توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرسم بالدم (1 - 3)

  مصر اليوم -

الرسم بالدم 1  3

عمار علي حسن

من بين فصول حرب الخليج الثانية التى اندلعت فى يناير من عام 1991 وأطلق عليها اسم «عاصفة الصحراء»، لا تزال ذاكرة العالم محتشدة باللقطات المتتابعة لطائرة «الشبح» الأمريكية، وهى تحلق طليقة فى سماء العراق، دون أى اعتناء بالصواريخ المطاردة، أو بالأهداف المتحركة المراوغة. تلك الطلاقة، وذلك التحليق، الذى لم يهدأ طيلة أيام الحرب، كان يغطى تماماً على ما يجرى فى أرض الواقع، فى محاولة لحسم المعركة مبكراً عبر «الصورة»، التى جرفت أمامها، فى الوقت نفسه، سيل الكلمات المسموعة والمقروءة التى تصف الحرب، وتسهب جاهدة فى تبيان تفاصيل، لم يقطع أحد، إلى الآن، بدقتها. ومع هذا الغموض المخطط له، بفعل نقص المعلومات الواردة من ميدان القتال، أتيح للولايات المتحدة الأمريكية أن توظف الصورة بعناية فائقة فى كسب المعركة، إلى درجة حدت بالبعض إلى القول إن «سى إن إن»، التى ولدت على أكف حرب الخليج الثانية، هى المنتصر الأول، بل وصل الأمر بالأمين العام السابق للأمم المتحدة الدكتور بطرس غالى إلى وصف هذه المحطة التليفزيونية الإخبارية الشهيرة بأنها العضو السادس الذى امتلك حق الفيتو فى مجلس الأمن الدولى إبان تلك الحرب. ورحلة الوصول إلى توظيف الصور المتحركة فى الحرب تمثل ذروة لتجربة طويلة فى العلاقة بين الرسم والدم، بدأت بتلك الرسومات المحفورة على جدران المعابد فى مصر القديمة، للملوك وهم ذاهبون إلى ساحات القتال، تتقدمهم حراب مشرعة، وتتبعهم صفوف من الجند المدججين بالسلاح. ثم بدأت مرحلة الرسم بالكلمات، حين توصل البشر إلى حروف اللغة. فحفلت الملاحم اليونانية والقصائد الشعرية العربية بتصوير مكتوب للمعارك. وعبر هذا الإبداع الفنى عرفنا حرب البلبونيز فى اليونان القديمة، وكيف انتصر عسكر أسبرطة على جند أثينا، وصار لدينا خبر بحرب البسوس الطويلة بين قبائل عربية فى العصر الجاهلى. وعلى المنوال نفسه صور الناس فى بقاع الأرض قديماً الحروب التى خاضوها، إما عدواناً على الغير أو دفاعاً عن النفس والأرض والعرض، من خلال الكتابات النثرية والنظم الشعرى، التى لم تتجاوز حد الوصف أو الرسم بالكلمات، أى أنها فى خاتمة المطاف، كانت تصويراً مكتوباً، يمجد الأنصار، ويحط من شأن الأعداء. وخلال الحرب الأهلية الأمريكية كان الحفارون على الخشب والنحاس يرافقون المستوطنين من الهنود الحمر، فى اتجاههم صوب الغرب، هرباً من الإبادة، لينحتوا ما يرونه من معارك شرسة. وفى عام 1770 نحتوا صوراً للمذبحة التى جرت فى بوسطن. وفى القرن التاسع عشر، كان الرسامون يذهبون إلى ميادين القتال، باستخدام الدراجات الهوائية، ليقفوا على مشاهد واقعية، يعودون ويجسدونها على مهل فى لوحات تشهد على سير المعارك، وتؤرخ لها، على الأقل من الناحية الفنية. وكان بعضهم يرسل ما التقطه من صور معلقاً فى مناطيد تسبح فى الهواء، أو بشر يسبحون فى المياه الطليقة. وفى حرب القرم بين روسيا وبريطانيا، التى اندلعت عام 1848 واستمرت حتى 1870، دخلت الكاميرا لأول مرة إلى ميدان القتال، بعد أن سمح لها العسكريون بتسجيل المعارك. ومنذ ذلك التاريخ صارت «آلة التصوير» جزءاً لا يتجزأ من الحروب أينما وقعت. وللوهلة الأولى أظهرت لحظة الميلاد هذه أن المصورين الحربيين، فريقان، الأول يضم «سياح الحرب» الذين يتفرجون عليها من بعيد، ويسجلون بكاميراتهم ما راق لهم، أو ما أوعز إليهم، من مشاهد. أما الثانى فيضم أولئك الذين يقفون «ضد الحرب» لأنهم، من هول ما يرونه من فظائع، يرفضون قتل الإنسان لأخيه الإنسان، أياً كانت الأسباب أو المبررات. واستمر التصوير بالحرف سنوات، حتى إنه رافق اختراع الكاميرا فى مراحلها الأولى. فعلى سبيل المثال لا الحصر، مارست قوات الحلفاء حرباً نفسية على قوات المحور فى الحرب العالمية الثانية، بإلقاء قوائم بالأطعمة التى يأكلها الجنود الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون، ومن يقاتل فى صفوفهم، على رؤوس الجند الألمان، خصوصاً فى البقاع المحاصرة والجيوب المعزولة، أو التى كانت تعانى نقصاً فى الإمدادات الغذائية، وشملت هذه القوائم أسماء الأطعمة وصوراً لها، مما كان له وقع سلبى فى نفوس الألمان. وأرادت إذاعة «بى بى سى» أن تنقل إلينا، عبر الصوت المجسم، صوراً حية، من ميادين القتال، فاعتادت استضافة مراسليها المرافقين للصفوف الأمامية من فرقاء الحروب، ومسئولين من الطرفين المتقاتلين، ومحللين متابعين للحرب عن كثب، وأحياناً فقرات مسموعة من المعركة، فكادت بذلك تحول الكلمات التى تصيخ لها الآذان سمعاً إلى صور تقتحم العيون، وأن تجعل السمع حاسة كافية للوقوف على ما يجرى. (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى) نقلاً عن "الوطن"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرسم بالدم 1  3 الرسم بالدم 1  3



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon