توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«داعش» صناعة عربية – إسلامية بامتياز

  مصر اليوم -

«داعش» صناعة عربية – إسلامية بامتياز

عريب الرنتاوي

في التراث، ثمة قَصص وأساطير، عن كائنات خرافية وعجائبية ... بعضها مستولد من البرق والرعد، وبعضها هبط مع نجم أو نيزك،    القاسم المشترك في هذه الروايات، أنها تتحدث عن “لغز” عصي على التفكيك والإدراك، وعن قوى “خارجية” لا بيئة لها أو “سياق” بين ظهرانينا ... لسنا مسؤولين عن نشأتها، ولا نحن نتحكم بمآلاتهم، ولا قدرة لنا على التصدي لها.
مناسبة هذا “الاستدعاء”، ما نسمعه هذه الأيام، من حكايات وروايات، في نشأة “داعش” وتمددها، وتحولها إلى قدر مفروض على المنطقة، لا رادّ له، ولا قِبَلَ لنا به أو عليه ... قَصص يراوح بين “الشيطنة”و”الأسطرة”، تثير الاشمئزاز حيناً وتلهب مشاعر فئات شبابية مهمشة أحياناً ... من قائل بأنها “صنيعة” إيرانية – سورية، إلى آخر يردها إلى ، مصاف “المؤامرة” الأمريكية – الصهيونية، التي أعدت في ليل حالك وبهيم، تارة بهدف تقسيم المقسم، وتحويل كيانات سايكس بيكو إلى دويلات المذاهب وكانتونات الطوائف المتناحرة التي ستجعل من إسرائيل أكبر دولة / أقلية في المنطقة، وتارة أخرى، يحدثونك عن وظيفة داعش، في تبرير شعار “يهودية الدولة” الذي جعل منه نتنياهو شرطاً للسلام والتفاوض مع الجانب الفلسطيني.
والحقيقة أن “داعش” هي ابنة هذه المنطقة، ووليدة سياقها الاقتصادي – الاجتماعي – الثقافي – السياسي – الأمني التاريخي ... ، وهي ثمرة قراءة من قراءات الإسلام، تنحو لتكفير الدولة والمجتمع والمخالف من أتباع الديانات والمذاهب والمدارس الأخرى ... داعش، هي الابنة الشرعية “لفقهاء السجون والكهوف!!
ولـ “داعش” أخوات وأمهات في تاريخ العرب والمسلمين، القديم منه والحديث، وهي تنهل من حقب ومراحل في التاريخ العربي والإسلامي، ساد فيها العنف والاغتيال وحروب “الإخوة الأعداء”، فأكثر الصحابة والمبشرين بالجنة قضوا في حروب الردة ومعارك “الفتنة الكبرى”، وثلاثة من أصل أربعة خلفاء راشدين، قضوا اغتيالاً ... وحرمة آل البيت ومكانتهم، لم تمنع من تقطيع رؤوسهم وسبي نسائهم وحروب الملوك والخلفاء في العهود اللاحقة، أزهقت أرواح عشرات الألوف من المسلمين وغيرهم.
داعش” هي الابنة الشرعية لفشل الدولة العربية الحديثة في بناء دولة المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة ... داعش، وليدة أنظمة الركود والفساد والاستبداد ... داعش ثمرة مشاعر القهر الوطني والقومي، وتفشي حالات الفساد والفقر والبطالة والتهمش وانسداد آفاق العمل السياسي الديمقراطي والمشاركة الحقيقية في تقرير المصائر وصنع السياسات.
وتعيد “داعش” اليوم، ما بدأته القاعدة بالأمس ... لعبت على الجميع، ولعب الجميع بها وعليها ... واشنطن استفادت من “الجهاد العالمي” في حربها الباردة ضد “الخطر الشيوعي” زمن الحرب الباردة الدولية... وعواصم عربية لعبت بـ “داعش” ضد “الخطر الشيعي” في زمن الحرب الباردة العربية ... وتركيا لعبت بذات الورقة ضد نظام الأسد من جهة والحركة الكردية على اتساعها من جهة أخرى ... وإسرائيل ترقب وتتابع، بعين قلقة حيناً وغالباً بقدر من الارتياح لما تحدثه “داعش” من انهيارات في بنية الدولة والمجتمع العربيين، خصوصاً في الحواضر الكبرى، كسوريا والعراق، على أمل أن يمتد الحريق إلى مصر... وبهذا المعنى، فإن داعش، هي الثمرة المرة، لحروب المحاور والمذاهب والعواصم، التي لم تضع أوزارها بعد، منذ أزيد من ثلث قرن.
لكن كل ذلك، لا يجعل من “داعش” دمية في يد هذا النظام، أو أداة يتملكها ذاك المحور ... إذ بخلاف ذلك، يمكن القول إن لـ “داعش” درجة من الاستقلالية، لا تتمتع بها حركات ومنظمات أخرى كبيرة في العالم العربي، ولقد ضربت داعش، كما فعلت القاعدة، مثلاً قاطعاً في وضوحه، في الانقضاض على حلفاء الأمس، وقطع اليد التي مُدّت لها بالدعم المالي والتسهيلات اللوجستية والاستخدام الاستخباري ... ولم ينج أحدٌ ممن تورطوا في هذه اللعبة الخطرة، من تداعيات نظرية “انقلاب السحر على الساحر”، والباب ما زال مفتوحاً لفصولٍ صعبة جديدة في هذه اللعبة الدامية.
الذين يلقون بـ “داعش” خارج سياقنا ودواخلنا، إنما يفعلون ذلك عن جهل ورغبة بلهاء في تنقية الدين الحنيف من “رجس داعش”، أو عن خبث ومحاولة للتنصل من المسؤولية أو رغبة في “التوظيف” ... لكن هذه المقاربات، لا تساعد أبداً على استنباط الاستراتيجيات والبرامج الكفيلة بمواجهة “داعش” وأخواتها .... وتجعلنا نقف مشدوهين عاجزين عن تقديم الإجابات على الأسئلة التي يثيرها هذا التمدد السرطاني الكاسح للتنظيم ، فهل نخرج من هذه الثرثرة “واللغو” إلى فضاء التفكير العلمي المسؤول، الذي يتوخى فهم الظاهرة وتتبع سياقات تشكلها وتمددها، ويجترح الحلول لاحتوائها وتخليص مجتمعاتنا من شرورها؟

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» صناعة عربية – إسلامية بامتياز «داعش» صناعة عربية – إسلامية بامتياز



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon