توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ثورة دينية»

  مصر اليوم -

«ثورة دينية»

عريب الرنتاوي


بصرف النظر عن الدوافع التي حدت بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإطلاق نداء عاجل لـ “ثورة دينية”، إلا انها جاءت في توقيتها، حتى لا نقول جاءت متأخرة، ويتعين على الجهات المُخَاطَبَةِ بها: الأزهر ودار الإفتاء وعلماء الدين ورجالاته، أن يشرعوا من دون إبطاء في إطلاق ورشة “الإصلاح الديني” مستفيدين من المظلة التي يوفرها المستوى السياسي، لمقاومة مظاهر الابتزاز والتخويف والإرهاب.
وفي ظني أنه يتعين على بقية القادة العرب، أن يتخلوا عن منطق “مراعاة” أصحاب الأصوات العالية والمتشددة والخضوع لابتزازهم، بل ومزاحمتهم على ما يعتقدونه “شرعية دينية”، وأن يذهبوا مذهب السيسي، فالحال لم تعد يحتمل مزيداً من فوضى الإفتاء وفلتان الاجتهاد وسيادة أكثر القراءات تطرفاً وتخلفاً للإسلام وتعالميه ... وهي قراءات باتت سائدة في معظم أرجاء العالم العربي للأسف، وتشكل حاضنة للتكفير والتطرف والإرهاب.
لكن نداء السيسي يصطدم بحقيقة أن كثيرا من مؤسسات “الإسلام الرسمي” قد فقدت قدرتها على التأثير، بسبب التصاقها بالحكام وحرصها على “تكييف” الإفتاء وفقاً لمقتضيات السلطة وحاجاتها واولوياتها؛ ما خلق فراغاً مخيفاً، نجح “فقهاء الظلام” في ملء مساحات واسعة منه، وبات تأثيرهم على الأجيال الصاعدة، أعلى بكثير من تأثير المؤسسة الدينية الرسمية.
وينطبق ذلك على مؤسسة الأزهر، جامعة ومشيخة، فتقلب مواقف هذه الصرح العلمي بتقلب العهود التي تعاقبت على حكم مصر، أضعف كثيراً من تأثيرها ونفوذها ... واليوم، تشتد الحاجة لاستعادة هذه المؤسسة لصدقيتها واستقلاليتها التامة، حتى يتاح لها استعادة دورها وتأثيرها.
وعلى السيسي وغيره من الحكام العرب، أن يدركوا تمام الإدراك، أن الكلف المترتبة على إضعاف استقلالية هذه المؤسسات، أعلى بكثير من الكلف المتأتية على أية مواقف انتقادية قد تصدر عنها بحقهم، فمهما بلغ وقع “سلاح النقد” الذي قد يلجأ الأزهر إليه، سيظل أقل خطر من “النقد بالسلاح” الذي تمارسه تيارات الغلو وشيوخ التطرف.
وها نحن وصلنا في هذه المنطقة، إلى وضعية تشتد فيها الحاجة لإطلاق “ثورة إصلاح ديني”، من دون أن تكون لدينا الأدوات الفاعلة والمستقلة والمؤثرة في الرأي العام... ها نحن نذهب إلى حرب فكرية – ثقافية مع تيار الغلو والتطرف، من دون أن تكون لدينا الأسلحة والأدوات الكفيلة بالانتصار في هذه المعركة ... وما ينطبق على مصر، ينطبق على العديد من الدول والمجتمعات العربية، وفي ظني أن هذا هو ما يفسر (إلى جانب عوامل أخرى) عدم نجاحنا بعد، في كسب معركة القلوب والعقول، واستمرار قدرة الظلاميين والتكفيريين على التجنيد والتحشيد وكسب المؤيدين.
لا حدود للمجالات والميادين التي تبدو بأشد الحاجة للمراجعة والتصويب، بعد أن أغلق باب الاجتهاد لعقود وقرون طويلة، من الأحوال الشخصية إلى منظومة الحقوق والواجبات والحريات، إلى نظرية الحكم والدولة، فضلاً عن قضايا الحرب والسلام ونظرية الجهاد والعلاقة مع الاخر وفكرة العيش والتسامح وثقافة الحوار ومبادئ حقوق الانسان على اتساعها
إن واحدة من أسباب إخفاق تجارب حكم الإسلاميين في عدد من الدول والمجتمعات العربية، إنما يعود (من بين عوامل أخرى عديدة) إلى فشل الحركات الإسلامية في هذه الدول، في “عصرنة” و”تحديث” قراءتها للفكر الإسلامي، اما الدول التي ما زال الإسلاميون فيها قادرين على المشاركة في السلطة والتناوب عليها، فقد تميزت بوجود حركات، قطعت اشواطاً كبيرة على طريق المراجعة والتصويب وممارسة النقد والنقد الذاتي، وتقديم الحداثة على الأصالة، والمعاصرة على السلفية المعلبة، واعتمدت مرجعيات أخرى حداثية، إلى جانب مرجعيتها الإسلامية.
وأحسب أنه يتعين على هذه الحركات ومفكريها بخاصة، ألا يتوقفوا بمراجعاتهم عند “الشق السياسي” من عملهم وخطابهم، بل ان يذهبوا أبعد من خطاب “الإصلاح السياسي” للغوص عميقاً في مضامين “الإصلاح الديني”، وإيلاء جهد أكبر “للتنظير” لهذه التحولات، وإنتاج فقه إسلامي حديث وعصري.
الأمم التي تقدمت مرت بمخاض مرير ومديد من المراجعات والإصلاحات، بما فيها “ثورات الإصلاح الديني والكنسي”، ومن دون ان يضطلع بعضنا بهذه المسؤولية، سنظل نراوح في مكاننا، بين مد وجزر، خطوة للأمام وخطوتان إلى الوراء.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ثورة دينية» «ثورة دينية»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon