توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تعالوا لنبنى «النفس الديمقراطيـة»

  مصر اليوم -

تعالوا لنبنى «النفس الديمقراطيـة»

عمار علي حسن

أشاع المثقفون المنتفعون من السلطة أن شعبنا غير مؤهل للديمقراطية، لأنه لم يستعد نفسياً لهذا النوع من الحكم، إذ إن الديمقراطية عملية تربوية، تقوم فى جوهرها على حزمة من القيم التى تتم على أساسها تنشئة الفرد، بدءاً من الأسرة، وحتى الحزب السياسى، مروراً بالعديد من المؤسسات الاجتماعية، التى ينخرط فيها الناس أو يتماسون معها طيلة أعمارهم المديدة. ويقول هؤلاء إن فى بلادنا لا تنتج كل هذه المؤسسات سوى طغيان مقنع، ومن ثم علينا أن نزيح طبقات كثيفة من الأفكار والممارسات المستبدة حتى تستوى الديمقراطية على سيقان اجتماعية وثقافية متينة. ويستند هؤلاء فى تصورهم هذا إلى أن علم النفس الاجتماعى ينتصر لدور التنشئة السياسية فى التمهيد للحكم الديمقراطى، عبر تكوين الفرد المؤمن بالحريات العامة، الحريص على المشاركة، المتسامح مع الآخرين والمؤمن بحقهم فى الحرية، المستعد لتكريس بعض جهده لتقوية دعائم المجتمع المدنى بما يمنع السلطة من التغول والتجبر، والقادر على أن يخوض مواجهة حامية إذا شعر أن الديمقراطية التى ينعم بها مهددة، أو أن هناك من يتربص بها، ويريد اختطافها لحساب فرد مستبد، أو قلة محتكرة. وبالطبع فهذه الخطوة مهمة كى تولد الديمقراطية على أكف قوية وفى نور ساطع يغلب عتمة الاستبداد، ثم تتعزز وتحافظ على وثوقها وثبات خطواتها وامتلاكها القدرة على تصحيح مسارها. لكن الربط الحتمى بين السمات النفسية للمحكومين ونوعية الحكم الذى يقودهم، هو من قبيل تعويق جهد الراغبين فى وضع أفضل لمجتمعهم، ومن ثمّ تطويل أعمار أنظمة حكم تخاصم الديمقراطية وتكره من ينادى بها أو يدافع عنها. وأنصع برهان على ذلك أن العديد من المجتمعات الغربية، لم تكن لحظة تحولها إلى الحكم الديمقراطى، أو حتى فى الوقت الراهن، تحمل سمات نفسية واحدة، أو حتى متشابهة؛ فالدراسات التى أجريت على سيكولوجية الشعوب فى مطلع القرن العشرين مثلاً، ومنها كتاب مهم ألفه أندريه سيجفريد، أظهرت أن هناك اختلافاً فى القسمات المشتركة لشعوب هذه المجتمعات، فالسمة العليا لدى الفرنسيين هى «البراعة» ولدى الإنجليز «العناد» وعند الألمان «التنظيم» أما الأمريكيون فهم شعب «ديناميكى» والروس «متصوفون». ولحظة إجراء هذه الدراسات كان الإنجليز والفرنسيون والأمريكيون والألمان ينعمون بالديمقراطية على الدرجة نفسها رغم اختلاف سماتهم النفسية. والروس ضاقوا ذرعاً بالاستبداد طيلة الحكم الشيوعى، وها هم يضغطون كل يوم من أجل تعزيز تطورهم الديمقراطى، ومنهم من يريد تحقيق هذا الهدف بالجهود الذاتية، ومنهم من لا يمانع من دعم من الخارج لهذا المسار. ولتفنيد ما يذهب إليه فقهاء السلطة على الجماهير أن تزاوج بين ضغطها المتواصل من أجل الديمقراطية «الآن وهنا»، والعمل الجاد فى سبيل أن تنشأ ديمقراطيتنا سليمة معافاة. وحتى يتحقق الأخير من الضرورى أن نبنى الديمقراطية داخل أنفسنا أولاً، فيربى الآباء أبناءهم على كراهية الاستبداد، ورفض الاستعباد، والانحياز إلى الحلول الجماعية والمصلحة العامة، والإصرار على المشاركة فى صناعة المصائر، صغيرها وكبيرها، وتقبُّل الرأى الآخر والفكر المخالف، والاعتياد على الاختيار من بدائل، وليس الانصياع لإملاء مسار واحد. وأول خطوة لتحصيل ذلك هى «تقدير الذات»، فالإنسان الذى يبخس ذاته لا يمكنه، فى نظر المدارس النفسية كافة، أن يتطلع إلى نيل حقوقه، مهما كانت ضئيلة، بل يستمرئ التفريط فيما له، ويركن إلى استعذاب الاضطهاد، وقد يصل به الأمر إلى حد تصور أنه لا يستحق الاحترام، بل لا يجدر به أن يحيا من الأساس. وتقدير الذات قد يجد بابه الأوسع فى إدراك ما فى الأديان السماوية من دعوة إلى مقاومة الظلم، ومكافحة الشر والفساد، وإلى البحث عن الحل الجماعى، وليست الحلول الفردية المفرطة فى الأنانية، التى لا تنتج سوى تمزق النسيج الاجتماعى، وبذلك تجد السلطة الحاكمة فرصاً متجددة للتجبر والتوحش. والبداية ستكون حين تشرع الجماعات البحثية والكتاب والمثقفون وواضعو البرامج التعليمية وخطباء المساجد ومؤلفو الدراما التليفزيونية وأفلام السينما فى تطبيب نفسية الإنسان المصرى، وإخراجها من الإحساس الكاذب بالضعة والاستضعاف، وانتشالها من الاكتئاب والانسحاب والشعور المرير باللاجدوى. وصدق رب العزة الذى يقول فى محكم التنزيل: «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».. صدق الله العظيم. نقلاً عن "الوطن"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعالوا لنبنى «النفس الديمقراطيـة» تعالوا لنبنى «النفس الديمقراطيـة»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon