توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تركيا والأكراد... تجربة في تصدير الفشل

  مصر اليوم -

تركيا والأكراد تجربة في تصدير الفشل

عريب الرنتاوي

خلال «عشرية الازدهار» الأولى لحكم «العدالة والتنمية» بدا أن تركيا تتجه لمعالجات مختلفة لـ «المسألة الكردية»، فتحت قنوات الحوار المباشر بين الحكومة والسجين الأشهر في جزيرة «إيمرلي»، عبد الله أوجلان، وجرى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، انسحبت بموجبه قوات الـ «PKK» إلى جبال قنديل، وتم الاعتراف للأكراد بحقهم في استخدام لغتهم الأصلية والتداول بها، توطئة لحل نهائي لهذه المسألة، التي أودت بحياة عشرات ألوف الكرد والترك، من مدنيين وعسكريين، وألحقت خسائر جسيمة باقتصاد البلاد، وظلت تلقي بظلالها الكئيبة والكثيفة على مسار التحول الديمقراطي في تركيا. جاء ذلك متزامناً، مع طفرة اقتصادية وصفت بـ»المعجزة»، وتقدم في مسار تخفيف قبضة «العسكر» على الحياة السياسية والمدنية في البلاد، وانفتاح غير مسبوق في السياسة الخارجية، جرى تحت مظلة النظرية الأشهر: «صفر مشاكل»، وإلى الحد الذي بدا معه، أن «القوة الناعمة» و»قوة النموذج»، قد نجحا في تحويل تركيا إلى محج لمن يبحث عن الكيفية التي عالج بها الحزب الحاكم، ثنائيات العلاقة بين «الدين والدولة» و»الإسلام والعلمانية» و»الإسلام والديمقراطية». لكن مياهاً غزيرة جرت في أنهار تركيا وتحت جسورها، مع اندلاع ثورات الربيع العربي، عندما تفجرت الأحلام السلطانية المكبوتة، بتوسيع دور تركيا القيادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من بوابة التحالف مع الحركات الإسلامية على اختلافها، وبخاصة الإخوان المسلمين، وعندما تفشت «المذهبية» في خطاب الحكومة والدولة، وعندما انقلبت «القوة الناعمة» إلى «قوة خشنة»، تتدخل في نزاعات المنطقة وشؤونها الداخلية، بطريقة استفزازية، تدعو لإسقاط هذا النظام وتجرم ذاك، بل ولا تتورع عن دعم جماعات إرهابية متطرفة، وفي مقدمتها «داعش» بالمال وتجارة النفط والآثار وسرقة المصانع السورية، وغيره كثير من المجاميع والجماعات الأصولية المتشددة في شمال سوريا... وبصورة ستنقلب معها نظرية «صفر مشاكل» إلى نقيضها، وتصبح مادة للتندر والفكاهة: «صفر أصدقاء». ولأن السياسة الخارجية هي امتداد للسياسة الداخلية، لأنها تصدر عن «الفئة الحاكمة ذاتها»، فقد كان طبيعياً أن «يًترجم» الفشل في حقل السياسة الخارجية، إلى فشل مماثل في السياسة الداخلية، حيث بدأت تركيا تستقبل تداعيات «عدم الاستقرار» في المنطقة، وتحديداً في سوريا، وأخذ الخطاب المذهبي الذي أُريد به، حشد التأييد للحزب الحاكم في الخارج، يتحول إلى معول لتهديم النسيج الاجتماعي في الداخل، وبما سيفضي إلى نشؤ «مسألة علوية» إلى جانب «المسألة الكردية»، التي ارتدّت إلى «المربع الأول»، مربع الحرب و»الحسم العسكري» والمعارك المفتوحة في جنوب شرق البلاد. وبدل أن تسهم تركيا في تصدير تجربة «النجاح النسبي» في التعامل مع أكراد تركيا في «عقد الازدهار»، رأينا أنقرة تتحرك بقوة وفاعلية، لتصدير تجربة «الفشل المؤكد» في التعامل مع هذه المسألة الكردية، كما تجلى في السنة الأخيرة على وجه الخصوص ... هنا، وهنا بالذات، يأتي «التشدد» التركي، البالغ حد التعنت والتلويح بالحرب، في التعامل مع «المسألة الكردية في سوريا»... تركيا لم تدرج أكرادها، أو قواهم الرئيسة على لائحة الإرهاب فحسب، بل وسعت دائرة الحظر و»الشيطنة» لتشمل أكراد سوريا، أو قواهم الرئيسة على أقل تقدير. تركيا لم تكتف بموقف المتفرج على «مذبحة كوباني» فحسب، بل عملت ما بوسعها لإطالة أمد إقامة «داعش» في «عين العرب»، ووضعت العراقيل أمام الدعم الخارجي لأكراد سوريا، ولاحقاً رسمت خطوط حمراء أمام تقدم وحدات الحماية الشعبية و»قوات سوريا الديمقراطية» غرب الفرات، وهي لم تترك وسيلة دون أن تلجأ إليها لفرض جيب أمني يربط ما بين بلدتي اعزاز وجرابلس شمال سوريا، لمنع خلق «جيب كردي» متواصل في شمال سوريا. وحين لاحت الفرصة، للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، مع بدء التحضير الجدي لمسار «جنيف 3»، في أعقاب مؤتمر فيينا ونيويورك وقرار مجلس الأمن 2254، توعدت تركيا بمقاطعة المؤتمر إن دُعيَ الأكراد إليه، بل وأوعزت لحلفائها من بين المعارضات السورية، لإبداء تشدد واضح إن لجهة هوية وفد المعارضة إلى جنيف، أو لجهة جدول أعمال المؤتمر وهوية المشاركين فيه من خارج «مؤتمر الرياض» ... مرة أخرى، تُظهر السياسة التركية في سوريا، انقلاب المشهد رأساً على عقب، حين ترجح أنقرة كفّة «القوة الخشنة» على «القوة الناعمة»، وتتحول من نموذج «جاذب» لحل المشكلات في السياستين الداخلية والخارجية، إلى «نموذج طارد» وجزء من هذه المشكلات، لا من الحلول المرجوّة لها ... مرة أخرى، تقدم تركيا على تصدير «تجربة الفشل» في معالجة مشكلاتها الداخلية، بعد أن كانت موضع دراسة وتأمل لقصص النجاح في التعامل مع هذه المشكلات، ودائماً بفعل أطماع الإسلام السياسي الحاكم وتطلعاته «الفوق قومية» في الخارج، وإصراره على نهج «التمكين» في الداخل. لكن ما لا تريد أنقرة أن تعترف به، وبمسؤوليتها عنه، أن السنوات الخمس التي أعقبت «عشرية الازدهار»، تكاد تأتي على منجزات «عقد المعجزة»، فوضع أنقرة على الساحة لا يختلف عن وضعية أية دولة «راعية للإرهاب»، وهي تتلقى النقد على ما تقوم (وما لا تقوم) من سياسات وإجراءات من حلفائها قبل خصومها، وأكثر منهم... وسجلها الداخلي في مجال الحريات وحقوق الإنسان في تراجع مضطرد، ويكفي أنها الدولة التي حازت على لقب «أكبر سجن للصحفيين في العالم» ... تركيا اليوم، باتت مادة للتكهنات والتنبؤات المتشائمة، سواء تلك المتعلقة بوحدتها وتماسك نسيجها الاجتماعي، أو بمستقبل مسارها الديمقراطي، أو حتى بـ «معجزتها الاقتصادية»، دع عنك تهديد الإرهاب، الذي لن يخرج أنقرة من دائرة استهدافاته، على الرغم من الخدمات الجليلة التي تلقاها عبر حدود تركيا الطويلة مع سوريا، طوال سنوات خمس عجاف

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا والأكراد تجربة في تصدير الفشل تركيا والأكراد تجربة في تصدير الفشل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon