توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خيارات «الشيعة العرب» (1 -2)

  مصر اليوم -

خيارات «الشيعة العرب» 1 2

عمار علي حسن

فى ريعان شبابه، وقبل أن تملأ إبداعاته الأسماع والأبصار، ذهب الشاعر العراقى الكبير محمد مهدى الجواهرى، ليتسلم وظيفة مدرس ابتدائى، لكن المفكر القومى الكبير ساطع الحصرى، وكان مسئولاً عن التعليم فى العراق آنذاك، رفض طلبه، ورده خاسراً، لأن الجواهرى، شأنه فى هذا شأن العديد من العشائر والعائلات الشيعية، كان يرفض التقدم بطلب للحصول على الجنسية العراقية، ويفضل «الجنسية الإيرانية» بدعوى أنها تحميه من بطش العثمانيين «السُّنة» وضرائبهم الباهظة، وتجنيدهم الإجبارى، وهكذا بدأ كثير من العراقيين يتحولون من «التسنن» إلى «التشيع».

هذه الواقعة العارضة سُلطت عليها عدسة مقعرة، فساحت فى الزمان والمكان، وبدت لدى كثيرين، ممن لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتحرى، ملخصاً وافياً لموقف الشيعة العرب من «القومية»، بل من الانتماء والولاء لأقطارهم التى يعيشون على أرضها، ويستظلون بسمائها، لكن الحقيقة التى تقوم على معرفة ما جرى قبل واقعة الجواهرى وبعدها، تقول بجلاء ووضوح إن مثل هذه الانطباعات خاطئة، وجائرة فى الوقت نفسره. أو هكذا كانت حتى تمكنت إيران من رقبة العراق، وحولت احتلال أمريكا له إلى احتلال إيرانى ناعم بذاته، وخشن بسياسة الأتباع فى بلاد الرافدين.

فى حقيقة الأمر، فإن التشيع فى العالم العربى سابق على التشيع فى إيران ومختلف عنه فى كثير من التصورات والتصرفات، فالتشيع لسيدنا علىّ بن أبى طالب، كرم الله وجهه، فى جزيرة العرب بدأ قبل دخول الفُرس الإسلام. وفى هذا الوقت كانت إيران مجوسية. فلما فتح المسلمون العراق وفارس، مالت قبائل عربية هناك إلى اعتناق التشيع، بينما ظلت الغالبية الكاسحة من الإيرانيين تعتنق المذهب السُّنى، باستثناء قم، إلى أن تم تحويلهم قسراً سنة 1500 م حين أُعلن التشيع مذهباً رسمياً للدولة الصفوية، بل إن الشيعة لم يصبحوا أكثرية فى العراق إلا فى القرن التاسع عشر، حين استقرت معظم القبائل البدوية على أرض الرافدين، وتشيعت.

من الناحية النظرية، هناك خلاف بلا شك، يتجسد أساساً حول المرجعيات، إذ يعتز غالبية الشيعة فى العراق بإمامة النجف الأشرف، باستثناء أتباع «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» الذين خضعوا لمؤثرات إيرانية، فى السياسة والمذهب الدينى.

وإذا كان المراجع الكبار لشيعة العراق، مثل: آيات الله على السيستانى ومحمد إسحاق فياض، وحسين بشير الأفغانى، ومحمد سعيد الحكيم، من أصول إيرانية، فإن مسلكهم يختلف كثيراً عن نظرائهم فى إيران، من زاوية ابتعادهم عن لعب أى دور سياسى، وتفرغهم للمسائل الدينية البحتة. وإذا كانت اجتهادات وسلوك الإمام محمد صادق الصدر اقتربت من شيعة إيران فى الإيمان بمبدأ الولاية العامة للفقيه، فإنه أقام هذا الفهم على أرض مختلفة، إذ لعب دوراً كبيراً فى بلورة الهوية العربية لشيعة العراق، عبر إنشاء الحوزة الناطقة، التى أنزلت رجال الدين من برجهم العاجى، ليعايشوا الناس، ويقفوا على أفراحهم وأتراحهم، وكذلك من خلال تقريب الحوزة والمرجعية من القبائل والعشائر العربية، وإحياء شعيرة الجمعة بعد طول إغفال، تحت شعار راسخ فى أذهان شيعة العراق، وهو «نعم نعم للحوزة.. نعم نعم للجمعة».

وجاءت الحرب العراقية - الإيرانية التى دارت رحاها من 1980 إلى 1989 لتظهر متانة الانتماء الوطنى لشيعة العراق، إذ شكلوا أغلبية جنود سلاح المشاة، وقاتلوا الإيرانيين بضراوة دفاعاً عن بلدهم، جنباً إلى جنب مع أتباع المذهب السنى. وكان «الصدر» يرى أن الشروط الاقتصادية والسياسية التى تقف وراء الثورة الإيرانية غير متوفرة فى العراق، ويدعو الناس إلى الإخلاص لوطنهم.

وسعى الإمام موسى الصدر إلى بلورة هوية خاصة للتشيع فى لبنان، رغم تأثره بالتجربة الإيرانية ومواءمة التجربة الشيعية العراقية مع نظام سياسى مستبد مع انحيازه إلى قضايا العروبة، وفى مقدمتها قضية فلسطين. وحاول الصدر التوفيق بين المذاهب الإسلامية، وانحاز بشدة إلى الانتماء العربى للبنان، ودوره فى الصراع ضد إسرائيل، وسخّر فى هذا منظومة القيم الدينية الشيعية، مثل التضحية بالمال والنفس ومساندة المحرومين. ودافع فى طروحاته عن وجهة نظر تؤكد أنه لا تعارض بين خصوصية لبنان وقوميته العربية، ولا تنافر بين التشيع والانتماء للعروبة. وشهدت هذه الأفكار وغيرها طريقها إلى تطبيق عملى، تجسد فى كفاح «حزب الله»، وحركة «أمل» فى لبنان ضد إسرائيل، حتى أُجبرت على الخروج الذليل من جنوب لبنان فى مايو 2000، ثم الصمود الأسطورى فى وجهها خلال حرب صيف عام 2006، قبل أن يفسد الأمر برهن إرادة قطاع من اللبنانيين لمشيئة إيران، وإظهار ذلك بعد طول مواراة ومداراة، بل والتباهى به.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات «الشيعة العرب» 1 2 خيارات «الشيعة العرب» 1 2



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon