توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجندى غير المجهول (3-4)

  مصر اليوم -

الجندى غير المجهول 34

عمار علي حسن

تحاملنا من جديد. عكاز أنت وأنا عين ترقب الطريق للأمام. تنبلج الرؤية قليلاً مع بزوغ القمر. يتسلل من طيات الظلام فتتضح مسارب الهروب.. تعثرنا فى سلك شائك يبدو ممتداً إلى مكان بعيد، يحتضن أطلال بنايات متداعية. تجاوزناه إلى الداخل وتفرسنا معالم الموت حولنا. الجثث وبقايا الأطعمة والأسلحة. قلنا فى صوت واحد: - هنا كانت كتيبة لنا.. وقبل أن نزيد الحزن حزناً ملأ المكان ضوء ساطع. استدرنا بسرعة فإذا بكشافين يتسطحان فوق الأرض لعربة صغيرة تتقدم نحونا. - العدو؟! - نعم.. نعم.. العدو.. - والعمل؟ - انبطح أرضاً يا شعبان.. ألصقنا جسدينا بالرمل وزحفنا نحو الجثث المكومة بالقرب منا. فى لمح البصر، أدخلنا الأرجل فى الأرجل وغرفنا من أحشائهم، ونزحنا من بقايا دمائهم ولطخنا وجهينا، ثم أدخلنا الأيدى فى الأيدى. خبتت الأنفاس وأسبلت الأجفان وتوحدنا معهم فى موت واحد.. اقتربت العربة وترجل أربعة جنود. داست علينا أحذية غليظة توكزنا، وتضربنا، وتقلبنا يمنة ويسرة ولا حراك. سمعنا همهمات لم نفهم معناها، لكننا أدركنا أنهم يشككون فى موتنا. عادوا إلى الركل والضغط، لكننا كنا مشبعين بموت الأصدقاء. بصقوا على كومتنا وانصرفوا، ثم انطلقت بهم العربة وشخيرها يمزق سكون الليل ويفرش هالات الضياء فى الأفق المنظور. نهضنا ورائحة الموت تنبعث من روحينا. هدأ وجيب صدرينا، وتلاحقت الأنفاس تعوض كبتها المحموم وترشف من طراوة الفجر هواء جديدا، يهز فينا خيط الأمل فى الحياة. تكشفت معالم الطريق وعاد الظمأ يخمشنا بضراوة. ها هى على بعد أمتار منا زمزمية ناصعة البياض، تبرق فى شعاع البكور الأول. رأيتها يا «شعبان» فردت فى وجهك دماء الأمل. أما أنا فتوجست وقلت ربما تكون شركاً خداعياً ألقاه العدو لتهرول إليه فلول الظامئين على أنه ماء، وما هو إلا ألغام وقنابل. هممت لتحضرها لكننى أمسكت بك. لم أشرح لك السبب لكننى صرخت فيك بنبرة حادة: - أنا سأحضرها. - قدمك يافندم.. - هذا أمر عسكرى. - لكن.. - نفذ الأوامر. - يافندم. - الأوامر.. وكعادتك كنت مطيعاً. تركتنى أزحف إليها وأنت ترقب ولا تدرى لماذا أنا نهرتك. بينى وبينها متر واحد. العين والقلب منقسمان حول مائها ونارها.. ها أنا أكاد ألمسها يا «شعبان».. لمستها.. ها أنا أقبض عليها.. أقبض على انفجار هائل كان آخر ما سمعت فى تلك اللحظة. تناثرت أشلائى ولطخت الدماء ارتجافك فصار فزعاً، واحمرت أطراف المكان. وقفت أنت وقد ألجمتك الفجيعة. عيناك زائغتان وراء قطع اللحم المنثورة فى كل حدب وصوب. ذاكرتك اختزلت تاريخنا سوياً فى لمح البصر.. ويداك ممدودتان تجمعان أشلائى، صرخت فيك: - اترك كل شىء ولا تحمل سوى القلب. كان حيا ينبض وصورتك مطبوعة فى صميمه. لملمت كل اللحم وكوّمته فى تناسق وجلست تنتظر بعثى من جديد.. لم يحدث وطال نحيبك وانتظارك، فخلعت ما تبقى لديك من الملابس. وكما تهدهد الأم وليدها وضعت اللحم برفق وربطت فوهة أفرولك. حملتنى فوق ظهرك ورحت تخطو نحو الغرب.. محمول أنا فوق ظهرك، وعينى ترقب لك الطريق. وهناك فى الأفق تجلت ملامح «محمد». كان يضحك ولؤلؤ الثنايا يبرق فى شمس الضحى. وقلت لك يا «شعبان»: سر فى اتجاه «محمد» تماماً.. تماماً.. (نكمل غداً إن شاء الله تعالى). نقلاً عن "الوطن"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجندى غير المجهول 34 الجندى غير المجهول 34



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon