توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ذكرى «محمود درويش» (1-2)

  مصر اليوم -

ذكرى «محمود درويش» 12

عمار علي حسن

فى التاسع من أغسطس سنة 2008 رحل الشاعر الكبير محمود درويش مكتملاً، وحط عن كتفيه وطنه المثخن بالجراح ودفاتر شعره المفعم بالألم والأمل. مر إلى محطته الأخيرة فوق جسر عريض يصل الأدب بالسياسة ويربط الحداثة بالقضية، وعلى جانبيه ترفرف أزهار شعره الفياض الأخاذ الموشّى ببلاغة آسرة وجمال بديع. وشاء الله أن يحط «درويش» رحاله الآن، قبل أن تراوده لعبة الفراغ أو يساوره شك فى أن الشعر الخالص يكون بالضرورة مجرداً من أى أثقال وأحمال والتزامات، وأن الشاعر الكبير هو الذى يسير إلى العالم فوق حطام الأطر العامة والسرديات الكبرى، داهساً بقدميه الأفكار والأوطان والقيم وكل حبل سرى يربط الفرد بجماعته، وأن الوصول للعالمية يتطلب فك الارتباط بمسار الماضى المشحون بحب عصافير الجليل، والجلوس فوق هامة جبل الكرمل، والذهاب إلى ما وراء البحار بعينين لا يرتد فيهما ظل العلم، وفم لا يعذبه النشيد، وأقدام لم يعفرها يوماً تراب الوطن.

ورغم أن «درويش» لم يسقط يوماً بشعره إلى هوة الدعاية الرخيصة، والوعظ البائس، والأيديولوجيات الجامدة التى تقتل أدبية الأدب وفنية الفن، فقد أخذ قبل شهر من رحيله يفكر فى أن يجرح الشريان الذى ربطه بالناس من المحيط إلى الخليج، وينزع بعض لبنات من الجدار الذى استندت إليه تجربته الشعرية كلها واستراحت، مدفوعاً بقنوط من المقاومة التى أغوتها السلطة، والسلطة التى استعبدها الفساد، والأخوين اللذين التقيا بسيفيهما. وقف «درويش» فى آخر أمسية أحياها بمدينة «إرل» الفرنسية ليعلن هجره السياسة ووصله الشعر، ناسياً أن الأولى كانت لديه المادة الخام التى أطلق فى أوصالها سحر اللغة، وفتنة الصورة، وطرب الموسيقى؛ ليصنع شعراً غير مسبوق فى تاريخ العرب المعاصر، منح صاحبه وظيفة حياتية، ونحت له دوراً ظاهراً، وأفسح لقدميه مكاناً مريحاً فى الزحام، حتى صار رمزاً مكتمل الملامح لوطن عصى على الاقتلاع والفناء، وخريطة تزهو فى الذاكرة وتصل الماء بالماء مهما تآكلت حدودها، وطمست معالمها. كاد «درويش» أن ينسى فى لحظة عابرة أن قلوب العرب استضافته واحتضنته وعقولهم قد عولت عليه بعد أن أنشدهم كلمات أقوى من القنابل، ودماً بوسعه أن ينتصر على السيف، وضحية تعذب الجلاد، وسجيناً أكثر سعادة من السجان. ولم يكن أحد بوسعه أن يغفر له لو خلع رداءه وذهب إلى العالم مجرداً من الحجر والكوفية والحصان والطريق، ولم يكن للذين رفعوه فوق أكتافهم حتى طاولت هامته السماء أن يتركوه قائماً لو أنه أشعل النار فى قصائده المكتوبة بالدم والعرق والغرين وزيت الزيتون، واستمع إلى من حاولوا إيهامه بأنه ضحية «القضية» وأن «فردوس الحداثة» لا يدخله إلا من ترك كل شىء وراء ظهره.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكرى «محمود درويش» 12 ذكرى «محمود درويش» 12



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon