توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثالثة الأثافي

  مصر اليوم -

ثالثة الأثافي

عريب الرنتاوي

يبدو أن البعض منّا يستكثر على غيره أمر الحديث في شؤون الدين أو الدعوة لتجديد الخطاب وفتح باب الاجتهاد، فهو يعتبر أن هذه المهمة، هي من اختصاصه وحده، بل وحكر عليه أو من هم من مدرسته، دون غيرهم من سائر خلق الله ... لقد استمرأ هؤلاء النطق باسم السماء، لذا نراهم يستهجنون أية محاولة من أهل الأرض للتطاول على اختصاصهم.

مع أن أمر الدين، هو شأن كل من يدين أو حتى لا يدين به، طالما أنه المكون الرئيس لتراثنا وثقافتنا وحضارتنا، وطالما أنه النظام العام للعلاقات بين أفراد المجتمع، وطالما أن الدستور حدد في مادته الثانية، أن «الإسلام دين الدولة»، ما يعني أن المسألة تهمنا جميعاً، بمن في ذلك غير المسلمين منّا.

ويخيل للبعض أن تدثره بملبس معين أو بمظهر خاص، (يعتقد أنه وحده المنسجم مع قواعد الإسلام) وتزوده ببعض المعارف المتفاوتة في درجة عمقها وتوسعها، هي المؤهلات التي تعطيه وحده «الوكالة الحصرية» للنطق باسم رسالة السماء، أو اقتراح تجديد الخطاب الديني وتحديثه ... حتى أنه ربما ذهب به الشطط، إلى حد الخلط بين تجديد الخطاب الديني وتجديد خطاب الحركات الإسلامية، مفترضاً بأنها وحدها من يحتكر صفة تمثيل المسلمين والنطق باسم الإسلام ... إقامة مثل هذا التماثل بين الخطاب الديني وخطاب الحركات، لا ينطوي على خطأ بيّن فحسب، بل وينطوي على قدر هائل من الغطرسة والتسلط ومصادرة الرأي الآخر وعرقلة أية محاولة للفهم.

إصباغ القداسة على الموروث الديني، منحى كارثي في تفكيرنا، دفعنا ثمنه باهظاً كشعوب ومجتمعات، وأجيال متعاقبة من أبناء وبنات هذه الأمة.... مع أن أكثر من تسعين بالمائة من هذا الموروث، هو من صنع البشر الخطائين، حتى أن بعض الفقهاء و»الراسخون في العلم» يقولون إن نسبة «المقدس» في النص المتوارث لا تتجاوز الواحد بالمائة، لا أكثر، في حين أن ركام المؤلفات والنصوص والفتاوى، هو من صنع البشر، ويقبل التفسير والنقد والتأويل والتفنيد، مثلما هو مصدر إلهام وينبوع معرفة متجدد كذلك... للمسألة وجهان، بعضنا لا يريد أن يرى سوى وجه واحد.

والمسلمون بعد العهد الراشدي عاشوا في ظل امبراطوريات وراثية، استبد فيها الحكام وتوارثوا الحكم واحتكموا للسيوف فيما بينهم، وعاشوا حياة السلاطين والأباطرة، طوّعوا العلماء واشتروا الذمم، وخلقوا أجيالاً متعاقبة من «فقهاء السلاطين»، الذين طالما لعبوا دورهم كـ «ذراع إيديولوجي» للسلطة القائمة ... هل ندرج هؤلاء في عداد مرجعياتنا ومصادرنا، ونحن الذين لا نكف صبح مساء عن الدعوة للإصلاح والتغيير، ونحمل على كل عالم أو فقيه اقترب من البلاط أو السلطان، حتى أن مؤسسات تاريخية كبرى، لم تسلم من ألسنة هؤلاء كالأزهر الشريف على سبيل المثال.

والحكاية ليست في جوهرها مقتصرة على من يدعو للتجديد والتحديث، وما إذا كان من المدرسة الإسلاموية أم لا؟ ... الحكاية ببساطة، أن بعض أصحاب «الحق الحصري» في النطق باسم الإسلام، كانوا سيُخرِجون أي مطالب بالإصلاح وتجديد الخطاب من المّلة، حتى وإن كان «معمماً» أو «متبحراً في علوم الفقه والشريعة والدين» ... هؤلاء يدافعون عن «الجمود العقائدي»، ويتناولون بسهامهم كل من دعا أو سيدعو للخروج من شرنقة «أفكارهم وتصوراتهم» للدين والعالم والحياة والدولة والمجتمع.

يا سادة يا كرام، أنتم من ترددون بأن الإسلام أنزل للناس كافة، ومن حق كافة الناس، أن تتحدث في أمور الدين، وأن تدعو للتحديث والتجديد ... وأن تبحث عمّا يجلب النفع للأمة ويدرأ الضرر عنها... سيما في هذه المرحلة بالذات، حيث تنتشر، وأحيان تسود، قراءات شاذة للإسلام، تجعل من «داعش» خلافة، ومن زعيمها «أميراً للمؤمنين» ... قراءات تعيد نساءنا إلى زمن الجواري و»المحظيات»، بل وتسومهن سوء العذاب في أسواق النخاسة والرقيق.

يا سادة يا كرام، إن لم تقوموا بأدواركم التي ننتظرها منكم، فلا تعيبوا على من يطرح السؤال، مبادرته، فمن غير اللائق وليس من الإسلام في شيء، أن تكون وظيفة الناطقين باسمه، أو مدّعي النطق باسمه، حتى لا نقول «مختطفيه»، هي التصدي بالتنديد والإدانة للباحثين عن إجابات معاصرة لأسئلة العصر، بعد أن تعذر الحصول عليها من بطون الكتب القديمة.

وليت أن هؤلاء تصدوا للتفريق بين «المقدس» و»البشري» في النصوص والتراث ... ليتهم أرشدونا إلى ما يجوز لنا أن نخوض فيها وما يمتنع علينا تناوله، لقلنا إنهم اجتهدوا، ولكل مجتهد نصيب... أما أن يكتفي القوم، بإطلاق النار بغزارة على من يسأل ويحاول، لا لشيء إلا لأنه لا يشبههم، فتلكم والله، ثالثة الأثافي.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثالثة الأثافي ثالثة الأثافي



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon