توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن المنيا التى أحبها

  مصر اليوم -

عن المنيا التى أحبها

عمار علي حسن

تأخذنى طائرات وقطارات إلى مدن فى مشارق الأرض ومغاربها لكن يبقى للمنيا، الوديعة المجهدة، ألق الدهشة الأولى، وفيض الحنين الجارف، والذكريات التى لا تغرب أبداً، إلى شوارعها التى تنساب فى جهات ثلاث، والنيل المسافر بجانبها فى وقار، يعانق جبلاً أشمّ، يمنحها صلابة تقوّيها على ظروفها الصعبة. قد لا تكون المنيا استثناء بين مدن الآمال المؤجلة، التى تتقاطر كعقد الجمان المنطفئ على جانبى شريط السكة الحديد الذى يشق الصعيد من ناصيته حتى أخمص قدمه الفتية القوية، وليست استثناء أيضاً فى منحها مصر رجالاً سمراً أشداء، ولا مفكرين بقدر طه حسين، أو شيوخاً بقامة الأخوين مصطفى وعلى عبدالرازق، ولا نساء جريئات طموحات عارفات مثل هدى شعراوى.. فمدن مصر معطاءة، كل على قدر طاقتها. لكن المنيا استثناء فى قسوة الأحوال، وضيق ذات اليد. فهى إن كانت تشاطر مدن الصعيد غياب الاستثمارات الخاصة الكبيرة والمشروعات العامة القادرة على استيعاب فائض شبابها، فهى فقيرة فى رقعتها الزراعية، إذ يضيق الوادى عندها ليصبح شريطاً أخضر ضئيلاً، تهاجمه الصحراء الغربية بضراوة، وتحده هضبة البحر الأحمر بصرامة. ومع ازدياد حجم سكانها، تتهاوى المنيا، بمدنها وقراها ونجوعها، إلى أسفل سلم «التنمية البشرية» فى مصر، لتستقر فى ذيل القائمة، حاملة رقم ستة وعشرين، بصبر لا يلين. هذه الظروف القاسية جعلت أكثر المشروعات رواجاً فى مدينة المنيا هى المقاهى. وتلك ظاهرة لا تخطئها عين، فعلى ضفتى شارع «الحسينى»، الذى يصل أبعد طرفين فى المدينة، تتراص المقاهى، غارقة وسط سحب الدخان الأسود، والأبخرة المتصاعدة من أكواب ساخنة، يرتشفها شباب يجلسون فى استسلام يروضون الوقت، ربما منذ أن تحلّ الشمس فى قلب السماء حتى الهزيع الأخير من الليل. وحين يهدّهم تعب الجلوس، ينفضون ملابسهم، ويتفرقون فى الشوارع الضيقة المكللة بالهدوء إلى بيوتهم، انتظاراً ليوم جديد من البطالة الممقوتة. وتعيش المنيا رواسب ثقافة «مجتمع الموظفين»، ورغم أن الوظيفة الحكومية قد تبخرت وكادت أن تكون واحدة من المستحيلات، ومع أن الموظفين باتوا، بعد المد الانفتاحى الذى اجتاح مصر بدءاً من عام 1974، من شريحة المساكين الذين يستحقون الصدقة، ينتظر شباب المنيا الملازمون المقاهى، مقعداً متهالكاً على مكتب صدئ بمؤسسة بائسة، لا تنتج شيئاً، وتعيش عالة على خزينة الدولة التى أتى الفساد والكسل على أغلب ما فيها. قلة من شباب المنيا تتمرد على الكسل وتقتل الانتظار وتحمل أمتعتها وتسافر إلى الشمال فى مغامرات لا تتوقف، أو تفرّ خارج القطر المصرى كله، بحثاً عن أرض براح ورزق وفير، وشعارها الدائم «فى السفر سبع فوائد».. يتفرقون فى بلاد الناس، وترحل بهم السنوات، لكن أحداً منهم ليس بوسعه أن ينسى وداعة المنيا، ولا أُلفتها، وصحبة ناسها الطيبين، وليس بإمكانه أن يطرد الحسرة التى تنشب أظافرها الحادة فى روحه، حين يتذكر آلاف الشباب الجالسين على المقاهى يحملقون فى الفراغ، ويطلقون أمام أفواههم هالات متلاحقة من سحب صغيرة سوداء. نقلاً عن جريدة " الوطن" .

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن المنيا التى أحبها عن المنيا التى أحبها



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon