توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«دكتـاتـوريـــة ناشـــئــة»

  مصر اليوم -

«دكتـاتـوريـــة ناشـــئــة»

بقلم عريب الرنتاوي

يعيد السيد رجب طيب أردوغان انتاج السيرة الذاتية للاستبداديين العرب، الذين ما أن يصلوا إلى السلطة، حتى يشرعون في تصفية الأعوان و”الرفاق” والمساعدين، الواحد تلو الآخر، ودائماً باستخدام ذات الحجج والذرائع: التآمر على “القائد الضرورة”، وعدم القدرة على تمثّل رؤيته وأفكاره، والتي غالباً ما تكون، “سابقة لعصرها”؟!
قصة الخلاف بين أردوغان وتلميذه “غير النجيب” أحمد داود أوغلو، لم تعد خافية على أحد، وقد جرى تسريب بعض من فصولها وأسبابها خلال الأشهر القليلة الماضية، مع أن رئيس الحكومة المستقيل، نفى أن يكون على خلاف مع رئيسه، مثلما نفى أن يكون قد قصّر أو أخفق (فلماذا يستقيل إذن)، وتنبع بالأساس من “تغوّل” الرئاسة على صلاحيات الحكومة ورئاسة الحزب الحاكم.

الأصل، وفقاً للدستور التركي النافذ، أن رئيس الجمهورية يباشر ولايته بالاستقالة من حزبه، ويكتفي القيام بصلاحيات ذات طبيعة بروتوكولية لا أكثر ... أردوغان، بخلاف جميع رؤساء تركيا، كسر القاعدتين الدستوريين معاً: ظلَ زعيما حزبياً، يقود حملاته الانتخابية ويتولى تشكيل هيئاته القيادية ... وهو فوق هذا وذاك، صاحبة السلطات التنفيذية الأوسع، الذي يتدخل في كل شاردة وواردة في عمل الحكومة.
خلال السنوات الثلاث أو الأربع العجاف الأخيرة في تجربة العدالة والتنمية، بدا أن صدر “الزعيم” قد أخذ يضيق بالرأي الآخر في بلاده، حمل على المعارضة وقادتها، وحمّلهم ما فيهم وما ليس فيهم ... شنّ هجوماً مذهبياً ضارياً على زعيم المعارضة كمال أوكليتشدار باعتباره صوت “العلويين” في تركيا وسوريا ... طارد قادة الحركة الكردية، وصولاً للمقامرة بشن حرب أهلية في جنوب شرق الأناضول، والأرجح أنها ستستمر بملاحقة نوابهم والزج بهم في السجون، قاتل بشراسة لتحويل تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، ما أن انتقل من موقع رئيس الحكومة إلى منصب رئيس الجمهورية.

حملاته “المكارثية” ضد الصحفيين (عابرة للحدود وطاولت مؤخراً صحفيين ألمان) والقضاة ورجال المؤسسات “العلمانية الأخرى، توسعت لتشمل الحلفاء الذين حملوه على أكتافهم طيلة السنوات الماضية .... بدأ بحليفه الأقوى فتح الله كولن، واتهمه بالتآمر عليه وعلى تركيا، وشنّ أعنف حملات الاستئصال ضد “التنظيم الموازي” لاقتلاع مؤسساته واستئصال نفوذه ... “خان” رفيق دربه عبد الله غول، ومارسه ضد أبشع الألاعيب و”أصغرها” لضمان إبعاده عن قيادة الحزب والحكومة والرئاسة ... اعتمد على “التلاميذ” والتابعين، ممن لا قيمة لهم بأنفسهم، بل بولائهم لشخصه وتبعيتهم المطلقة لتعليماته، وما أن يفكّر أحدهم بشق طريق خاص، أو انتهاج موقف مغاير، حتى ينقض عليه ويتركه نسياً منسياً.

ثمة قراءة واحدة، وبكل اللغات تقريباً، لما حصل ويحصل في تركيا: الاستبداد يكسب جولة جديدة، وتركيا التي وصفت بـ “الديمقراطية الناشئة”، تسير على درب شقيقاتها الاستبداديات العربيات، صوب “الديكتاتوريات الناشئة” ... فالرجل الذي قامر بوحدة بلاده وسلامها الداخلي، من أجل حفنة إضافية من المقاعد في انتخابات الإعادة، لن يتردد في تدمير حزبه وتفتيته، إن اقتضت الضرورة، جرياً على عادة “القائد الضرورة” الذي يختصر الشعب بالحزب، والحزب بالعائلة والأتباع والمحاسيب، هؤلاء جميعاً بالأبناء والأصهار.

وكعادة الدكتاتوريات الناشئة، يتحول كل فشل في السياسة الخارجية، إلى مزيد من القمع والتأزيم في السياسة الداخلية، وتصبح “نظرية المؤامرة”، الأداة الوحيدة، لتحليل التطورات والأحداث والهزائم، وتتحول نظرية “الغاية تبرر الوسيلة” إلى منهجية عمل رسمية معتمدة، طالما أن الهدف هو بقاء “الزعيم” والحلقة المحيطة به من الأبناء والأصهار والمساعدين ... ومن تتبع السياسة التركية في السنوات العجاف الأخيرة، لا شك لاحظ أن أردوغان، هو أكثر زعماء العالم ميلاً لاستخدام “نظرية المؤامرة” لتفسير كل ما يجري في تركيا وحولها ... وأنه بدأ يتقن لعبة التنقل من خندق إلى خندق، في علاقاته وتحالفاته، ضارباً عرض الحائط بمنظومة المبادئ التي طالما أرهق أسماعنا لفرط ترديدها والتغني بها، ولعل تجربة علاقاته مع إسرائيل، على سبيل المثال لا الحصر، ما يكفي لتوضيح المسألة.

قلنا قبل سنوات ثلاث، أن أردوغان، بات عبئاً على تركيا بدل أن يكون ذخراً لها، والسبب طموحاته الشخصية وأحلام الزعامة والسلطنة التي “تعشش” في مخيلته، واليوم، يتضح أكثر من أي وقت مضى، أن تركيا وحتى حزبها الحاكم، يدفعان أفدح الأثمان لأبشع الأحلام.

GMT 07:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

رسائل البغدادي المفتوحة و«المشفّرة»

GMT 06:44 2019 الخميس ,02 أيار / مايو

واشنطن و «الاخوان»

GMT 12:16 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

هل ستدرك أنقرة ما تتمناه في شمال سوريا؟

GMT 07:28 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

"الاعتماد على الذات" من منظور أكبر

GMT 07:50 2017 الإثنين ,18 كانون الأول / ديسمبر

النظام العربي... ذروة جديدة في التهالك

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«دكتـاتـوريـــة ناشـــئــة» «دكتـاتـوريـــة ناشـــئــة»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon