توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحاجة إلى قائد

  مصر اليوم -

الحاجة إلى قائد

عمار علي حسن

القائد غير الرئيس، فالقادة قد لا يكونون فى كل الأحوال رؤساء، أى لديهم موقع رسمى وسلطة تحددها قوانين وتشريعات، ومن الممكن أن نجد شخصاً فى مجتمع معين متواجد خارج الهياكل الرسمية لكن دوره فى صناعة واتخاذ القرار كبير، أو له من الصيت والهيبة ما يجعل متخذ القرار يراعى موقفه ورأيه حتى ولو لم يرجع إليه مباشرة. وقد يحدد السياق أو تتحكم الظروف فى إنتاج القائد الذى يناسبها. ففى أيام الحروب والأزمات السياسية الحادة والطاحنة يولد الأبطال التاريخيون فى حياة الشعوب، وفى الأيام التى تعانى فيها المجتمعات من انقسام داخلى وفتنة أو وقوف على حافة الاحتراب الأهلى يولد الوسطاء والمفاوضون، الذين يطرحون الحلول الوسط، ويقربون بين الفرقاء المتصارعين، ويجذبونهم إلى منطقة للتلاقى، تمنع انفجار الوضع، وتعيد الاستقرار. والقيادة ضرورة لأى مؤسسة أو منظمة، صغرت أم كبرت، وهى متواجدة فى أى مجتمع، بدائى أم حديث، ولا يمكن أن تكون هناك قيادة بلا أتباع. لكن القيادة صعبة وليست غريزة عامة بين الناس، ولا يتصدى لها إلا من يقدر عليها. فالقائد عليه مسؤوليات والتزامات حيال الجماعة التى سيدته، أو المؤسسة التى رفعته، قد تمكنه من أن يعيش حياة طبيعية كالأفراد العاديين، وأن يتحمل النقد اللاذع لأقواله وأفعاله دون تبرم، وأن يعتبر هذا حقاً لأتباعه، إن كان قائدا ديمقراطيا، ولذا يفضل البعض عدم التصدى للعمل العام، خوفا من النقد أو المساءلة أو ارتباك العيش، والجور على الحياة الشخصية. وقد تكون القيادة حاجة نفسية عند بعض الشعوب، أو لدى شعوب فى بعض الظروف، حيث يتماهى الناس فى شخص الزعيم، يصدقونه ويتبعون خطاه. ويختلف نوع التماهى أو سببه أو تبريره من مجتمع إلى آخر، ففى المجتمعات الإقطاعية ينظر إلى القائد باعتباره «السيد المطاع»، وفى المجتمعات الحديثة يرونه إما واحدا منهم، ينتمى إلى خلفيتهم الاجتماعية ويؤمن بأشواقهم إلى العيش الكريم، ويحمل مطالبهم، ويسهر من أجل تحقيقها، أو أنه شخص ذكى بارع فى فعل كل ما يجلب لهم منفعة. والقائد هو شخص يحتل موقعاً بارزاً ويمارس دوراً محورياً بالنسبة لتابعيه، وله باع طويل من النفوذ بينهم والسيطرة عليهم. والقيادة هى ممارسة السلطة، والتأثير فى نطاق علاقة اجتماعية معينة، وتكون لفرد فى الجماعة أو أكثر، يحوزون القدر الأكبر فى تسيير الأنشطة، والتحكم فى المعلومات واتخاذ القرارات. وليس كل القادة لهم السمات والخصائص والأدوار ذاتها، بل يختلف الأمر ليس وفق قدرات القائد فحسب، بل أيضا السياق الذى يحكمه والتنظيم أو الجماعة التى يقودها. ومن هذه الزاوية ينقسم القادة إلى ثلاثة أصناف، أولها القائد البيروقراطى، وهو شخص يمارس مهامه عبر تسلسل هرمى أو سلطة «مكتبية» متدرجة، ويكون نفوذه على أتباعه مستمدا من القوانين واللوائح التى تحكم العلاقة معهم، وتعطيه سلطة العقاب والثواب. لكن هذا لا يمنع من أن يتمتع بعض القادة الإداريين بسمات شخصية، تجعل مكانتهم وهيبتهم غير مستمدة فى كل الأحوال من النفوذ الرسمى الممنوح ابتداءً لأصحاب المناصب العليا. والثانى هو القائد الديمقراطى، الذى يشرك من هم دونه فى صناعة القرارات، لاسيما تلك التى تؤثر تأثيرا بالغا على تواجد الجماعة ومصلحتها، ولا يقوم القائد بهذا مكرها إنما عن اقتناع بحق الآخرين فى تحديد المسارات وتقرير المصائر. وفى بعض الأحيان تكون البيئة المحيطة بالقائد تسلطية، وتكون القوانين مفصلة لصالحه أو تعطيه صلاحيات شبه مطلقة أو مطلقة، لكنه يفضل تجنب كل هذا، والعمل بروح الفريق، إيمانا منه بأن هذا هو الأسلوب الأفضل للوصول إلى القرار الرشيد. أما الثالث فهو القائد المتسلط، الذى يمتلك ويمارس سلطة مطلقة على أتباعه، فلا يشاورهم أو يرجع إليهم فى أمر أو قرار، وهم لا يملكون حياله إلا الطاعة التامة، وبعضهم قد يعتبرها واجباً لا فكاك منه. وأمثلة هذه القيادة يمكن أن نجدها فى نظم الحكم المستبدة، والجيوش، وبعض الشركات، والأسر الممتدة، والتنظيمات الاجتماعية الأولية، التى تعتمد على علاقات القرابة، بل إننا قد نجد أمثلة لهذه القيادة فى نظم ديمقراطية، يخرج فيها القائد على القانون، أو يهمل القواعد التى تهندس علاقته ببقية السلطات، أو بأعضاء الجهاز الإدارى للدولة أو مساعديه، ويتصرف وفق ما يراه هو، لكن القائد وقتها يكون محل نقد واستهجان، وقد تكلفه هذه المغامرة استمراره فى موقعه. وتتفاوت أساليب اختيار القادة السياسيين، فهناك من يصل إلى القيادة لأسباب وراثية مثل ما يجرى فى النظم الملكية والمجتمعات القبلية، وهناك من يحوزها لأسباب دينية، كحال الدالاى لاما فى الصين، لكن الأغلبية تصل إليها عبر طريق سياسى طويل، يحتاج إلى جهد وعرق وتفكير، كأن يترقى الشخص داخل حزب سياسى أو تنظيم اجتماعى، ويخوض منافسات شرسة من أجل هذا الترقى، حتى يصل إلى قمة الهرم، وينطبق الأمر نفسه على الحياة العسكرية، حيث يبدأ الضابط رحلته من رتبة صغرى، ويترقى تباعا، ويظفر فى النهاية بالقيادة، بعد أن يكون قد تغلب على كثيرين فى طريقه، بتصرفات مختلفة. وخلاصة هذا الطرح النظرى عبارة واحدة: لدينا رئيس، لكننا نفتقد إلى القائد، وهذا جزء كبير من أزمتنا، وسبب لتعثر ثورتنا حتى الآن. نقلاً عن جريدة " المصري اليوم " .

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاجة إلى قائد الحاجة إلى قائد



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon