توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اسمه «جمال عبدالناصر»

  مصر اليوم -

اسمه «جمال عبدالناصر»

عمار علي حسن

«عمل حاجات معجزة/ وحاجات كتير خابت/ وعاش ومات وسطنا/ على طبعنا ثابت/ وان كان جرح قلبنا/ كل الجراح طابت».. هكذا رثى الشاعر الكبير الراحل أحمد فؤاد نجم الرئيس جمال عبدالناصر، الذى تجدد الحديث عنه فى الذكرى الثانية والستين لثورة يوليو، معبراً باقتدار عن مسيرة زعيم عربى عظيم، كلما تملكنا غضب منه لجلبه العسكر إلى السياسة فى بلدنا، وإجهاض التجربة الليبرالية الوليدة، والهزيمة من الكيان الصهيونى فى عام ١٩٦٧، والزج بالمعارضين فى السجون والمعتقلات؛ غلبنا حنين له، وحب جارف لمقامه ووطنيته ومسعاه وطموحه وكبريائه وأعماله ومساره ومسيرته، حين نقارن زماننا بزمانه، وكثيراً من أفعاله وإنجازاته بما جرى بعده وما يتم حالياً.

ونجد أنفسنا متأرجحين حيال عبدالناصر، بين «بطولته» و«هزيمته»، فنمعن النظر فى وصف نجيب محفوظ له بأنه «البطل المهزوم»، لكننا نستشيط غضباً كلما حاول أعداؤه أن يهيلوا التراب عليه، وعلى عهده، ويكبر فى أعيننا حين نقرأ حالياً أرقاماً عن عدد المعتقلين الرازحين فى غياهب السجون، ومعدلات الفقر، واتساع الهوة بين الطبقات الاجتماعية فى مصر، ونسيان الاحتفال بعيد الفلاح، وتشريد العمال من المصانع، وفتح الباب على مصراعيه أمام رأس المال الطفيلى، ليتوحش، ويستشرى، ويجرف فى زحفه غير المقدس قيماً ومعانى ومصالح أناس مستورين، لا يمكن أن يكونوا أبداً عالة على الحياة.

وتسمع آذاننا نداء الناس على «عبدالناصر» فى الملمات التى تصيب العرب من المحيط إلى الخليج، ونقول لأنفسنا إنه لم ينجح فى إقامة الوحدة العربية، وفشلت تجربة الوحدة بين مصر وسوريا فقط، لكنه زرع فى العرب حلم التوحد، وجعلهم فى لحظة تاريخية خاطفة قبلة سياسية للعالم الثالث بأسره، ورقماً ذا بال فى المعادلات الدولية، ولولا التآمر عليه من قبَل القوى الدولية الغربية، كما سبق التآمر على سابقه محمد على، لحقق عبدالناصر الكثير من أحلامه المشروعة.

ثم نعود لنسأل أنفسنا: هل قام عبدالناصر بثورة، أم كان ذلك انقلاباً عسكرياً بحتاً؟ ونجيب إجابة توفيقية أو تلفيقية، لا ندرى، ونقول إنه قام بـ«انقلاب ثورى»، بدأه حفنة من العسكر، غامروا وأسقطوا الملكية، وجلبوا لمصر الاستقلال بعد رحيل المستعمر الإنجليزى، ثم التفتوا إلى الناس، فسُن قانون الإصلاح الزراعى الذى وزّع الأرض على الفلاحين، فتحولوا من أجراء إلى ذوى أملاك، وصدر قانون التأميم فاستولت الدولة على كثير من المؤسسات والشركات الخاصة، وفتحتها أمام العمال بلا حدود، وأمّنت لهم أوضاعاً جديدة تحفظهم من ظلم أصحاب العمل. ودخلت الدولة بقوة فى عملية التصنيع فعمّقته، واهتمت بأن تفتح طريق مصر أمام امتلاك صناعات متعددة، خفيفة وثقيلة، أو «من الإبرة إلى الصاروخ». وكل هذا أحدث تغييراً اجتماعياً كبيراً وفارقاً، كمثل الذى حققته الثورات فى مناطق عدة وأزمنة عديد، ومن ثم فإن بوسعنا أن نقول على ما جرى فى ٢٣ يوليو من عام ١٩٥٢ إنه كان «ثورة»، خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار أن مصر فى زمن عبدالناصر ألهمت العرب والعالم الثالث نعمة الاستقلال عن المستعمر الأجنبى، ونعمة «عدم الانحياز» إلى القوى الكبرى الطاغية الباغية، التى تريد دوماً أن تقسم العالم بينها، كأنه شطيرة خبز أو كعكة لذيذة.

لكننا نندهش من الانهيار السريع لمكتسبات هذه الثورة «البيضاء»، بعد قرار الانفتاح الاقتصادى الذى اتخذه الرئيس أنور السادات، وسماه الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين «سياسة السداح مداح». ونستغرب الكلام الذى قاله باحث إنجليزى اسمه ووتر برى فى كتابه «مصر بين عهدين: ناصر والسادات» من أن القطط التى سمنت فى زمن عبدالناصر هى التى ضغطت على السادات كى يفتح الباب أمام الاقتصاد الحر، ثم نستهجن ما جرى أيام حكم مبارك تحت مظلة «الخصخصة» التى أطلق عليها ظرفاء المعارضة وبسطاء الناس «مصمصة»، حيث لا تدبير ولا تخطيط جيداً أو أفق جلياً لمسيرة الاقتصاد المصرى حتى هذه اللحظة. ويقول بعضنا، وهو يرى المصانع والشركات التى أممها عبدالناصر وشيدها تباعاً واحدة تلو الأخرى: لو كان ما فعله الزعيم شيئاً حقيقياً وكبيراً ما ضاع كقبض الريح. ويتساءل النابهون: أكان من الممكن إصلاحها بدلاً من بيعها. فيرد آخرون: لقد نهبها كبار الموظفين وتركوها قاعاً صفصفاً، وحولوها إلى عزب خاصة، أسوأ مما كان عليه الحال قبل الثورة بكثير، وهو وضع لا يزال قائماً، ولن يكفيه اكتفاء الرئيس عبدالفتاح السيسى بحديث الذكريات فى ذكرى يوليو.

إلا أن هذا الأخذ والرد، والخلاف مع النفس، ومع الغير، لا يجرح أبداً اتفاقنا جميعاً على أن عبدالناصر كان نزيهاً، لم يسرق مليماً واحداً من المال العام، وكان فارساً شرد منه جواده، ومغامراً جسوراً، وحالماً كبيراً، مات لكن الحلم لم يمت.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اسمه «جمال عبدالناصر» اسمه «جمال عبدالناصر»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon