توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سلطة الأدب (2-2)

  مصر اليوم -

سلطة الأدب 22

عمار علي حسن

... ويرى الماركسيون الجدد New Marxists أن انغماس المثقف فى البناء العلوى المنظم من قبَل الدولة يُفقده استقلاله، ولا يصبح عضواً فى الطبقة الوسطى، بل مجرد أجير، ينتمى للبروليتاريا. وهناك اتجاه ثالث، يقوده كارل مانهايم، يرى أنه يمكن النظر للمثقفين باعتبارهم فئة بلا انتماء طبقى محدد، إذ إنهم يتشكلون من مختلف الطبقات الاجتماعية، ولذا فإن أفكارهم ليست نابعة من تحيز طبقى، كما هو الحال بالنسبة للعمال وأصحاب العمل. وهذا الوضع يمكّن المثقف من النظر للأمور بطريقة محايدة.

لكن بقدر ما يستمد الأدب جزءاً من سلطته من السلطة الاجتماعية للمثقف، فإن الأخير، وفى المقابل، يساهم أحياناً فى الحد، ليس من سلطة الأدب، فحسب، بل من سلطة المعرفة ذاتها، وذلك حين يتمكن السياسى من تدجين الأديب، واجداً ما يسمى بأدب السلطة. فالسياسى مهتم أساساً بالأدب المؤسسى، أو الرسمى، الذى يكرس ما هو قائم، وهو أدب المديح، كما يسمى فى تاريخ الأدب العربى؛ ليتحول الأديب إلى بوق إعلامى، ويفقد أى هامش من الحرية، مهما كان ضيقاً.

وهذا ما يمارسه الأديب المنصاع والانتهازى، والحالم بالسلطة، والسياسى الذى دخل لمجال الأدب عنوة، ليوظفه فى خدمة أغراضه السياسية. ولا يقتصر هذا الأمر على سياسيى الأنظمة المحافظة، بل يمتد إلى نمط الحكم الثورى، الذى يرى فى الأدب قوة من ضمن القوى الأخرى التى يجب أن توضع فى خدمته، ألا وهى قوة التحريض والترويض، قوة الإعلام التى تحرك الرأى العام وتوجهه. فالخطابة هى الجنس الأدبى الأقرب إلى ذوق الثوار، حيث إنها ذات تأثير مباشر فى الجماهير. والخطابة، فى طريقتها ومضمونها، ما هى إلا لغة أدبية ذات طبيعة شعرية من حيث اعتمادها على الاستعارة والكناية.

فى كل الأحول يتيح الأدب، بوصفه شكلاً للإنتاج الثقافى، أكثر من غيره للكتاب أن ينتقدوا الأوضاع القائمة دون أن يتركوا وراءهم دليلاً ملموساً يعرضهم للمساءلة أمام القوانين الكثيرة التى تسنها السلطة لحماية نفسها وتكريس وجودها والدفاع عن مصالحها المادية. ولذا سيظل أداة مهمة فى يد المثقفين فى مواجهة السلطة فى كل زمان ومكان.

لكن الأدباء ليسوا جبهة واحدة فى مواجهة السلطة، ومن ثم فإن إنتاجهم لا يمثل كله بالضرورة أداة لكبح جماحها، فمن بينهم من له مصالح اقتصادية واجتماعية يحرص عليها، ومن بينهم من يخشى على نفسه من بطش السلطان، ولذا فإنه يلجأ لتطبيع علاقته معه. وهنا يفرق الناقد الماركسى جورج لوكاتش بين ثلاثة أنواع من الأدب، تمثل دوائر متقاطعة فى الغالب، الأول أدب الدفاع عن النظام القائم وتقريظه. وهذا النوع يكون أحياناً معادياً للواقعية الأدبية معاداة صريحة، ويلبس أحياناً ثوباً واقعياً مزيفاً. والثانى أدب «الطليعة المزعومة»، وهو يبتعد عن النزعة الواقعية، ويحرص على تصفيتها، على الدوام. والثالث أدب «الواقعيين الكبار»، الذين يسبحون ضد تيار الأدب الذى تتبعه الفئتان المذكورتان آنفاً.

ولا يقتصر الأمر على أدب النخبة فقط، من شعر وقصة ومسرح، بل يتجلى بشكل أوضح فى الأدب الشعبى. فالمواويل والأمثال والسير والأغانى التى تجود بها القريحة الشعبية تمثل منفذاً للبسطاء ينتقدون منه الأوضاع الاجتماعية التى لا تروق لهم، ويسخرون من السلطة التى لا تعدل بينهم، ويحلمون بحياة أفضل من تلك التى يعيشونها.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلطة الأدب 22 سلطة الأدب 22



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon