توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عودة «الإسلاموفوبيا»

  مصر اليوم -

عودة «الإسلاموفوبيا»

عمار علي حسن



 

ما إن ضرب الإرهاب الأسود فرنسا، قتلاً وخطفاً وترويعاً، حتى بدأ الإعلام الغربى يشير بإصبعه إلى الإسلام، ويأخذ معه أعناق أغلبية الناس هناك قائلاً لهم: هذا الدين إرهابى بطبعه، ووسط هذا الضجيج تضيع كلمات رئيس الوزراء الفرنسى مانويل فالس حين قال: «لا نحارب ديناً ولا حضارة إنما نحارب إرهاباً».

إنها الصورة النمطية المغلوطة عن الإسلام والشرق التى تكرست مع حركة الاستشراق فى أغلبها ولا تزال تعيش وتتمدد رغم ثورة الاتصالات وتدافع الهجرات بين الشرق والغرب وتقدم مناهج البحث والدرس والفحص والتعلم. وهى الحركة التى أنتجت معرفة نعتها المفكر والناقد الكبير إدوارد سعيد بأنها «إنشاء» أى محض اختلاق كرّس ما يريد الغرب أن يرى فيه الشرق، ولم تعكس صورتنا الحقيقية، بعيداً عن الأساطير والتصورات المغرضة.

وهذا التصور لا يزال قابعاً فى العقل الغربى حتى فى نظرته إلى آدابنا وفنوننا، إذ لا يلتقط من الأعمال الأدبية، فى الغالب الأعم، إلا ما يغذى هذه الرؤية الساكنة فى ذهنه منذ قرون ولا تريد أن ترحل.

من هنا يستدعى الغرب فى سرعة خاطفة كل هذا الموروث والإرث كلما لحقه أذى من متطرفين يتخذون من الإسلام عقيدة سياسية لهم، أو يوظفونه بوقاحة شديدة فى تبرير القتل والتدمير الذى يشكل جزءاً أصيلاً من وسائلهم نحو تحقيق أهدافهم المريضة، ويبنون حوله سياجاً غليظاً من الأفكار والتصورات والآراء الفقهية المغلوطة، والتأويلات المعوجة والفاسدة للنص القرآنى، واستلهام تجارب تاريخية وقعت فى الزمن البعيد من الخلافتين الأموية والعباسية والتعامل معها باعتبارها صحيح الدين أو عموده الفقرى أو النماذج والأمثولات الأوْلى بالاتباع والتقليد.

وهذه الرؤية الغربية تمثل للأسف الوجه الآخر لما يؤمن به المتطرفون الإسلاميون، وفى مقدمتهم منظّر جماعة الإخوان سيد قطب الذى يرى الغرب فى كتبه، مثل «هذا الدين» و«المستقبل لهذا الدين» و«معركة الإسلام والرأسمالية»، على أنه «صليبى» و«عدوانى» و«حاقد» و«إلحادى» و«إباحى» و«مادى» و«استغلالى»، وهذه المصطلحات شاعت بإفراط فى كتابات وتصورات المتطرفين الإسلاميين حيال الغرب.

ولا يريد الغرب أن يفهم أن أكثر من يدفعون ثمناً باهظاً جرّاء أفعال الإرهابيين هم المسلمون أنفسهم، ففى يوم حادث باريس ضد محررى ورسامى جريدة «شارلى إيبدو» وقع حادث إرهابى مواز فى صنعاء قُتل فيه ضعف مَن قُتلوا فى فرنسا تقريباً. والشرطى «أحمد» الفرنسى قُتل فى معركة ضد الإرهاب يوم قُتل الشرطى «محمد» فى مصر بأيدى إرهابيين.

ومَن يعانى من أفعال تنظيم «داعش» الإرهابى فى العراق وسوريا أغلبهم من المسلمين، و«القاعدة» تضرب فى اليمن جنوداً ومدنيين مسلمين، وفى مصر يُقتل جنود وضباط من الشرطة والجيش أغلبهم من المسلمين، وتُزرع القنابل وسط المدنيين فى بلد تصل نسبة المسلمين فيه إلى نحو 93% من السكان. وعلى مدار عقود من الزمن، تحديداً منذ أن بدأ التنظيم الخاص لجماعة الإخوان المسلمين فى أربعينات القرن العشرين عملياته الإرهابية، وهناك مسلمون يُقتلون تباعاً على أيدى الجماعات الإرهابية التى قتلت نحو مائة ألف مسلم فى الجزائر خلال العشرية الدموية 1989- 1999، ويسقط كل يوم مسلمون فى ليبيا بأيدى التنظيمات الإرهابية التى تصارع على السلطة، وقُتل مسلمون أيضاً فى تونس والمغرب ونيجريا ومالى والصومال وأفغانستان وباكستان والسعودية والأردن... إلخ.

إن الإرهابيين ينطلقون، فى تبريرهم للقتل الذى لا يفرق بين أديان ضحاياهم، من النظر إلى المجتمع المسلم باعتباره مجتمعاً جاهلياً أو كافراً وبالتالى يستبيحون فيه الدماء والأموال والأعراض، وإلى المجتمع الغربى بوصفه «دار حرب» فى وجه «دار إسلام» حسب التقسيم السياسى القديم للعالم، وتأتى مسألة «الولاء والبراء» لتعمق هذا الانقسام الذى يتوهم فيه الإرهابيون أنهم هم الذين يمثلون صحيح الإسلام، ويعيشون فى هذه الكذبة، ويرتبون عليها كل سلوكهم الدموى التدميرى الذى يتنافى تماماً مع تعاليم الإسلام ومقاصده.

إن الإرهاب يستهدف الجميع، وبالتالى يجب أن يتحد الكل فى وجهه، وهم مدركون الفارق الهائل بين الإسلام كدين ينص القرآن على أنه رسالة رحمة للبشرية جمعاء، وبين أفكار تعشش فى رؤوس المتطرفين وتدفعهم إلى ارتكاب أعمال إرهابية وجرائم منظمة ضد الناس يرفضها الإسلام والأغلبية الكاسحة من المسلمين.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة «الإسلاموفوبيا» عودة «الإسلاموفوبيا»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon