توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انطباعات من القمة

  مصر اليوم -

انطباعات من القمة

بقلم : عريب الرنتاوي

يحق للأردنيين الفخر بقدرة بلدهم على توفير أنجح تنظيم للقمة العربية، وبالشروط العربية الممكنة، والتي نعرفها جميعاً ولا تخفى على أحد ... فمن حيث الشكل والتنظيم، جرت ترتيبات القمة من استقبال الوفود حتى وداعها على أرفع المستويات وأرقاها، واستمعنا لإطراءات من الوفود المشاركة تشيد بدقة التنظيم وحسن الاستقبال وسلاسة الفعاليات وسهولة الإجراءات، كل ذلك من دون تفريط باعتبارات الأمن والسلامة، في لحظة شديدة الدقة والحساسية.

ومن حيث التغطية الإعلامية، كان الإنجاز مميزاً، تظافرت في صنعه جهود الديوان والحكومة والإعلام الرسمي والخاص والأهلي، بكافة صنوفه وأنواعه ... يكفي أن كل مواطن في العالم العربي والمغتربات، كان بمقدوره أن يتابع كافة تفاصيل القمة، وعلى الهواء مباشرة، ولحظة بلحظة، وبالطريقة التي يريدها، وعبر الأداة التي يستخدمها ... مثل هذه النقلة النوعية في التغطية، لم تتوفر للقمم السابقة، والحضور الإعلامي الكثيف للغاية، شهادة إضافية للأردن كذلك.

ومن حيث التجسير بين الأفرقاء، تحوّلت أروقة القمة وقاعاتها، إلى مكان مناسب للقاء القادة المتباعدين سياسيين، جرت مصالحة مصرية – سعودية، وجرت لقاءات بين أطراف مشتبكة بملفات عديدة، وأمكن للفرقاء المتصارعين في حروب الوكالة المندلعة في غير ساحة عربية، من التحلّق حول مائدة القمة المستديرة، من دون أن يشعر أي منهم بأي حرج من أي نوع، إذ رغم وجود الخلافات واستمرارها، اكتمل النصاب السياسي للقمة، وسجلت أعلى حضور للقادة والزعماء بين جميع القمم العربية التي عقدت في السنوات الست الفائتة.

أما من حيث مضمون القرارات والنتائج الختامية، فتلكم ليست مسؤولية الدولة المضيفة، مع أن الدول المضيفة تستطيع أن تلعب دوراً تجسيرياً أو تفتيتياً، وبمقدورها أن تقدم هذه القضية أو تلك على جدول أعمال القادة العرب، بهذا المعنى، يسجل لقمة عمان، أنها نجحت في إعادة بعض الألق للقضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية الأولى، سواء في البيان الختامي أو المقررات، وأحسب أن ذلك لم يكن بمحض الصدفة المحضة، بل جاء كثمرة جهود أردنية وفلسطينية منسقة، استفادت من المناخات الإقليمية والدولية التي أعقبت انتخاب دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية.

فلسطين خرجت من القمة بما تريد، أقله على المستوى اللفظي، وفي أضعف الإيمان، خرجت بالحد الأدنى مما تريد، المهم أن محاولات إعادة صياغة مرجعيات جديدة للتفاوض و”عملية السلام” قد اصطدمت بأبواب القمة الخشبية الصلبة، لكن ذلك لا يمنع من إبداء القلق من مغبة استئناف هذه المحاولات، غداة انفضاض عقد القمة، وعودة الملوك والرؤساء إلى عواصمهم ... تلك مسألة تتخطى الدولة المضيفة، وتتجاوز الأطر المترهلة للعمل العربي المشترك.

سوريا، الغائب – الحاضر في القمة، حرص الأردن على ألا يذهب بعيداً في لغة الاصطفافات والتحشيد، فهي قضية موضع انقسام بين القادة العرب، وهناك من كان يفضل حضور الأسد، مع أن ذلك سيحجب حضور آخرين، وهناك من كان يفضل حضور المعارضة، مع كل ارتدادات قرار من هذا النوع ... الأردن اختار – أحلى الأمرين – فأبقى المقعد شاغراً، مع أن كافة رموز الدولة السورية السيادية، كانت حاضرة في قاعة المؤتمر وخارجه وفي كل الطرقات والمنافذ المؤدية لقصر المؤتمرات، أسوة ببقية الدول العربية، سيما وأن سوريا دولة مؤسسة في النظام العربي ... لم يكن بإمكان الأردن فعل ما هو أفضل من ذلك، دون المقامرة بانفراط عقد القمة.

توافق القادة على بيان ختامي ومقررات باتت معروفة، والفضل في ذلك يعود لساعات العمل الشاق والطويل التي بذلها الأردن من أجل تجسير الفجوات والتقريب بين المواقف، لكن الأردن ليس بمقدوره أن يضمن التزام جميع الدول بما صدر وتقرر، ولا بمقدوره أن يحول دون قيام كل دولة بمفردها أو مجموعة من الدول، بفعل ما تشاء، وتقدم ما ترغب به من أولويات صبيحة اليوم التالي للقمة ... ولقد كنا شهوداً على الكلام المبثوث “ما بين سطور بعض الكلمات”، وراقبنا عن كثب “لغة الجسد” كما عبر عنها رؤساء وأعضاء بعض الوفود، وانشغلنا بإحصاء المقاعد الفارغة عند إلقاء هذه الكلمة أو تلك، وكان ذلك بمثابة إشارة لا تخطئوها العين، إلى استمرار الخلافات العربية البينية، داخل القمة وبعدها، وتلك مسألة تتخطى حدود مسؤوليات الدولة الراعية والمضيفة.

العراق حظي بدعم عربي نادر، لم يحظ بمثله في القمم الأخيرة، ويعود الفضل في ذلك إلى تضحيات الشعب العراقي في حربه على الإرهاب، ونجاحات الدولة العراقية في إلحاق الهزائم المتتالية بداعش، ولولا بعض “التلطيشات” التي تقرأ ما بين سطور بعض الكلمات، لأمكن القول، أن إجماعاً عربياً قد تحقق خلف العراق ونصرة له.

وكذا الحال بالنسبة لليبيا، إذ ما أن تم التوافق على البند الخاص بشركة النفط الليبية، وما رافقه من سجال ليبي – مصري، حتى بدا أن الأمر قد حسم، وأن بعض التعليقات والانتقادات اللاذعة، لم تكن كافية لتعكير صفو التوافق العربي حول المسألة الليبية، أقله تحت قبة القمة، أما بعد ذلك، فقد اعتدنا في العمل العربي المشترك، أن نمضي صبيحة اليوم التالي لاجتماعاتنا، وكأن كلام الليل يمحوه النهار.

أما الموقف من اليمن، قبل القمة – وربما بعدها –فسيظل محكوما برؤية المملكة العربية السعودية والتحالف الذي تقوده، لكأن النظام العربي سّلم بنظريتي “المجال الحيوي”  و”المركز والمحيط”، فلا نقاش خارج مرجعيات المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والمساعي الأممية التي تدور في فلكها، وهذا موقف كنا مقروءاً منذ أمد، ولم تخرج القمة عن محدداته وضوابطه.

العلاقة إيران، كانت موضع خلاف مضمر، يقرأ ما بين سطور الكلمات، فمن داع إلى علاقات حسن جوار ومنظومة للأمن والتعاون الإقليمي على أساس القوانين الدولية والمبادئ المستقرة في العلاقات الدولية، إلى مندد ومدين بدورها في إثارة الفتنة ودعم الإرهاب، إلى متجاهل للملف برمته، إلى “مجيّش” و”محرض” على مواجهتها وقتالها إن لزم الأمر ... الحال حيال هذه المسألة، ظل على حاله.

خلاصة القول، لم يكن للقمة أن تخرج بأكثر مما خرجت به، وما كان لها أن تخرج بمثل هذه النتائج، لولا انعقادها في عمان، ولولا الدور المتميز الذي لعبتها الديبلوماسية الأردنية ... والقمة من قبل ومن بعد، قصة نجاح للأردن، أما مستقبل النظام العربي وقدرته على احترام مقرراته، فتلكم قضية أخرى، تتعدى الأردن وتتخطى حدود إمكاناته.

المصدر : صحيفة الدستور

GMT 00:22 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

دعوة عبدالله بن زايد: لا اتفاق جديد مع إيران بدوننا

GMT 00:07 2019 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

معركة شركة هواوي.. وبدء حروب المستقبل

GMT 05:46 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

عيون وآذان (أنغيلا مركل في هارفارد)

GMT 00:31 2019 الخميس ,06 حزيران / يونيو

ترامب يغير العالم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انطباعات من القمة انطباعات من القمة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon