذا تبقى الرواية حافلة برصد طقوس «العرس» و«العزاء» فى الريف، وتدخل إلى عالم صناعة الأساطير التى يروجها أدعياء التصوف عن أنفسهم، فترسم بعض ملامح «الواقعية السحرية» ببراعة، وعلى التوازى معها تنقل بعض النصوص الرسمية التى كان يدبجها كاتب شكاوى لم يكمل تعليمه الأزهرى لكنه كان مطلعاً على صنوف من الأدب العربى القديم، وكذلك التلغرافات التى كانت ترسل إلى وزيرى الداخلية والزراعة وإلى جمال عبدالناصر نفسه، وبذا تفضح جانباً من القهر السياسى والظلم الاجتماعى. وأكثر ما يميز الكافورى فى سرده المختصر هو قدرته على صناعة لوحات طبيعية بديعة، والتغلغل فى دخائل النفوس البشرية، ونحت تعبيرات جديدة بلا توقف. وأظن أن هذه التراكيب الشاعرية لم يأخذها كاتبها من أى كاتب سابق سواء على سبيل التناص أو التلاص. وأعتقد أن الكافورى، الذى حصل على عدة جوائز أدبية مهمة، قد قطع بـ«غواية السكون الأبدى» تلك الخطوة الأولى الفاصلة بين كتابة القصة القصيرة وكتابة الرواية، مما يجعلنا نتظر منه أعمالاً روائية أخرى مختلفة فى بنيتها وتكوينها وحجمها عن عالم الريف الثرى بالحكايات والأسرار والأنماط الإنسانية واللوحات الطبيعية. نقلاً عن "الوطن"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«غواية السكون الأبدى» «غواية السكون الأبدى»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon