توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رحلة الضباع (1 - 2)

  مصر اليوم -

رحلة الضباع 1  2

عمار علي حسن

هذه روايتان فى واحدة، أو درة مكنونة فى صدفتين، الأولى هى علاقة زوجية غير متكافئة، والثانية أحوال مهنية واجتماعية وسياسية قاسية ومضطربة، وبالتالى نكون أمام ثلاثة نصوص متباينة، الأول حين تكتب هى حكاية توارثتها البنات من الأمهات بلغة تراثية غارقة فى البلاغة والإحكام تناسب ولعها بـ«ألف ليلة وليلة»، وشكسيبر، والثانية حين يروى هو بلغة لا تخلو من عذوبة تتماشى مع كونه كاتباً ومحرراً يعمل بصحيفة متخيلة سمتها المؤلفة «أندلسية»، والثالثة حين يتحاوران معاً بلغة يومية دارجة يستعملها الناس فى حياتهم اليومية المفعمة بالأوجاع والمسرات، أو يدير هو علاقاته برئيس التحرير، المتحيز له، وزملائه باللغة ذاتها.

قد يظن من يقرأ رواية د. سهير المصادفة «رحلة الضباع»، التى صدرت طبعتها الثانية عن «دار سما» مؤخراً أنها كانت قد فرغت من كتابة رواية قصيرة تحاكى فيها الكتب القديمة أو تناظرها ثم أرادت أن تلبسها رداء حكاية من أيامنا لا تختلف عن تلك السارية والجارية فى بيوت الموظفين، وعالم الصحافة والكتابة. لكن من يمعن النظر يدرك أن الكاتبة دبرت ما أرادت أن تبدعه بوعى منذ البداية، محاولة أن تجدد فى الشكل، بقدر ما تجرب فى اللغة وتعدد الأصوات داخل النص، وفى الوقت نفسه تقدم تصوراً نسوياً يرفع كل بطلاتها، ما عدا واحدة، ويحط من شأن كل الأبطال بلا استثناء، ويجعل روايتها فى معناها المباشر حكاية عن امرأة مثالية ورجل وغد.

فعلى مستوى الرؤية، يكفى أن الكاتبة قد وزعت سمات «الضباع» على بداية الفصول، قاصد به الزوج الذى يفترس زوجته ويظن أنه لم يبق منها شىء، ثم يفاجأ بتحققها بعد طلاقه لها، إثر عقمها الذى لا يرجى منه شفاء، حين يشاهدها ثائرة فى «ميدان التحرير»، وقبلها حين يتابعها من مكان عمله عبر كاميرات سرية فى شقته فيجدها منهمكة فى كتابة قطعة فنية عميقة يعجز هو عن إبداع مثلها، بدلاً من مقالاته التى لا يقرأها أحد، وكأنه يترك المساحة التى يشغلها من الصحيفة بيضاء ناصعة، ثم حين تتزوج برجل أفضل منه، لا يجبرها مثله على ارتداء النقاب والعزلة المميتة بين جدران أربعة، بل يحفز طاقتها الإبداعية، ويشجعها حتى تعوض ما فاتها حين كانت محبوسة فى جدران بيت الزوج الأول.

فى ثنايا الرواية ينعت الزوج زوجته المثقفة الصبور المنظمة النظيفة المثقفة الوديعة بكل الصفات السيئة رغم أنه قد تزوجها عن حب، فيراها كما يرد فى مواضع عديدة من الرواية «العاهرة» و«الفاجرة» و«الحشرة» و«كومة اللحم الأملس» و«الحيوانة الصغيرة»، ويصف زوجته الأخرى بـ«السوقية» و«البقرة» و«الغريبة».

ولا يقف الأمر عند زوجتيه، بل تنبع رؤيته لهما من تصور أشمل لديه حول جميع النساء، فها هو يقول: «لطالما آمنت بأنه لا يفل النساء إلا النساء، ولطالما حلمت بأن يتحد كل رجال العالم، فيتركونهن ينتفن شعر بعضهن بعضاً، وينهشن بعض لحمهن البعض، ومن سيتبقى منهن سيكفى كل رجال الدينا». وفى مكان آخر يتساءل: «ألم يكن العرب أذكياء بدرجة كبيرة عندما اكتشفوا فى الجاهلية أنهم لن يستطيعوا التخلص من فتنة المرأة وعارها إلا بوأدها حية بمجرد ولادتها. أنا لم أفهم أبداً ما أهمية المرأة فى الحياة، ذلك المخلوق البائس المكون من أعضاء لا تصلح كلها إلا للجنس والولادة». ويقول أيضاً: «النقود فى حقائب النساء مفسدة لا يدرى سوى الشيطان فيم يمكن أن ينفقنها».

فى المقابل، فإن زوجته الأولى لا تسبه بشىء، بل تروضه بأنوثتها المتفجرة، وتضمن له فى بيته السكينة، وتبذل جهداً فائقاً فى سبيل الحفاظ عليه، دون أن تهضم حقه فى أن يكون له ذرية، وتبيع سيارتها من أجل أن يشترى هو سيارة جديدة، وتضحى بمستقبلها التعليمى، حيث كان بوسعها أن تواصل دراساتها العليا كخريجة متفوقة فى كلية الآداب، لتصير فى هيئتها الجميلة وتصرفاتها المتزنة بطلة «إشكالية» لا يملك القارئ إلا أن يتعاطف معها، وقد يولع بها، ويبحث عن مثلها فى دنيا الآدميين.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحلة الضباع 1  2 رحلة الضباع 1  2



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon