توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«سورنة» لبنان

  مصر اليوم -

«سورنة» لبنان

عريب الرنتاوي

طبول الحرب في سوريا وعليها، ظلت تُقرع في لبنان طوال سنوات خمس عجاف ... لكن لبنان نجح في تفادي الانزلاق في المستنقع السوري، برغم انقسام اللبنانيين الحاد بين داعم للنظام السوري ومؤيد للمعارضة ... وساعده على ذلك عاملان رئيسان: الأول، اتفاق مُضمر بين اللبنانيين بعدم الاقتتال على الأرض اللبنانية، والانتقال بدلاً عن ذلك، لمواجهة بعضهم البعض في سوريا ... التيار المناهض للنظام السوري، بدأ مبكراً بتهريب السلاح والمال و”السلفيين الجهاديين” إلى فصائل سورية معارضة ... والتيار الداعم للنظام، جاهر بانخراطه النشط في المعارك والجبهات الممتدة من درعا حتى حلب، ومن دمشق إلى القلمون.

أما العامل الثاني الذي مكّن اللبنانيين من تفادي الأسوأ، والمقامرة بـ “عودة الحرب الأهلية” فقد تمثل أساساً في وجود “شبكة أمان إقليمية – دولية” للبنان، تمنع انزلاقه إلى أتون الحرب السورية، حيث بدا أن ثمة توافقاً إقليمياً، مدعوم دولياً، على تجنيب لبنان خطر “الانفجار الكبير” ... وجرى ضمنياً القبول بالمعادلة التي توصل إليها اللبنانيون: كل فريق يدعم نظرائه على الساحة السورية، ولكل فريق الحق في التعبير عن انحيازاته الإقليمية في الصراع المحتدم بين محوري طهران والرياض.

ولاستكمال شروط “عدم السقوط في قعر الهاوية السورية”، بدا أن توافقاً قد تحقق على “تحييد” لبنان والنأي به عن هذه المحاور، وتردد شعار “النأي بالنفس” على كل لسان، وهو شعار ينطبق فقط على المواقف الرسمية، التي تصدر عن الحكومة والدولة اللبنانيتين، ولا يحجب حق كل فريق في التعبير عن مواقفه الداعمة لحلفائه الإقليميين ... وترتب على هذه المعادلة، ظهور مبادرات تقترح تدعيم الجيش وأجهزة الأمن اللبنانية، باعتبارها فوق الانقسامات المذهبية والطائفية المحلية، ورمز قوة الدولة ومنعتها، ووسيلة لتعزيز حضورها ومنع “التغوّل” عليها... وفي هذا السياق جاءت المبادرات السعودية لتسليح الجيش ومنحة الثلاثة مليارات دولار ومنحة المليار الأخيرة، التي سيثبت فيما بعد، أن القليل منها، قد جرى صرفه فعلاً.

القرار السعودي بتعليق منحة تسليح الجيش، والضغط الخليجي المتكرر على الحكومة اللبنانية لإعلان انحيازها لمحور تقوده المملكة على الساحة الإقليمية، والتلويح بسيف العقوبات الجماعية ضد مؤسسات الدولة وجهازها المصرفي والعاملين اللبنانيين في الخليج، أثار انقساماً حاداً في لبنان، وخلق “هزة سياسية” لا يبدو أن ارتداداتها ستتوقف قريباً.

اللبنانيون، وعلى طريقتهم المعروفة، حاولوا امتصاص موجة الغضب والضغط السعودية ... خرجوا ببيان حكومي أقرب للاعتذار، لم تقبل به الرياض، وشرع الفريق المؤيد لها في جمع عرائض الامتنان المليونية، وصدر سيل من التصريحات المؤيدة والمثمنة والشاكرة للمملكة، ولكن من دون جدوى ... الرياض قررت على ما يبدو تعميم “معادلة من ليس معنا فهو ضدنا” على لبنان، والأنباء تتحدث عن بدء عمليات تسفير اللبنانيين من الخليج، وتوسيع قائمة المشمولين باللائحة السعودية السوداء للإرهاب والإرهابيين، والدبلوماسية السعودية تتحرك لاستصدار قرار عربي، عن جامعة الدول العربية، باعتبار حزب الله منظمة إرهابية، مع كل ما يترتب على لبنانياً.

معنى ذلك، أن شبكة الأمان الإقليمية التي توفرت للبنان قد باتت “مثقوبة”، فالإصرار على كسب تأييد لبنان الرسمي وانحيازه لمحور، سيبدو مهمة مستحيلة في ظل توازن القوى الحساس في البلد الموزع على الطوائف والمذاهب والمحاور ... و”شيطنة” حزب الله، إلى حد استصدار قرار عربي باعتباره إرهابياً، يعني إخراجه من الحكومة والبرلمان، والشروع في حرب لاستئصاله، وهذه مهمة عصية على حلفاء الرياض في لبنان، وقد استعصت من قبل على إسرائيل في حرب تموز 2006.

والحقيقة أن الإجراءات التي اتخذت مؤخراً بحق لبنان، تبدو شديدة التناقض ، فإذا كان المقصود بها إضعاف حزب الله، فإن نتائجها الفعلية، تمس قدرات الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية، والاقتصاد الوطني اللبناني ... حزب الله سيكون أقل المتضررين من هذه الإجراءات التي تضعف الدولة وتصيب أساسا حلفاء الرياض ... وإذا ما شرعت دول خليجية في إبعاد العاملين اللبنانيين عن أراضيها، فإن مشاعر النقمة لن تصيب الحزب بالقدر الذي ستصيب هذه الدول ذاتها.

وباستثناء عدد قليل من الدولة الخليجية التي تنتصر للمملكة “ظالمة أو مظلومة”، فلم تحظ الإجراءات العقابية السعودية ضد لبنان بأي تأييد دولي أو إقليمي، حتى فرنسا والولايات المتحدة، عبرتا عن “القلق” من إضعاف الجيش اللبناني، وتعهدتا الاستمرار بتقديم المساعدات له، فيما وجدت إيران في الموقف السعودي، فرصتها لمد يد العون، وربما عملاً بنظرية “ملء الفراغ”، وهو أمر ستترتب عليه، تداعيات هامة، إن وجد الجيش اللبناني نفسه مضطراً لقبول “السلاح والعتاد” من إيران.

إن استمرت الضغوط و”العقوبات “على لبنان واللبنانيين لإجباره على الالتحاق بمحور في مواجهة آخر، وإن جرى فعلاً تسفير أعداد كبيرة من اللبنانيين من دول الخليج، فإن لبنان سيكون مقبلاً على “انفجار كبير”، سيما إن تعذر بقاء حكومة تمام سلام، وانتشر “الفراغ” من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة والبرلمان المُمدد له والمعطل.

لبنان لا يؤخذ كله إلى محور دون آخر، والنأي بالنفس هو الترجمة الفعلية لهذه الحقيقة، وعلى اللاعبين الكبار في الإقليم أن يكتفوا بـ “حصتهم” من اللبنانيين، إذا هم أرادوا للبنان ألا يستعيد فصول الحرب الأهلية الدامية، وبخلاف ذلك، فإنهم يغامرون بتفجير لبنان وإحراقه، أو بالأحرى “سورنته”.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سورنة» لبنان «سورنة» لبنان



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon