توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مستشرق مولع بالتصوف (2 - 3)

  مصر اليوم -

مستشرق مولع بالتصوف 2  3

عمار علي حسن

ويعد كتاب المستشرق الإيطالى الكبير الدكتور جوزيبى سكاتولين «تأملات فى الحوار الدينى والتصوف: من أجل ثورة روحية متجددة» صرخة مدوية فى وجه كل من يريد أن يرسم الحدود بين الشرق والغرب بالدم، متكئا على تاريخ حافل بالغزوات والفتوحات والحروب والاستغلال وفائض القيمة والإرهاب، أو من يؤمن بالمقولة التى راجت بأن «الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا أبدا». فعلى النقيض من هذه المقولات العنصرية الجامدة، يسعى هذا الكتاب إلى فتح طريق وسيع وتعبيده أمام الحوار بين الأديان، ويبرهن على أن الحوار «البين دينى» هو الترياق الشافى من التيارات المادية المغالية التى تشيعها «العولمة التسويقية»، وكذلك من النزعات القبلية التى أصابت التصورات الدينية وغير الدينية، بما رمى البشرية إلى حال مزرٍ، تكاد فيه تفقد إنسانيتها وهويتها. وأعطى الكاتب قضية الحوار اهتماما بارزا وقلّبها على كافة دروبها ووجوهها «الأنطولوجية» و«الأنثروبولوجية» و«اللاهوتية» بعد أن عاد إلى الجذور البعيدة لمفهوم «الحوار» ذاته فى الثقافة الإنسانية، منطلقا من أن الإنسان «كائن حوارى بطبعه»، يتحاور مع ذاته ومع غيره من البشر ثم يعلو ليتحاور مع أساس الوجود نفسه، أى مع المطلق أو الذات الإلهية، وهذا هو غاية الحوار وهدفه الأقصى والأسمى. ويقدم سكاتولين الرؤية المسيحية للحوار التى تقوم على أن الكائن البشرى يشارك فى الحياة الإلهية، ثم يعرج على رؤية الأديان الأخرى والفلسفات الحياتية للخلاص البشرى (الإسلام الطاوية، البوذية الهندوسية)، ويقر بأن الله منح خلقه الكثير من هباته أو صفاته الإلهية، ومنحهم أيضاً محبته ورحمته المتسامية. وهذا التأسيس النظرى والفلسفى والصوفى واللاهوتى ينتهى بسكاتولين إلى القول بأن «الجماعات الدينية شأنها شأن الجماعات البشرية الأخرى لا يمكن أن تعيش بمعزل عما حولها، منغلقة فى عالمها الدينى الخاص»، وهذا يفتح فى نظره بابا وسيعا نحو الإيمان بوحدة «المصير الإنسانى»، إذ إن الأديان نفسها، لا تمنع من التواصل ليس فقط بين أتباعها لكن أيضاً بين مقولاتها هى ذاتها. فمع التنازع الذى صار ويصير بسبب الأديان وغيرها، فإن الواقع البشرى الملموس يثبت أن تاريخنا هو «تاريخ التلاقى الواقعى بين مختلف الشعوب والحضارات»، ومن هنا فالحوار قائم، عنوة أو طواعية، ويجب على الأديان التى «تلمس قلب الإنسان فى مستواه الأعمق» أن تبتعد بالحوار عن مساحات العنف والإكراه إلى رحابة السلام والمحبة. وتسمو قضية الحوار عند سكاتولين ليرى أن التاريخ الإنسانى، أو مغامرة البشر المستمرة، هى عبارة عن حوار بين الله والبشر، ليرى أن المنجز الذى يقدمه الناس فى الحياة الدنيا يجب ألا يقتصر على الأشياء المادية الظاهرة والملموسة، بل يجب أن يتجاوز هذا إلى المطلقات حتى يمكن فهم التاريخ فى المقاوم الأول على أنه تاريخ مسيرة الإنسان نحو كماله الذاتى، ومن هنا تصبح مسيرتنا الحياتية برمتها هى «تاريخ كونى للخلاص»، ولا ينقص منه أن التاريخ الدينى لنا لم يكن إيجابيا فى أغلب الأحيان، ولم يكن تلقيا صافيا ورائقا لأبجديات الحوار مع الله. وللحوار الدينى طرقه فى نظر سكاتولين، وكذلك أشكاله ومستوياته، المتدرجة من حوار على مستوى الحياة، ثم على مستوى الأعمال، فالفكر الدينى، وبعدها الخبرة الدينية. وهذا التدرج هو جزء من برهان ناصع يبين أن الحوار بين الأديان يمس قلب كل دين على حدة. ولا يكتفى الكاتب بهذا التجريد النظرى، بل ينحو إلى تقديم بعض الاقتراحات من أجل حوار جاد بين المسيحية والإسلام، فى مجالات ثلاثة، العقل وطريقه البحث العلمى، والفكر الدينى اللاهوتى، والخبرة الروحية الصوفية Mystic، التى تنقل الإنسان من البرهان والمنطق إلى خبرة وجودية مختلفة يتصل خلالها الإنسان بالسر الإلهى الأقدس، وهو الله. والمجال الثالث هذا يمهد لانتقال الباحث إلى دراسة ثانية فى ثنايا هذا الكتاب وسمها بـ«الروحانيات فى حوار أو حوار بين الروحانيات»، يعرض فيها التساؤلات التى تطرحها الأديان على الإنسان المعاصر، الذى يعانى من تحديات العولمة، حيث قيم السوق، والانحيازات الثقافية المفرطة، والتردى الأخلاقى والدينى، واستيقاظ النعرات القبلية الجديدة، من عرقية وثقافية ودينية. ولمواجهة هذه التحديات يضع سكاتولين أربعة متطلبات أساسية، يجب على كل دين أن يلبيها، وهى: العودة إلى الرسالة الأصلية، ومواجهة الحداثة المعاصرة، والحوار مع الأديان الأخرى، والالتزام الصارم بالعدالة فى عالم يميل إلى التظالم والتفاوت. ومن جديد يعود الكاتب إلى رحاب التصوف، ليجد فيها «الحل»، ويدعو إلى حوار مثمر بين كل التقاليد الروحية الصوفية من مختلف الأديان، لاسيما التصوف الإسلامى والمسيحى، من دون قيد ولا شرط، حتى ترسو «القرية العالمية» على شاطئ الأخوة والمحبة والسلام. (ونكمل غدا إن شاء الله تعالى) نقلاً عن جريدة "الوطن"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستشرق مولع بالتصوف 2  3 مستشرق مولع بالتصوف 2  3



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon