توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
الأحد 2 آذار / مارس 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

عن «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة»

  مصر اليوم -

عن «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة»

عريب الرنتاوي

بذريعة أنها «غريبة عن عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة»، يجري اقتراف كافة الموبقات بحق «المختلف» أو «المختلفين» في الرأي والمذهب والاعتقاد والسلوك... وخلف هذه العبارة المطاطة والمبهمة، تجري أبشع محاولات فرض أنماط ثقافية وحياتية متشددة، مشتقة من قراءات متشددة للدين غالباً، يجري التعامل معها، بوصفها جزءاً أصيلاً من «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة».

والحقيقة أنني لا أعرف ما الذي يقصده هؤلاء بحكاية العادات والتقاليد المتوارثة، وأين تقع «نقطة الانطلاق» عند توصيف هذه العادات والتقاليد وتصنيفها بين ما هو وافد وغريب وما هو متوارث وأصيل ... وهل يُراد لنا مثلاً أن «نثّبت ساعة الزمن والتأريخ» عند مائة أو خمسمائة أو ألف سنة خلت؟ ... وما الذي بقي من عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة من تلك الأزمنة الغابرة؟ ... ولماذا الانتقائية في اختيار ما هو «مناسب» من هذا الموروث، ورفض كل ما لا يناسبنا ولا ينسجم مع زمننا الراهن، وأية ازدواجية هذه التي تتحكم بالموروث وتصنيفاته، ومن الذي يقرر الصالح والطالح من هذا الموروث؟

في الأخبار، أن حركة حماس منعت أية مظاهر احتفالية برأس السنة الجديدة في قطاع غزة، أما «الذريعة» المستخدمة، فتتلخص في حكاية «عاداتنا وتقاليدنا»، والتي يراد بها إخفاء الدوافع الحقيقية «الإيديولوجية» للقرار، الصادرة عن قراءة سلفية متشددة للدين، و»المُتطلية» بحكاية الموروث والأخلاق والعادات والتقاليد.

وفي الأخبار، أن ثمة ما يشبه «الحملة المكارثية» ضد الأردنية نداء شرارة، الفنانة المحجبة، التي تفوقت في برنامج «الصوت»، والسبب يتصل بحجابها من جهة وبأصلها ومنبتها من جهة ثانية ... والذريعة التي تنطلي خلفها الحملة، تستند إلى «العادات والتقاليد المتوارثة»، مع أننا لم نر شيئاً مماثلاً في مناسبات سابقة، لكأنه مسموح لغير المحجبة أن تشارك في برامج كهذه، ومحظور على المحجبة، أن تتقدم في عالم الغناء، بل أن هذا العالم برمته محظور علينا بحكم هذه المقاربات المتطرفة، مع أن فنوناً كالموسيقى والرقص والغناء، شهدت انتعاشاً وازدهاراً في عصور السلاطين والخلفاء، ولم يخل قصر من قصور هؤلاء من الراقصات والعازفات والمغنيات والجواري والقيان، والتاريخ حافل بمئات القصص الدالة على ذلك.... أليس ذلك كله، جزءاً من موروثنا وعاداتنا وتقاليدنا؟

ما الذي نفعله هذه الأيام، ويبدو منسجماً مع ما كان آباؤنا وأجدادنا يفعلونه قبل مائة أو مائتي عام ... وهل يمكن لهذا الموروث أن يحافظ على وجوده مع ثورة الصناعة والاتصالات والمواصلات، أليست السلع ثقافة وأنماط حياة، تؤسس لعادات وتقاليد غير متطابقة مع موروثنا وعاداتنا ...

هل نحتفل هذه الأيام بعيد الفطر والأضحى، كما احتفى بهما أباؤنا وأجدادنا، خصوصاً في زمن «شظف العيش» المديد والمرير في أواخر عهد السلطنة العثمانية، أو في زمن البداوة المترحلة ... لما لا تصدر الفتاوى بتحريم «الكعك بالجوز والقشطة» والاكتفاء بمشتقات التمور كما خبرها الأقدمون؟

الطريف أن «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة» لا تُستحضر إلا في حالات محددة ... منها حين نحتفي بالأعياد غير الإسلامية، والتي باتت تكتسب صفة إنسانية عالمية رمزية، وتتحول إلى مناسبة للفرح والابتهاج، لكأن أصحاب بعض المدارس العقائدية، ، لا يريدون أن يروا العالم إلا من خرم إبرتهم»، وهم بعد أن كفّروا العالم بأديانه وحضاراته وثقافته جميعها، يكفّرون ثلاثة أرباع المسلمين المختلفين في المذهب أو الاجتهاد أو القراءة، هؤلاء يجدون أحسن الذرائع في حكاية «العادات والتقاليد».

ومن هذه الحالات أيضاً، أن «القوم» يجتاحهم قلق عميق من مظاهر الفرح والبهجة، ويريدون حظرها بالقوة إن أمكن لهم، وعلى الجميع ... يغلقون الشواطئ ويمنعون الاحتفالات الوطنية والإنسانية، ويعتمدون سياسة «ترهيب» الناس بدل «ترغيبهم» بالدين الحنيف ... هؤلاء صبغت «الرايات السوداء» حياتهم وعقولهم وأرواحهم، فامتنع عليهم، رؤية ألوان قوس قزح... يطاردون رياض الأطفال لمنع الاختلاط فيها، ولا يفوتون مهرجاناً فنياً أو ثقافياً إلا وكفروا القائمين عليه، ولو أتيح لهم، لشكلوا كتائب مسلحة من «الشرطة الدينية» وألوية من «العضاضات» اللواتي يتجولن في شوارع الرقة والموصل، لرصد كل مخالفة للعادات والتقاليد المتوارثة في لباس النساء، ثم لا يتورعن عن توجيه أشد «العضّات» للمرأة المخالفة.

العادات والتقاليد، مثلها مثل الكائن الحيّ، تخلق وتشب وتشيب وتموت وتندثر، لتأتي بعدها أنساق ثقافية واجتماعية وتربوية جديدة، مواكبة لروح العصر،ونحن منخرطون في هذه الصيرورة التاريخية، شئنا أم أبينا ... ومن يريد أن يرجع بنا ألف عام أو أكثر إلى الوراء، عليه أن يبادر هو ذاته، بتقمص عادات وتقاليد تلك العصور، لنرى ما إن كان قد جعل من نفسه أضحوكة أم لا.

ثم من قال أن «عاداتنا وتقاليدنا» القديمة أفضل من عاداتنا وتقاليدنا الحديثة، ومن أعطى الأجيال التي سبقتها صلاحية تقرير أنماط حياتنا، ومن قال أنهم الأكفأ والأصوب والأقدر على تقرير ما هو غث وما هو سمين، من أجيالنا التي قدر لها أن تتعلم وتتثاقف وتوسع مداركها؟ ... ولما ننظر لأنفسنا بأننا «دون» من سبقونا، وليس من حقنا أن نضيف ونبتكر ونلغي ونعدّل ما جاء به الأقدمون؟ ... ولماذا نفترض أن ما نفعله اليوم، يتحتم على الأجيال من بعدنا، أن تتقيد به بوصفه جزءاً من «عاداتها وتقاليدها المتوارثة عنا»؟ ... جدل «العادات والتقاليد المتوراثة»، جدل بيزنطي، يُستخدم للتورية والتمويه على مواقف اجتماعية محافظة ومتخلفة، أو قراءات متشددة للدين مثقلة بأجندات سياسية وحزبية وسلطوية، لا أكثر ولا أقل.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة» عن «عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon