توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
الاثنين 3 آذار / مارس 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

طــوفــان الهجــرة من «بلد المنبع» إلى «بلدان المصب»

  مصر اليوم -

طــوفــان الهجــرة من «بلد المنبع» إلى «بلدان المصب»

عريب الرنتاوي

يبدو أن أوروبا قد أخذت على حين غرة بموجات اللاجئين التي تتدفق إليها من شرقها وغربها وجنوبها... فبعد اتخاذ سلسلة من الخطوات لسد “القناة الإيطالية” للهجرة، بلغت حد “إعلان الحرب” على المهربين والسماسرة وتجار الرقيق البشري الأبيض بزوارقهم وموانئهم وطرق إمدادهم ورعاتهم، فإذا بدول غرب البلقان، تتحول إلى “سرداب” كبير، يتدفق منه اللاجئون القادمون بعشرات الألوف من تركيا وغيرها من دول المتوسط.

وأحسب أن مصدر “دهشة” الأوروبيين أنما تكمن في الإصرار غير المحدود، الذي يبديه اللاجئون على الاستمرار في المحاولة للوصول إلى “دول المصب”، بعد أن ضاقت بهم السبل وتقطعت، في “دول المنبع”، دولهم الأصلية، وما ينطوي عليه هذا الإصرار، من استعداد للتضحية والمجازفة، فاللاجئ الذي يصعد مركباً “آيلاً للغرق” أو يمتطي “براد” شاحنة نقل الأطعمة، يدرك تمام الإدراك، أن فرصه في النجاة والوصول إلى بر الأمان، محدودة للغاية، بل ومحفوفة بخطر فقدان حياته أو حياة زوجته أو أي من أبنائه، لكنه مع ذلك، لا يتردد ولا “يقف ليفكر” قليلاً، ولنا أن نتخيل طبيعة المخاوف التي تعتمل في داخله، من العودة إلى الديار والتي لا توازيها سوى الآمال المعلقة على رحلة البحث عن مأوى جديد.

 لقد تحول البحر المتوسط إلى مقبرة جماعية لألوف الجثث والأشلاء، لسوريين وعرب وأفارقة، قرروا امتطاء صهوة الموت بعيداً عن ساحات الحروب والقتل المجاني على الهوية والاختطاف والاغتصاب، دع عنك الجوع والعوز وقلة الحيلة وذات اليد، كما تحولت الحدود البرية المسيجة بالأسلاك الشائكة والجنود المدججين بقنابلهم الدخانية وكلابهم وخراطيم المياه الملوثة والملونة، في دول أوروبية عديدة، إلى ساحات للموت البطيء والذل والإذلال، تُمتهن فيها الكرامة الإنسانية، وتفقد الطفولة براءتها، وسنحتاج لسنوات إضافية حتى نتعرف على قصص هؤلاء والمعاناة التي كابدوها للوصول إلى تلك المناطق النائية، وأغلبهم لا يعرفون لغات تلك البلاد، وقد خرجوا من بلادهم أصلاً، صفر اليدين.

 ثمة مواقف لا أخلاقية، تجتاح الخطاب الأوروبي هذه الأيام، والأمر لم يعد مقتصراً على تيارات اليمين المعادية للهجرة والأجانب، بل بات يشتمل على دول وحكومات ومنظمات أوروبية ... مواقف تنطوي على قدر من العنصرية والأنانية وازدواجية المعايير ... فلطالما أمطرنا هؤلاء بمواعظهم حول حقوق الإنسان، حقوق النساء والأطفال في زمن الحروب، حقوق المهاجرين قسرياً عن بلادهم وأوطانهم، حتى أننا في الأردن، ونحن البلد الصغير، الذي تجد فيه شقيقاً سورياً من بين كل خمسة مارة في الطريق، لم ننج من سهام اتهاماتهم ومواعظهم، هم الذي سقطوا في أول اختبار، فضاقوا ذرعاً بالإنسان المهاجر وحقوقه، فأخذوا يتوعدونه بالإبعاد، والفحص في هويته الدينية، فمن جاء دينه أو مذهبه على هوى الدولة المضيفة سمح له بالدخول، ومن تعارض يظل وافقاً عند الاسلاك الشائكة أو في معسكرات الاعتقال الجماعية. 

مدينة المفرق الصغيرة، على كتف البادية الأردنية، تستضيف من اللاجئين أكثر مما استضافت حفنة من الدول الأوروبية الكبرى، وفيها يزيد عدد الوافدين عن عدد السكان الأصليين، ومع ذلك لا نرى مظاهر للعنصرية ولا نسمع أصواتاً تطالب بالإبعاد، ولا نشاهد من يدعو لإجراء فحص “دي أن إيه” مذهبي للقادمين من الجارة الشمالية ... صحيح أن هناك بعض مظاهر التذمر والضيق بسبب نقص الموارد والثمرات، لكن الصحيح أيضاً أنها لم ترق بعد خمس سنوات عجاف في عمر الأزمة السورية، إلى مثل ما نرى ونسمع ونقرأ من مواقف في أوروبا.

 أوروبا اليوم، تدفع ثمن تلكؤها في التعامل مع الأزمة السورية وأزمات المنطقة، تدفع ثمن انقيادها للولايات المتحدة، التي تبعد أكثر من عشرة آلاف كيلومتر من سوريا... أوروبا تدفع اليوم، تدفع ثمن اعتقادها الخاطئ، بأنها تستطيع أن تظل بمنأى عن موجات الهجرة، إن هي وفرت تمويلاً محدوداً لعمليات استيعاب اللاجئين في الدول المحيطة بسوريا، خصوصاً الفقيرة منها والمحتاجة للمساعدات، كالأردن ولبنان ... أوروبا تدفع اليوم، ثمن “المواقف الرعناء” لبعض عواصمها الكبرى: لندن وباريس من الأزمة السورية، وقبول بقية العواصم بدور “الدوبلير” أو في أحسن الأحوال، دور”البطل الثاني” الذي يظهر عند غياب البطل الأول، أو يكتفي بتقديم العون والمساعدة، ولا يطالب بشراكة سياسية نشطة، كفيلة بوضع حدٍ لأزمات المنطقة وحروبها، وفي مقدمتها سوريا بالذات.

 أوروبا تدفع اليوم، ثمن “صداقاتها” المكلفة في المنطقة، والتي حالت دون قيامها بدور ضاغط، لفتح حدود دول عربية ثرية، واسعة ومترامية الأطراف، لاستيعاب مزيد من لاجئي الأردن ولبنان، لتمكين جميع اللاجئين والنازحين السوريين في سوريا من العيش بكرامة في بلدهم أو على حدودها أو في الدول الثرية، لكن النفاق الأوروبي والمعايير المزدوجة، ألجمت عواصمها وعقدت ألسنتها، وأبقت أعينها متسمرة حول ما يحدث في الزعتري وجواره.

 لن تنج أوروبا من موجات اللاجئين “الانتحاريين” الذي قرروا ركوب المصاعب وامتطاء البحر واستخدام كل وسيلة للوصول إلى مدنها وعواصمها، ولن تنج أوروبا من موجات الإرهاب الذي استوطن هذه المنطقة، وبات نقطة جذب واستقطاب لألوف الإرهابيين، وبدعم وتمويل وتسهيل من حلفاء أوروبا وأصدقائها... وسيظل الحال على هذا المنوال، إلى أن يقرر المجتمع الدولي، الأوروبي بخاصة، بأن أوان الحل السياسي للازمة السورية، قد أزف، وأنه لا بد من تدوير الزوايا الحادة في مواقف حلفاء أوروبا داعمي “المجاهدين” في سوريا، بأي وسيلة ومهما استتبع ذلك من نتائج وتداعيات. 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طــوفــان الهجــرة من «بلد المنبع» إلى «بلدان المصب» طــوفــان الهجــرة من «بلد المنبع» إلى «بلدان المصب»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon